مساهمة في النقاش..نحو مجلس وطني توحيدي

مجلاوي
حجم الخط

21 أيلول 2015

تأجيل انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني يعطي فرصة موضوعية لإعادة البحث والسعي الجاد لتحويل انعقاده القادم إلى محطة نوعية هامة لإنهاء الانقسام الكارثي الراهن واستعادة وحدة الشعب ومؤسساته وإعادة بناء كل هذه المؤسسات وفي المقدمة والأساس منها مؤسسات م.ت.ف على أسس وطنية وديمقراطية تتسع وتكفل مشاركة الجميع بما يعزز ويرسّخ مكانة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وقائدة الكفاح الوطني من أجل الاستقلال والعودة، والكيان السياسي والوطني الجامع لشعبنا في الوطن والشتات.

إن هذه الفرصة الموضوعية تتطلب أعلى قدر من الشعور بالمسؤولية ونكران الذات والاجتهاد في تقديم الحلول للمعضلات التي برزت حتى الآن وشكّلت عقبات، بعضها جدّي، وبعضها مبالغ فيه، والبعض الآخر مفتعل، حالت جميعها دون الوصول إلى إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة.


لقد شهدت السنوات الماضية حوارات واجتهادات متعددة لم تُبقِ الكثير للبحث والحوار مجدداً، بما يسهّل الولوج المباشر إلى طرح الأفكار والمقترحات الملموسة دون الحاجة إلى المزيد من التحليل والاستنتاج وتناول السياسات والعوامل الداخلية والخارجية التي أوصلتنا جميعاً إلى الأزمة والمأزق الذي نعيشه، وعليه، فإن أبرز المشكلات، واقتراحات الحلول التي ستتناولها هذه الورقة هي:

أولاً: لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الإطار القيادي المؤقت:


لقد حددت اتفاقية القاهرة 2009 التي جرى الاستناد إليها وتأكيدها في 4/5/2011 مهمات هذه اللجنة بما يلي:


‌أ- وضع الأسس والآليات للمجلس الوطني الفلسطيني.


‌ب- معالجة القضايا المصيرية في الشأن السياسي والوطني واتخاذ القرارات بشأنها بالتوافق.


‌ج- متابعة تنفيذ القرارات المنبثقة عن الحوار.


إمعان النظر في هذه المهمات يدعونا للتركيز على أهمية انتظام أعمال هذه اللجنة التي تُشكّل بتكوينها الذي يرأسه الرئيس أبو مازن ويضم اللجنة التنفيذية ورئاسة المجلس الوطني الفلسطيني والأمناء العامين للفصائل والقوى الوطنية والإسلامية والشخصيات المستقلة المتوافق عليها، أعلى مستوى قيادي فلسطيني فعلي وموحّد، دون أن يعني ذلك تجاوز أو إلغاء الهيئات القيادية الرسمية للمنظمة أو السلطة أو (مع التأكيد على صلاحيات اللجنة التنفيذية وسائر مؤسسات المنظمة وفق اتفاق 4/5/2011)، ويشكّل في حال انتظام أعماله وممارسته لمهماته المرجعية وصمّام الأمان الذي يضمن استمرار وتواصل آليات المصالحة والبت فيما ينشأ حولها من اجتهادات أو تباينات.


إن لجنة تفعيل م.ت.ف بتكوينها الشامل يمكن أن تشكّل لجنة تحضيرية لعقد المجلس الوطني الفلسطيني بما يضمن مشاركة الجميع ويحقق الخطوة الأولى والأساس لتوحيد كل مؤسسات شعبنا سواء في المنظمة والسلطة والمنظمات الشعبية، على طريق الانتقال إلى إعادة بنائها كلها على أسس وطنية وديمقراطية انطلاقاً من برنامج للقواسم المشتركة يتحقق عليه الإجماع، أو أعلى توافق وطني ممكن، وبالانتخابات الديمقراطية في كل مؤسساتنا وفقاً لمبدأ التمثيل النسبي الشامل، وهو ما يحقق المشاركة العادلة للجميع وفقاً لنفوذه الجماهيري ومستوى تأييد الشعب له، إلى جانب ابتداع صيغة لا تدير الظهر للتاريخ ولا تتنكر لكل القوى التي أسهمت في النضال الوطني الفلسطيني المعاصر، وتحقق استمرار مشاركة الجميع دون الإخلال بالانتخابات ونتائجها كمظهر رئيسي في بناء مؤسساتنا الوطنية الجامعة.


لقد كان السبب الرسمي وشبه المعلن الذي حال حتى الآن دون انعقاد لجنة تفعيل م.ت.ف باعتبارها الإطار القيادي المؤقت هو عدم توفر المكان الذي يستقبل الجميع، والحرص على الدور الرئيس للأشقاء في جمهورية مصر العربية الذين تحملوا العبء الأكبر في كل الحوارات والمحاولات السابقة لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، ولتجاوز هذه العقبة يمكن أن يذهب وفد قيادي فلسطيني إلى الأشقاء في مصر ويطلب منهم استضافة اجتماعات هذا الإطار الذي لا غنى لنا عنه في تنظيم شؤوننا كافة، خاصة وأن الاتفاق على تشكيله تم في الحوارات التي جرت في القاهرة، وإذا لم ننجح في هذا المسعى، فإن البديل الذي لا يسيء لأحد هو استضافة الجامعة العربية لاجتماعات الإطار، وإذا تعذر ذلك فينعقد في أحد مقرات منظمة التحرير الفلسطينية والاقتراح المحدد هو في مقر المجلس الوطني الفلسطيني في عمان، وإذا تعذر ذلك لأي سبب من الأسباب فالبديل هو مقر اللجنة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في تونس.


إن انعقاد لجنة تفعيل م.ت.ف باعتبارها الإطار القيادي المؤقت المسؤول عن متابعة تنفيذ القرارات المنبثقة عن الحوار، إضافة إلى مهماته الأخرى، وانتظام اجتماعاته والتوافق ابتداءً على آليات اتخاذ القرار فيه بما لا يمكّن أحداً من امتلاك الفيتو الذي يعطل تنفيذ ما تتوافق عليه أغلبية الثلثين، يشكّل الباب الواسع الذي يدخل منه الكل الفلسطيني لوضع نهاية لهذا الانقسام الكريه والشروع في بناء مؤسساتنا كافة على أسس وطنية وحدوية جامعة.

ثانياً: الحكومة:


بعد ما يقارب العام ونصف من تشكيل حكومة التوافق الوطني، أصبح واضحاً أنها لم تستطع القيام بالمهمات المطلوبة منها، وبدأ يتسع حجم المطالبة بتشكيل حكومة وحدة وطنية لا يُستثنى من المطالبين بذلك كل من الأخ الرئيس أبو مازن والإخوة في حركة فتح، وكذلك الإخوة في حركة حماس.


أياً كان مسمى الحكومة العتيدة أو آلية وطريقة تشكيلها وشخوصها، فإن مسيرتها ستظل متعثرة ما لم تتم معالجة المعضلات التي ظهرت بوضوح وتأكد عدم إمكانية تجاوزها أو القفز عنها، بغض النظر عن طابع وطبيعة هذه المشكلات ومدى اتخاذها كذرائع يقدمها المعنيون كل من موقعه ووفقاً لرؤياه وحاجته، وهذا ما لا نريد الخوض فيه، بل نريد الانتقال إلى تقديم المقترحات الملموسة لمعالجة هذه المعضلات، بما يمكّن الحكومة من القيام بالمهمات التي تم التوافق حولها في مجمل الاتفاقيات السابقة بما فيها اتفاق 4/5/2011، والتي يمكن تحديدها كما يلي:
- متابعة إجراءات إعادة بناء الأجهزة الأمنية.


- الإعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية.


- إعادة إعمار قطاع غزة.


- معالجة كافة القضايا الإدارية والمدنية الناجمة عن الانقسام بين الضفة الغربية والقطاع.


- إنهاء الحصار على قطاع غزة.


- توحيد مؤسسات السلطة الوطنية بالضفة والقطاع والقدس وتسوية أوضاع الجمعيات والمؤسسات الأهلية والخيرية.


أ‌- موضوع موظفي سلطة حماس:


النظرة الهادئة والموضوعية والمسؤولة تكشف بجلاء أنه يصعب على حماس أن تتخلّى عن كوادرها وأعضائها الذين تحملوا مسؤولية إدارة القطاع خلال السنوات الثمان الماضية، إضافة إلى ما يقومون به من مهام أخرى ذات طابع تنظيمي أو سياسي بما في ذلك المهام الكفاحية على تنوعها، فقيادة حماس تُدرك جيداً – وعلى الجميع أن يتفهم ذلك – بأن تخليها عن حقوق "موظفيها" سيُشكل بداية لنقل التناقض، ليصبح تناقضاً داخلياً، تفقد فيه قيادة حماس ثقة أعضائها بكل ما لهذا الأمر من تداعيات.


وبالمقابل، فإنه لا يجوز لحركة حماس أن تفرض موظفيها، وأجهزتها الأمنية على مؤسسات الشعب الفلسطينية المدنية والأمنية بدرجاتهم ورتبهم كما قررتها لهم حركة حماس، فمثل هذا الأمر ينطوي على أعباء كبيرة على مؤسسات السلطة والشعب، ويغلق الباب لسنوات طويلة أمام استيعاب طلاب العمل القادمين وبخاصة خريجي الجامعات والكفاءات المميزة عموماً، بما يدفع لشيخوخة مؤسساتنا وتكلّسها، ويُحبط الآلاف من الشباب ويجهز على دافعيتهم للعمل والإبداع.


إن المعالجة المنصفة والعادلة لحقوق الموظفين القائمين على رأس عملهم الآن في قطاع غزة – موظفو سلطة حماس – ينبغي أن تحفظ وتحافظ على حقوق العاملين في القطاع قبل الانقسام في حزيران 2007، خاصة وأنهم التزموا بيوتهم بقرارات صريحة من مرجعياتهم الرسمية التي ملكت إصدار تلك القرارات في حينها.


انطلاقاً من هذه المحددات فإن أسس ومبادئ المعالجة المقترحة لملف الموظفين هي:


1- ضمان الراتب وكامل الحقوق لكل العاملين المدنيين والعسكريين الذين كانوا على رأس عملهم يوم 14/6/2007 بمن في ذلك من قطعت رواتبهم من قبل السلطة واستمروا في أداء عملهم في قطاع غزة.


2- ضمان راتب مقطوع لكل العاملين في قطاع غزة ممن جرى تعيينهم بعد 14 يونيه 2007 لفترة مؤقتة تستمر طيلة عمل اللجنة الإدارية والقانونية التي نص عليها اتفاق القاهرة.


3- تباشر اللجنة الإدارية والقانونية عملها في إطار المدة الزمنية التي نصت عليها اتفاقيات القاهرة – أربعة أشهر من تشكيلها – ويجري استيعاب الموظفين المعنيين بعملها وفقاً لإمكانات السلطة ولحاجة وهيكليات الوزارات المختلفة، مع ترك نسبة الثلث من الشواغر لموظفين وعاملين جدد بما يساعد على التخفيف من حدة البطالة التي تراكمت وتزايدت على امتداد السنوات السابقة، وبما يفتح المجال لتطوير المؤسسات والعمل بالاستفادة من الكفاءات المتجددة في مختلف المجالات.


إن شواغر المؤسسات والهياكل الوزارية والإدارات التي تشمل:


‌أ- الشواغر بالوفاة.


‌ب- الشواغر بالتقاعد القانوني الطبيعي.


‌ج- الشواغر بالتقاعد المبكر.


‌د- الشواغر بسبب مغادرة الكثيرين من الموظفين دون نية العودة للوطن.


‌ه- الشواغر الناجمة عن استكمال الهيكليات وزيادتها الطبيعية.


كل هذه الشواغر كفيلة باستيعاب الحجم الأكبر من الموظفين المعنيين.


4- من لا يتم استيعابهم في الشواغر الحالية يكون لهم الأولوية بنسبة 50% من الوظائف المستجدة في السنوات الثلاث القادمة - مع استمرار دفع راتبهم المقطوع - وفقاً لكفاءاتهم وتوفر شروط الوظيفة فيهم، وذلك ضمان لعدم التنكر لهم وفي نفس الوقت ضمان تجديد وتطوير الوظيفة الرسمية وإتاحة فرصة العمل للمتقدمين الجدد.


5- تنفيذ وتمويل خيارات للمساعدة في دمج الموظفين الذين لم يتم دمجهم في جهاز الخدمة المدنية، مثل الدعم بمنح قروض ميّسرة ... الخ كما جاء في خارطة الطريق السويسرية وكما جاء في بعض قرارات حكومة التوافق.


6- بالنسبة للأجهزة الأمنية يتم تطبيق ما جاء في اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني في شباط 2009 تحت عنوان "اللجنة الأمنية العليا"، وجرى التأكيد عليها في 4/5/2011، مع المعالجة الملموسة وفق ما يلي:


‌أ- عودة كل من قُطعت رواتبهم من العاملين في الأجهزة الأمنية قبل حزيران 2014 مع ضمان كامل حقوقهم في الترقيات وغيرها عن الفترة الماضية.


‌ب- التأكيد على حق الضمان بالراتب أو الوظيفة لجميع العاملين بالأجهزة الأمنية (استيعاب، إحالة للتقاعد، نقل إلى وظيفة مدنية، راتب مقطوع لحين استيعابه) لكل من جرى تفريغهم بعد 14/6/2007.


‌ج- تباشر اللجنة الإدارية والقانونية عملها في استيعاب وتقييم من جرى تفريغهم بعد 14/6/2007 وفقاً لحاجة الأجهزة الأمنية وقوانينها الناظمة


7- جميع القرارات التي تتخذها اللجنة الإدارية والقانونية، خاضعة لحقوق الطعن والإجراءات القانونية الواجبة "كما تقترح الوثيقة السويسرية".


8- يعالج ملف متفرغي 2005 في إطار المعالجة الشاملة للشواغر والهياكل الإدارية بما يحفظ ويصون حقوقهم.


9- مراعاة أي عوامل خارجية يتم التوافق عليها ينبغي أن لا تجحف بجوهر حقوق العاملين ومسؤولية السلطة تجاههم وعنهم.


ب‌- المعابر:


يحتل موضوع المعابر، ومعبر رفح على وجه الخصوص مكانة هامة وربما حاسمة في الكثير من الإرباكات والمصائب التي يعيشها الأهل في قطاع غزة، بما يفرض على كل من يعتبر نفسه أنه مسؤولاً وعنده ضمير وأخلاق وحرص وطني أن يُخرج المعابر – بوابة سجن القطاع الكبير – من هذا التجاذب السلبي والضار والكارثي الذي يدفع آلاف الشباب للهجرة، لكل ما لهذا الأمر من نتائج وتداعيات وطنية واجتماعية.


1- أي معالجة لموضوع المعابر ينبغي أن تبدأ وتصل إلى أن الحكومة هي مرجعية المعابر والمسؤولة عنها، وأن أية اتفاقيات أو تفاهمات تتعلق بالمعابر، سواء من حيث الإدارة أو الأمن أو الجمارك ... الخ، هي اتفاقيات مؤقتة تهيئ الظروف للمسؤولية الكاملة للحكومة عن المعابر بدون أي تدخل أو تداخل في المسؤولية والمرجعيات سوى ما يحفظه ويقرره القانون.


2- ينبغي أن تستجيب المعالجة المؤقتة أو النهائية لملف المعابر لاستحقاقات تسهيل إعادة إعمار غزة، وتيسير حركة الأفراد والبضائع مما يجعل الاتفاقات ذات الصلة مع الآخرين (أطراف دولية أو حدودية) حاضرة بأدنى حدٍ ممكن في تحديد آليات وأدوات إدارة المعابر، بغض النظر عن الموقف من هذه الاتفاقيات وتقييمها مع العمل المتواصل للفكاك مما تفرضه علينا من قيود.


3- في المرحلة المؤقتة، وإسهاماً في توفير وتعزيز مناخات الثقة والروح الإيجابية، يراعى مبدأ المشاركة في إدارة المعابر دون أن يُشكّل ذلك قيداً أو اشتراطات أو تدخلاً في صلاحيات الحكومة والمرجعيات الإدارية والقانونية المعنية.

ثالثاً: المجلس التشريعي:


تعددية المجلس التشريعي "العرجاء" التي جاءت نتيجة الانتخابات الأخيرة في كانون ثان – يناير – 2006 أعطت أملاً بأن يكون المجلس التشريعي "المتعدد" أحد التجليات الإيجابية للديمقراطية في الحياة السياسية الفلسطينية.


إلا أن الأمور سارت منذ بدايات المجلس، وقبل تكريس الانقسام في 14/6/2007 بوجهة أخرى معاكسة، تحوّلت فيها تعددية المجلس إلى مواقع للتجاذب والتخندق السلبي الذي شلّ عمل المجلس وحوّله إلى ميدان لتصفية الحسابات والعرقلة المتبادلة، فجاء المجلس مأزوماً، وفاقم الانقسام من أزمته، ولم يستطع الالتئام منذ ما يزيد عن ثمان سنوات جرت فيها الكثير من المياه في نهر الحياة الفلسطيني، سواء بإصدار عشرات القوانين في كل من الضفة وغزة لم يستكمل أياً منها دورته القانونية، وشكلت فيها وزارات مارست أعمالها دون ثقة المجلس وخارج إطار رقابته على أدائها، ولا يُستثنى من ذلك الانعقاد الشكلي وغير القانوني لكتلة حماس باسم المجلس التشريعي، حتى وصل الأمر إلى تجاهل الطرفين فتح، وحماس القانون وتوافقهما على ممارسة "حكومة التوافق الوطني" لمهماتها دون نيل الثقة من المجلس التشريعي، مما أظهر عدم الثقة والتوجس المتبادل في اللحظة التي بدت وكأنها لحظة اتفاق وتوافق.


رغم تجنب هذه الورقة الغوص في مراجعة الماضي إلا أن الأسطر السابقة بدت ضرورية لمعرفة ما ينتظر المجلس التشريعي في حال انعقاده المطلوب والضروري لتصفية مرحلة الانقسام وتداعياتها وذيولها على مختلف الأصعدة.


لكل ما سبق يصبح مطلوباً انعقاد المجلس التشريعي لجلسة واحدة مفتوحة وممتدة لتعالج العناوين التالية:


1- هيئة رئاسة المجلس.


2- القوانين بقرارات التي أصدرها الرئيس أبو مازن خلال سنوات الانقسام.


3- ما يقدم للمجلس مجدداً من القوانين التي سنّتها كتلة حماس باسم المجلس التشريعي.


4- تعديل قانون الانتخابات لتصبح الانتخابات بالتمثيل النسبي الكامل أسوة بالمطلوب للمجلس الوطني الفلسطيني، مع التنويه إلى أن هذا الموقف تُجمع عليه كل القوى السياسية الفلسطينية باستثناء حركة حماس، بما يفرض على حماس مغادرة موقف وعقلية الفيتو الذي تعطيه لنفسها وتنسجم مع الإجماع الفلسطيني الشامل.


5- أية قوانين أو استحقاقات تُظهرها الحياة لتسهيل وتعزيز المصالحة وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة.


6- يترافق مع انعقاد جلسة المجلس المفتوحة، متابعة لجنة الانتخابات المركزية لعملها، مع تحديد موعد إجراء الانتخابات التشريعية القادمة كموعد يُلزم المجلس الحالي بالانتهاء من كل الملفات المذكورة، وما يستجد على جدول أعماله من مهام حتى يتسلم المجلس المنتخب القادم ملفاته "بيضاء" لا يضطر فيها للعودة إلى هذه الحقبة السوداء من الانقسام.

رابعاً: باقي ملفات لجان المصالحة:


لقد عالجت لجان المصالحة التي انبثقت عن الحوار الشامل في القاهرة مختلف العناوين التي تستكمل استعادة الوحدة، وتكتسب نتائج أعمال هذه اللجان أهميتها من مشاركة كل أطياف ومكونات الساحة الفلسطينية، ويقينا فإن العودة لانتظام أعمال هذه اللجان ووضع الآليات الواضحة لتنفيذ ما تضمنته قراراتها ونتائج أعمالها كفيلة بمعالجة الانقسام وذيوله، وخاصة بعد التئام مجلس وطني موحد، ينتخب لجنة تنفيذية ومجلساً مركزياً تتحدد فيها وعبرها مرجعيات القرار الملزمة للجميع.

أخيراً:


يتكرر الحديث عن أن المشكلات الفلسطينية والتناقضات الداخلية تعكس في جوهرها التناقضات السياسية بين الأطراف الرئيسية التي تحظى بتعاطف وتأييد الغالبية الكبيرة من أبناء شعبنا، وهو ما يفسر عِظَم هذا الانقسام العامودي، وعجز باقي قوى ومكونات الشعب الفلسطيني عن تجاوز تناقض الكبيرين وصراعهما وما جرّاه على شعبنا من ويلات الانقسام، أي أن المعضلة أكبر من محاولات الترتيب القانونية والتنظيمية والمؤسساتية عموماً.


لا شك أن التناقضات في الأيديولوجيات والبرامج والسياسات هي الجذر والأساس في الخلافات والتناقضات الموجودة في ساحتنا، ولكن الحقيقة التي لا يجوز تجاهلها أو القفز عنها عند الحديث عن التباينات والتناقضات في المنطلقات والبرامج هي الاتفاق على ما يعرف ببرنامج الحد الأدنى المشترك، برنامج القواسم المشتركة، وهو ما تجلّى بوضوح في وثيقة الوفاق الوطني التي أسس لها أسرانا القادة داخل السجون الإسرائيلية، وهي لا زالت بمضامينها واتجاهها العام وبعد أخذ مستجدات الحياة بنظر الاعتبار، صالحة ليُبنى عليها برنامجاً وطنياً فلسطينياً جامعاً وكفاحياً في آن.
فقد حددت وثيقة الوفاق الوطني:


- أهداف النضال الوطني الفلسطيني في هذه المرحلة – مرحلة التحرر الوطني والديمقراطي – وفق نص الوثيقة.


- ذات الفعل الوطني وقائدة الشعب وكفاحه والممثل الشرعي الوحيد للشعب وأجمع الجميع على أن منظمة التحرير هي كل ذلك.


- آليات بناء المنظمة لتضم الجميع وتترسخ دوراً ومكانة، وقد أكدت الوثيقة على الانتخابات الديمقراطية وفقاً لمبدأ التمثيل النسبي حيثما أمكن ذلك وبالتوافق الوطني الديمقراطي حيث لا نستطيع إجراء الانتخابات.


- أشكال ووسائل النضال لتحقيق الأهداف مع إبراز للمقاومة الشعبية في هذه الفترة، والتأكيد على جبهة موحدة للمقاومة تقرر أشكالها ومكانها وزمانها وفقاً لمقتضيات المصلحة الوطنية.


- حددت مكانة المفاوضات ومهمتها، وأكدت العودة إلى الشعب، سواء باستفتاء، أو للمجلس الوطني الفلسطيني الموحد القادم.


- الأسرى والمعتقلين وأولويتهم في كل البرامج الكفاحية الفلسطينية.


- الوجهة العامة للاقتصاد الفلسطيني هي دعم الصمود للشعب وخصوصاً الفئات الفقيرة والمهمشة.


- إعادة بناء الاتحادات الشعبية والمنظمات النقابية والمهنية بالانتخابات وفقاً لمبدأ التمثيل النسبي.


- التأكيد على الحريات السياسية والديمقراطية والعامة.


هذه العناوين كلها تضمنتها وثيقة الوفاق الوطني، وهي العناوين التي تغطي كل موضوعات البرنامج المشترك المطلوب، ولهذا فإن استمرار الحديث عن التناقضات نتيجة لغياب البرنامج المشترك يتجاهل حقيقةً تم التوافق والإجماع عليها، ومن يتجاهل ذلك يتذرع بعقدة انتهى حلّها، أو يبحث له عن دور يعتقد أنه يمكن أن يجده في هذه المسألة.


المسألة، ليست غياب البرنامج المشترك، ولكنها توفر الإرادة للسير معاً، ويداً بيد لتنفيذ البرنامج المشترك الذي توافق عليه الجميع، وهو ما يفرض إنهاء هذا الانقسام، والخطوة الأولى لتجسيد هذه الإرادة هي الاستجابة لاستحقاقات إعادة توحيد وتنظيم وترتيب البيت الفلسطيني الموحد، فهو الحلقة المركزية التي يمكن عبر الإمساك بها، الإمساك بباقي حلقات السلسلة في الوضع والكفاح الفلسطيني كله.


لقد تحمّل الجيل (الأجيال) الفلسطيني الحالي، أي من هم فوق الخمسين من العمر قسطه الكفاحي في سفر النضال الفلسطيني المتواصل من أجل التحرير والعودة. فقد أطلق الكفاح المسلح، وبنى ورسّخ منظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد وموحّد للشعب الفلسطيني، وكياناً سياسياً ووطناً معنوياً إلى أن يعود شعبنا إلى وطنه، وأقام سلطة وطنية مع كل الاجتهادات حولها، نشأة وسياسة وأداء، وما ينبغي التحذير منه، أن كل هذه الإنجازات مهددة بالتبديد والضياع إذا بقي الوضع الفلسطيني منقسماً، فهذا الانقسام الكارثي، يبدد كل تضحيات الشعب وإنجازاته، فالمقاومة المسلحة والشعبية، والإنجازات السياسية على المستويات الإقليمية والدولية كلها لا تؤتي ثمارها المرجوة، بل يتقدم في كثير من الأحيان "مردودها" السلبي في ظل هذا الانقسام.


وفي ظل هذا الارتباك والنزف العربي، وملايين اللاجئين العرب الجدد، والأعباء التي نتجت عن كل ذلك، فقد تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية والوضع الفلسطيني عموماً، بما يفتح الباب واسعاً لاستفراد العدو الصهيوني بنا، وبأرضنا، ومقدساتنا والحروب على غزة وحصارها والاستيطان في الضفة، والهجمة لتهويد القدس شاهد ومؤشر على كل ذلك، بما يجعل من قضية استعادة الوحدة قضية القضايا والقلعة التي نتحصن بها، فتحمي الشعب والقضية والمؤسسات من التبدد والتيه من جديد، هو تيه يصعب العودة منه.


فليحترم هذا الجيل من القيادات نفسه، ويحافظ على ما بيدنا، مقدمة وشرطاً للتقدم إلى الأمام، وإلا فالضياع للشعب وللوطن، واللعنة لهذا الجيل وعليه.