الجمهور الأصولي يحصد نتائج تجاهله التعليمات الصحية

حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل



ما زالت المعطيات بحد ذاتها غير مخيفة. فعدد مرضى كورونا في إسرائيل يرتفع بشكل مستمر. ولكن هذا يرتبط أيضاً بالزيادة المتأخرة لوتيرة الفحوصات. وحتى الآن تم إحصاء 15 حالة وفاة بالفيروس، معظمها من المسنين. المعطيات المهمة التي يركز عليها مسؤولو جهاز الصحة – عدد المرضى بصورة خطيرة وعدد من يعطون التنفس الاصطناعي – لم تخرج عن السيطرة.
الإحباط والقلق اللذان يُسمعان من كل طبيب وعالم يشارك في مكافحة الفيروس، يتعلقان بإدارة الأزمة، لا سيما في الأسبوع الأخير. جميع هذه المحادثات ما زالت تبدأ بفشل فحوصات "الكورونا". من جهة كسبت اسرائيل وقتاً في صراعها مع الفيروس عن طريق فرض قيود على الحركة واعطاء توجيهات للابتعاد الاجتماعي. ومن جهة اخرى هي تبدد الوقت لأنها لم تشكل نظام معطيات مناسباً. والآن ايضاً الاختناقات في عملية الفحص كثيرة، وفي هذا الوقت لم تبدأ بعد عملية منظمة لفحوصات لاكتشاف مضادات في الدم يمكّن استخدامها الواسع من تقديم معلومات عن مرضى لم تظهر عليهم الأعراض، ويوضح صورة انتشار المرض.
هناك أمر واحد واضح استناداً الى المعلومات الجزئية: بلدات وأحياء أصولية توجد في مركز العدوى. حسب تقارير غير رسمية، في عدد من المستشفيات يقترب عدد من يعالجون من الأصوليين من نصف المرضى، نتيجة تجاهل ممنهج للتعليمات الذي وصل ذروته في عيد المساخر، وضحاياه يسقطون الآن.
مؤخراً، عندما استيقظ الحاخامات أخيراً وشددوا التوجيهات لاتباعهم، بقيت أقلية من الأجنحة المتطرفة والعنيدة الذين يرفضون التعليمات. وفي منتهى السبت ضبطت الشرطة في لحظة حرجة بشكل خاص عندما سمحت لمئات الأشخاص، الذين هم في حالة حداد، بالمشاركة في جنازة حاخام من الجناح المقدسي في بني براك. جاء هذا الفشل مناقضاً جداً للفيلم القصير الذي نشر في الشبكات الاجتماعية عن مطاردة سيارات الشرطة لراكب دراجة منفرد في متنزه اليركون.
تتعلق المشكلة أيضاً بالاكتظاظ الشديد في المجتمعات الأصولية، سواء في المباني السكنية أو في الشقق نفسها. أول من أمس تم طرح اقتراح لفرض الإغلاق على بني براك على فرض أن انتشار الفيروس يمكن أن يزداد هناك في الأسبوع القادم. وهناك شك في أن هذا الأمر سيمر إزاء المعارضة المحتملة للأحزاب الدينية.
بؤرة انتشار خطيرة أخرى توجد في دور المسنين. ليس فقط في دار "نوفيم" في القدس، فأول من أمس بدأ احتجاج لعائلات في أعقاب موجة العدوى، التي تسببت بحالة وفاة واحدة ومزيد من المرضى في دار "مشعان" في بئر السبع. أيضاً هنا تعود صورة تأخير إجراء الفحوصات، بالذات عندما يدور الحديث عن شريحة سكانية قلقة وهشة بشكل خاص تعيش باكتظاظ.
أول من أمس أيضاً استمر ضغط وزارة الصحة (الذي يظهر أنه منسق بشكل تام مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو) بفضل تشديد الاحكام على الاقتصاد. الفائدة الصحية المتوقعة من الغاء تصاريح العمل لـ 30 في المئة من العمال لا تزال مختلفاً فيها، وفي المقابل الضرر الاقتصادي سيكون كبيراً جداً. بالمناسبة، وعود نتنياهو بطرح خطة مساعدة كبيرة للمتضررين اقتصادياً من "الكورونا" تتأخر للأسبوع الثاني على التوالي.


يجب على قيادة الأركان الاستيقاظ

كلما مر الوقت يزداد تدخل جهاز الأمن في الأزمة. في غرفة العمليات المشتركة لـ "الموساد" والاستخبارات العسكرية ووزارة الدفاع في تل هشومير هناك انشغال كبير بعدد من المجالات. جهود شراء تمتد الى أرجاء العالم لمعدات طبية وحتى محاولة تحسين نظام الحواسيب وجمع المعلومات لوزارة الصحة.
خلال ذلك، هناك خلاف حول دور جنود الجيش الإسرائيلي للمساعدة في تطبيق الإغلاق الشامل اذا تم اتخاذ قرار بفرضه. وبالمقارنة مع المهمات الأخرى، في الجيش غير متحمسين تماماً لهذه المهمة. أولاً، الجيش حاول الحفاظ على المقاتلين داخل الوحدات بهدف منع اصابتهم بسبب الاتصال مع الخارج. ربما بالطبع أن الكثير من الجنود أصيبوا بالعدوى وهم لا يظهرون اعراضا، أي لم تظهر عليهم علامات الإصابة بالفيروس. ولكن اذا لم يكن هذا هو الوضع فهم قد يصابون الآن.
ثانياً، المشكلة الكبرى هي أن هناك خشية من احتكاك الجنود الشباب مع المواطنين في مهمة شرطية استثنائية جداً. الخطة الأصلية قالت إن الجنود سينضمون لرجال الشرطة في سيارات الشرطة وهم مسلحون. وأول من أمس استيقظوا في هيئة الأركان وأدركوا الإمكانية الكامنة للضرر المحتمل (مثلاً جندي يطلق النار في الهواء لتفريق المواطنين في بني براك) وبدؤوا في فحص اقتراحات بديلة. وتدخل المستشار القانوني للحكومة، افيحاي مندلبليت، وطلب المصادقة على كل العملية من قبل الحكومة بسبب حساسيتها.
اليوم بالمناسبة هو 30 آذار، يوم الارض. قبل سنتين اطلق قناصة الجيش النار وقتلوا عشرات الفلسطينيين في قطاع غزة في مواجهات عنيفة قرب الحدود. قبل شهر كان في الجيش الإسرائيلي استعداد واسع قبل أحداث يوم الأرض في هذه السنة. الأمور تغيرت: المواجهة بين إسرائيل والفلسطينيين هي الآن مشكلة جانبية ازاء انتشار "كورونا". عندما يكون هناك تحد كبير جدا يقف على جدول الأعمال، من الغريب التفكير بأنه قبل سنة كانت إسرائيل تفحص الدخول الى حرب في غزة بسبب البالونات الحارقة.
ولكن مشكلة غزة بعيدة عن الحل أو النسيان. هي فقط غيرت صورتها. الآن السيناريو المقلق يتعلق بانتشار "كورونا" في القطاع بصورة ستغرق المستشفيات قليلة الميزانيات فيها، ويمكن أن يؤدي الى حدوث كارثة إنسانية، التي آجلاً أو عاجلاً ستؤثر على إسرائيل.



فترة ازدهار للحقائب

في هذه الاثناء سجل تقدم في المفاوضات الائتلافية بين "الليكود" و"ازرق ابيض". الاستطلاعات الخاطفة التي اجريت في نهاية الاسبوع الماضي تشير الى دعم واسع للجمهور لهذه العملية. ولكن الضغوط السياسية لنتنياهو ستفرض كما يبدو تشكيل حكومة ضخمة تضم حوالي 30 وزيراً من اجل أن يكبح غضب شركائه في كتلة اليمين وكبار شخصيات "الليكود" الذين يتوقع أن تهبط مكانتهم.
النتيجة ستكون فترة ازدهار للحقائب الوزارية في "ازرق ابيض"، التي تقريباً كل عضو كنيست وكل منشق عن صفوف لبيد – يعلون يحظى بوزارة حكومية. وسيكون له راتب جيد. الى جانب الانتقاد لمجرد انضمام غانتس من قبل عدد غير قليل من المصوتين له، سيكون من الصعب تفسير تشكيل حكومة ضخمة مبذرة أمام ما يبدو أنه فترة صعبة وطويلة من الركود.
والأكثر مفاجأة هو اختيار حقائب غانتس واشكنازي. الدفاع والخارجية هي حقائب الماضي: تأثيرها الفعلي سيكون محدوداً في حكومة نتنياهو، بالتأكيد في الأيام التي فيها مركز الاهتمام هو ازمة الكورونا. اذا قررا الانضمام فلماذا لا يشترطان ذلك بإزاحة يعقوب ليتسمان من وزارة الصحة؟ والشيء ذاته بالنسبة لوزارة المالية التي يتوقع أن تزداد أهميتها في الظروف الحالية.
غانتس واشكنازي يحصلان على حقيبتين مهمتين؛ والإصرار على وزارة العدل هو أمر مفهوم في هذه الظروف. ولكن إذا كانت الذريعة الرئيسية للخضوع والدخول في الحكومة هي "الكورونا" فقد كان بالإمكان محاولة التأثير على ادارة الأزمة. مثلاً، كان يمكن المطالبة بتعيين خبير مهني في منصب وزير الصحة. أحد الأسماء التي تم ذكرها هو اسم شخص معروف لغانتس واشكنازي جيداً: البروفيسور اسحق كرايس، مدير عام مستشفى تل هشومير، الذي كان ضابط الصحة الاول تحت قيادة رئيس الأركان غانتس.

عن "هآرتس"