نتنياهو يقضي على إمكانية تقسيم القدس

حجم الخط

بقلم: نداف شرغاي


من الأفضل أن يأتي متأخراً على ألا يكون مطلقاً: بعد سبع سنوات من التجميد في جفعات همتوس و15 سنة تجميد في E1، بين معاليه ادوميم وبين القدس – وهي أراض ضمن الاجماع الاسرائيلي – أعلن رئيس الوزراء نتنياهو عن إلغاء تجميد البناء هناك.
ان اهمية الخطوة هائلة، وبعيدة الاثر، وهي تتجاوز سياسة عشية الانتخابات، بل تتجاوز الاستجابة لضائقة السكن في القدس. انها تشذ عن الفرضية الواضحة بان دولة تحترم نفسها لا يفترض أن تسلم باملاءات من رئيس اميركي (اوباما) ومن مستشارة المانية (ميركيل) على مدى سنوات طويلة بهذا القدر. فالخطوتان هما على اهمية استراتيجية عظيمة؛ خطوات تغير الواقع، وتحطم التعادل في الصراع السياسي على مستقبل القدس.
ان بناء حي اسرائيلي في جفعات همتوس، على مسافة 300 متر فقط من الخط الاخضر الذي قطع القدس ذات مرة، سيمنع الربط بين بيت صفافا وصور باهر. وسيحبط البناء امكانية ان يصبح نسيج مديني فلسطيني في هذا المقطع في المستقبل جزءاً من المجال الذي يخصصه الفلسطينيون لعاصمتهم. فالحلم الفلسطيني الذي لم يخفَ أبدا هو ربط شرفات وبيت صفافا اللتين تطلان على منطقة حي المالحة، بل قطع وعزل حي غيلو عن تلبيوت والبقعة.
ان جفعات همتوس هي "الثقوب" الاخيرة في المجال المقدسي – الاسرائيلي الذي أمل زعماء الفلسطينيين بربطه ببيت لحم، وهكذا خلق رواق يبقي على قيد الحياة خيار شرقي القدس عاصمة الدولة الفلسطينية. وساعد الرئيس براك أوباما والاتحاد الأوروبي في ذلك لسنوات طويلة. اما العطاء لبناء 1077 وحدة سكن اولى في جفعات همتوس، والذي نشر، هذا الأسبوع، فانه يخنق، هكذا كان ينبغي الامل، هذا الحلم، حلم تقسيم القدس.
تسعى دولة إسرائيل لخلق تواصل خاص بها على طول حدود الحكم الجنوبي للقدس – من هار حوما عبر جفعات همتوس وحتى غيلو وتلبيوت. والهدف واضح: الحفاظ على وحدة القدس ومنع تقسيمها.
كما أن بناء الحي اليهودي بين معاليه أدوميم والقدس في (E1) – اذا ما تحقق بعد إيداع واستكمال إجراءات الإقرار – هو بشرى كبرى لـ "القدس الكبرى". هنا أيضا، يسعى الفلسطينيون لخلق تواصل مديني خاص بهم، يربط شمال الضفة بجنوبها. هذا التواصل الفلسطيني المخطط له يقطع التواصل الإسرائيلي من الغرب الى الشرق، ومن شأنه أن يحبط ربط معاليه أدوميم بالقدس.
ان المفتاح بين المدينتين، حيث يمر أيضا طريق الشريان المركزي بين القدس وبين معاليه أدوميم، آخذ في التقلص مع السنين. الزعيم وعناتا تقتربان الواحدة من الأخرى في ميل لوقف المنطقة E1، وكذا البدو يقضمون الأرض. ورغم ذلك، وبسبب الضغط الأميركي، تمتنع إسرائيل منذ سنين عن البناء في E1، "الجسر" بين معاليه أدوميم والقدس.
وحتى في خريطة اهود أولمرت، المتنازل بين رؤساء الوزراء بالنسبة للقدس ومحيطها، كان يفترض بهذه المنطقة ان تبقى إسرائيلية. "أرى في حلمي"، قال أولمرت ذات مرة، "ليس كأمر بعيد بل كواقع حياة، كل الطريق من معاليه ادوميم الى القدس وكل الطريق من القدس الى معاليه ادوميم كتواصل مديني واحد، لا يتوقف". وبسط رئيس الوزراء الحالي نتنياهو الأمور حتى اكثر من ذلك: "اريد أن اخلق تواصلا للقدس الكبرى من الغرب الى الشرق، ويريد الفلسطينيون ان يخلقوا تواصل بناء من الشمال الى الجنوب، واحد ما سيتغلب على احد ما. هم لن يتنازلوا، هم يسعون الى خنق القدس من جهة وفصلها عن معاليه ادوميم من جهة أخرى. نحن ملزمون بان نتغلب عليهم وان نبي في E1".
لقد كان الجمود في E1 هو الأطول، والأكثر إيلاماً وإهانة من كل حالات الجمود. ينبغي فقط الامل في أن ينتهي حقا، والا يبقى بيان نتنياهو، هذا الأسبوع، بمثابة وعد انتخابي وكلمات تطير في الهواء، بل تترجم الى أفعال حقيقية، على الأرض.

عن "إسرائيل اليوم"