"المشتركة" بين خيارين أحلاهما مر

تحليل: هل يحسم تفويض غانتس بتشكيل الحكومة معركته لإسقاط نتنياهو؟

تحليل: هل يحسم تفويض غانتس بتشكيل الحكومة معركته لإسقاط نتنياهو؟
حجم الخط

تل أبيب - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

نجح زعيم حزب "أزرق- أبيض" بيني غانتس، في الحصول على تكليف الرئيس الإسرائيلي "رؤوفين ريفلين" بتشكيل الحكومة الجديدة بعد توصية (61) نائبًا في الكنيست له، فيما أخفق رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو والذي حصل على 58 مقعدًا في الجولة الثالثة من الانتخابات التي جرت في غضون عام، ما يطرح تساؤلات عديدة أهمها "هل يحسم تفويض غانتس معركته في إسقاط نتنياهو؟، وكيفية قراءة خطوة القائمة المشتركة في توصيتها بـ"غانتس"؟، وهل ينجح الرئيس ريفلين في مساعيه لتشكيل حكومة وحدة وطنية في ظل تفشي فيروس كورونا؟".

التكليف لا يضمن ثقة الكنيست

بدوره، قال المختص في الشأن الإسرائيلي باسم أبو عطايا: "لا يمكن الحسم بأنّ غانتس قضى على أحلام نتنياهو بشكلٍ كبير في تشكيل الحكومة؛ لوجود الكثير من العقبات أمام غانتس"، مُستدركًا: "لكنّه أصبح من الصعب على نتنياهو أنّ يُشكل حكومة منفردًا".

وأوضح أبو عطايا في حديثٍ خاص بوكالة "خبر"، أنّ "تكليف غانتس بتشكيل الحكومة لا يعني بالضرورة حصوله على دعم الكنيست؛ خاصةً أنّه يعتمد على أحزاب وضعت شروطًا صعبة، كالمشتركة التي من الصعب قبول شروطها".

وبيّن أنّ بعض الأطراف ترفض بالمطلق مشاركة القائمة العربية أو التنازل عن أمور كثيرة، مثل "حزب إسرائيل بيتنا" بقيادة أفيغدور ليبرمان.

وأشار إلى أنّ حزب "أزرق - أبيض" يُسيطر عليه حالة رفض شديدة لتشيكل حكومة أقلية بدعم من القائمة المشتركة، مُضيفاً: "غانتس أمامه جهود كبيرة لإقناع جميع أعضاء الأحزاب المنضوية تحت أزرق أبيض بتشكيل هذه الحكومة".

واستدرك أبو عطايا: "هي خطوة جيدة لـ"غانتس" إذا أدار العملية التشاورية بشكلٍ جيد، واستطاع أنّ يتوصل إلى استحقاقات مبدأية مع هذه الأحزاب".

وتابع: "قد يستغل غانتس هذا التأييد من أجل الضغط على "نتنياهو" لسرقة بعض الأعضاء من تكتل اليمين من خلال منحهم وزارات في الحكومة التي سيُشكلها".

من جانبه، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي، وديع عواودة، أنّ غانتس أمام خيارات كثيرة على الورق فقط؛ ولكنّ على أرض الواقع لا خيار أمامه سوى الذهاب إلى حكومة وحدة وطنية.

وقال عواودة في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنّ معارضة كبيرة ستنشأ داخل "إسرائيل" لرفض تشكيل حكومة تعتمد على نواب عرب"، لافتاً إلى أنّ غانتس استغل حالة الطوارئ المعلنة في إسرائيل بسبب تفشي فيروس "كورونا" بالتفاوض مع النواب العرب.

وأوضح عواودة أنّ غانتس سعى بذلك لتحسين موقعه في المفاوضات مع حزب الليكود؛ حتى يفرض رؤيته على خصمه السياسي نتنياهو، مُعتقداً أنّ خيار تشكيل حكومة ضيقة في ضوء ما ذكره ضئيل جدًا؛ وبالتالي تكرار جولات الانتخابات هو الخيار الأرجح.

من جهته، اعتقد المختص في الشأن الإسرائيلي عادل سمارة، أنّ نجاح غانتس في مهمته سيعتمد على القائمة العربية المشتركة التي أصبحت "بيضة القبان" بينهم. على حد وصفه.

وأردف سمارة لـ"خبر": "إذا حافظ غانتس على التوازن في علاقته ما بين مجموعته أي حزب (أزرق- أبيض) وليبرمان زعيم إسرائيل بيتنا، بالإضافة إلى القائمة للمشتركة، من الممكن أنّ ينجح في تشكيل الحكومة"، مُستبعداً في ذات الوقت نجاحه في هذه المهمة.

المشتركة.. أمام خيارين أحلاهما مُر

وحول أهداف القائمة المشتركة من التوصية بـ"غانتس" كرئيس للحكومة، قال سمارة: "إنّ المشتركة لا تُوصى بغانتس لأنّه الأفضل وإنًما كونه الأقل خطورة من نتنياهو".

ولفت إلى أنّ الهدف الرئيسي الذي كانت تسعى له المشتركة، هو إسقاط حكم اليمين ونتنياهو، مُوضحاً أنّ هذا الهدف اجتمعت عليه كل الأحزاب المشتركة.

يُذكر أنّ القائمة المشتركة وضعت الكثير من الشروط من أجل التوصية بـ"غانتس" رئيسًا للحكومة، منها تخصيص مكان خاص للفلسطينيين في القدس المحتلة للصلاة، بالإضافة لرصد ميزانيات لمكافحة العنف في المجتمع العربي والصحة والتعليم وتطوير المنطقة البدوية بالنقب.

كما وضعت القائمة المشتركة بعض الشروط السياسية التي يصعب على "غانتس" إقناع شركائه في الحكومة بقبولها، مثل المتعلقة بـ"صفقة القرن" ورفض عملية تبادل الأراضي في المثلث وعدم الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال.

وفي الإطار ذاته، رأى عواودة أنّ القائمة المشتركة لم يكن أمامها إلا خيارين أحلاهما مر، ولذلك هي مضطرة أنّ تختار بين المُر والأمر، أي إسقاط نتنياهو باعتباره المحرض الأكبر والأكثر خطورة على الفلسطينيين في طرفي الخط الأخضر، أو التوصية بـ"غانتس".

أما سمارة فقد رفض انخراط القائمة في انتخابات الكنيست، بالقول: "مشاركة القائمة المشتركة مسألة تطبيعية، لأنّها تأخذ فلسطينيي 48 بعيدًا عن فلسطينيتهم".

ونوّه إلى أنّ المشتركة تُراهن من خلال مشاركتها بالأساس على مصالح خاصة، كالرواتب والدخل والضمانات، بالإضافة إلى عدم هدم البيوت ورفض إعطاء التراخيص، مُبيّناً أنّ القائمة المشتركة لن تجرؤ على الحديث مع غانتس الذي دمر غزّة، بشأن "صفقة القرن" التي لا يُمكن إلا أنّ يكون داعماً لها.

حكومة وحدة.. أم حكومة ضيقة؟

وبشأن نجاح مساعي الرئيس ريفلين في تشكيل حكومة وحدة وطنية، قال أبو عطايا: "إنّ ريفلين من أكبر المشجعين لتشكيل الحكومة؛ خصوصًا أنّه قرر الاجتماع بنتنياهو وغانتس بعد انتهاء التصويت".

وتابع أبو عطايا: "لا يستطيع في هذه الحالة أنّ يعطي التكليف لنتنياهو الحاصل على 58 مقعداً، وهي الأقوى حسبما صرح ريفلين، لأنّ غانتس حصل على 61 صوتاً من الكنيست".

واستدرك: "غانتس سعى للحصول على 61 مقعداً، ليتمكن من تشكيل حكومة وحدة بشروطه، لكنّ لا ثقة لديه إنّ كان سيحصل على تأييد الكنيست من عدمه".

أما عواودة، فرجح أنّ المسألة غير مرتبطة بنجاح ريفلين في تشكيل حكومة وحدة وإنما باتفاق الطرفين، مُنوّهاً في ذات الوقت إلى أنّ نتنياهو أمام كل ما حصل في وضعٍ قوى، ويُريد أنّ يحمي نفسه من المحاكمة والسجن.