بقلم: سميح خلف

تراجع أمريكي نسبي

سميح خلف
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

منذ ان اعلن ترامب عن مبادرته للسلام في الشرق الاوسط والتي تخص الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وازاته الاقليمية  وبحضور نتنياهو  وتحت مسمى " صفقة القرن " هكذا سماها الاعلام العربي وعُرفت به ، كانت ردات الفعل الفلسطينية بكل اطيافها   قبل وبعد اعلانها رافضة تلك الضفقة،ولكن عجز الفلسطينيون عن  ايجاد برنامج مشترك بينهم لتتحول ردات الفعل الى برنامج عملي وتنفيذي في مواجهة الاثار المترتبة على القرارات التي اتخذها ترامب ما قبل الصفقة وبالتأكيد انها قرارات تصب في المفاصل الرئيسية للصفقة ححيث اصبحت واقعا على الارض مثل قرار القدس عاصمة موحدة لاسرائيل وقرار وكالة الغوث وقطع المساعدات الامريكية عنها واغلاق مكتب منظمة التحرير في امريكا هذا المكتب الذي تواجد بقرار من الخارجية الامريكية بناء على تنازلات قدمتها منظمة التحرير  وقطع المساعدات عن السلطة " باستثناء الدعم المالي واللوجستي للاجهزة الامنية  وبقاء التعاون الامني وهذا ما اعترف به الرئيس عباس  ومسؤلين اسرائيليين ومسؤلين في السلطة .

وبرغم الاعلان الاعلامي والشفوي وبعض المظاهرات الخجولة التي انطلقت من دوار المنارة في رام الله ومحاذير واجراءات لعدم وصولها لنقاط الاشتباك مع الحواجز الاسرائيلية ومحدودية المشاركين فيها ومظاهرات ايضا خرجت في غزة التي تحكمها الفصائل والتي دخلت في حلقات الترويض لمفهوم المقاومة وتحولها من شعاراتها الاستراتيجية في التحرير الى مفهوم التهدئة تحت مبدأ( ان عدتم عدنا ) والبحث عن سبل فك الحصار ومن خلال مشاريع مقترحة مثل مناطق صتاعية في غزة ومستشفى امريكا وميناء وعمال وعمالة غزية تعمل في اسرائيل  كلها اجراءات تصب بشكل او باخر لرسم الخطوط الامريكية لصفقة القرن على الواقع وتضاريسه السياسية والامنية والاقتصادية .

الموقف العربي من الصفقة  وبرغم الشعار الذي طرحه عباس على العرب والدول الاخرى للافلات من الضغط الامريكي ومقولة ( نقبل ما يقبل به الفلسطينيون ) كان الموقف باستثاء الرفض الشفوي لمجلس الجامعة العربية والذي خلا من اي دعم حقيقي للسلطة او الفلسطينيين تراوح الموقف العربي بين عدم تفويت الفرصة والتعامل مع المبادرة ونقاطها الايجلبية والتفاوض على نقاط الخلاف  والبعض الاخر راى من تهديدات نتنياهو بضم غور الاردن والغور الشمالي تهديد لامنه القومي وكذلك الوصاية على المسجد الاقصى التي هي على عاتق الاوقاف الاردنية والعاهل الاردني وما تحمله الصفقة من سيادة اسرائيلية كاملة على القدس وهنا تنشط الدبلوماسية الاردنية لتعديل الصفقة تحت مبدأ حل الدولتين وقرار 242 والمبادرة العربية  والحصول على تطمينات بان الوصاية الاردنية لن يمسها اي تغيير وموقف قلق من قضية اللاجئين والتوطين في الاردن ومما يذكر ان الاردن سمحت بالحصول لاهالي الضفة على جوازات اردنية وهذا كان غير معمول به سابقا بعد فك الارتباط ووجود السلطة واستصدارها لجوازات للمقيمين في الضفة وغزة وتحت مسمى الرقم الوطني في ارشيف الادارة المدنية الاسرائيلية .

ولكن هل تنجح الصفقة ام تخسر ..؟ هنا الاجابة مرتبطة بفوز نتنياهو في الانتخابات وتعداته بضم الغور ولجنة ترسيم الحدود التي شُكلت بموجب بنود الصفقة هذا اولا وبالتالي تعتبر الصفقة نفذت على الارض بنسبة 80% ولم يتبقى منها الا التعهدات المالية والمشاريع والتحول الديموغرافي الرسمي ، واذا ما اخذنا البعد الاخر وهو الاقليمي والدولي موقف الاتحاد الاوروبي الذي يدعم حل الدولتين وروسيا والصين رغم انشغال العالم بوباء كورونا  الا ان الروس نشطو في الاونة الاخيرة  فلقد التقت وزارة الخارجية الروسية  بنبيل شعت بمستشار عباس وكذلك من ايام قليلة  بوزير الشئون المدنية وعضو مركزية فتح المؤتمر السابع بوزير خارجيىة روسيا وكذلك يلتقي وزيرا خارجية روسيا سيرجي رفاروف مع رئيس المكتب السياسي لحماس في موسكو ، وهنا احد التعثرات لصفقة القرن الممكنة اذا استخدمت روسيا ثقلها كما يحدث في الشمال الشرقي السوري وفي ليبيا حيث تدخل روسيا بقوة في المنطقة ، ولكن جميع القوى تكون متفقة على ان يتغير موقف الفلسطينيين من الرفض السلبي الى الرفض الايجابي والتعامل مع الصفقة من خلال التفاوض المباشر مع الاسرائيليين.

الطرح الفلسطيني على لسان رئيس السلطة محمود عباس وكما جاء في مجلس الجامعة العربية ووزراء الخارجية او في مجلس الامن يقوم على مؤتمر دولي او الرباعية الدولية لترعى المفاوضات بين الجانب الفلسطيني والاسرائيلي  اي ان السلطة عمليا ومنظمة التحرير يمكن ان يتعاملا مع تعديلات ترعاها الرباعية الدولية للصفقة ، ولكن رؤية الامريكان والبريطانيين ودول اوروبية اخرى ان تتعامل السلطة مع الصفقة من خلال التفاوض المباشر مع الاسرائيليين ومناقشة النقاط الخلافية التي لا تعجب الفلسطينيين وليس رفض الصفقة رزمة كاملة وهذا ما عبر عنه كوشنير وغرينبلات وفريدمان وهم الثلاثي الذي وضع التصورات للصفقة وصياغتها ، وهذا يمكن ان يحدث تحول فلسطيني غير معلن في الموقف الفلسطيني ن حيث صرح السفير الامريكي في اسرائيل فريدمان بان هناك اتصالات بين الامريكان والاسرائيليين مع شخصيات في الحكومة وفتح وربما تلك الاتصالات تتم تحت مفهوم وغطاء ما صرح به عباس سابقا بان هناك علاقة قائمة مع السي اي ايه والكونجرس الامريكي كما هي العلاقة قائمة مع الشين بيت والموساد الاسرائيلي واليسار الاسرائيلي .

التحول الفلسطيني من الصفقة امر واقع وتحول لعبت عليه الادارة الامريكية ححيث صرح ترامب في السابق بان الفلسطينيون سيتعاملون مع الصفقة بعد حين في حين صرح كوشنير وغرينبلات ربما الصفقة لا تنجح ولكن مبدأ التفاوض يجب ان يكون قائما ، والتساؤل الاخير : هل بقي شيء يمكن ان يغير الواقع الذي فرضته قرارات ترامب الخمس على الارض ... اشك في ذلك.