بعيداً عن ضجيج وسائل الإعلام بأشكالها المختلفة، أجرت لجنة فنية فلسطينية متخصصة، مباحثات وحوارات ولقاءات مكثفة؛ من أجل إنجاز مشروع "الدستور الفلسطيني الجديد"، الذي يعلق كثير من الفلسطينيين عليه الآمال الكبيرة، في معالجة قضايا فلسطينية داخلية هامة ما تزال شائكة ومعلقة، ولم يفلح القانون الداخلي في إيجاد حلول لها.
وخلال الأيام الأخيرة، أنهت اللجنة الفنية المختصة صياغة المسودة الأولية لمشروع "دستور دولة فلسطين" الجديد، وتم عرضه على رئيس لجنة الدستور، الدكتور سليم الزعنون، لإقراره بصورته النهائية بعد إجراء التعديلات، تمهيداً لإعلانه أمام الرأي العام للتصويت عليه.
واستأنفت اللجنة أعمالها في الثاني من مايو/ أيار الماضي بعد توقف لسنوات، وشكلت لجنة صياغة من 7 أعضاء، وأنجزت الآن الصيغة الأولى من الدستور الفلسطيني الجديد.
التقرير يكشف عن بعض البنود الهامة التي شملها الدستور الفلسطيني الجديد .
- مشاورات صعبة
تحدث الدكتور أحمد الخالدي، رئيس لجنة صياغة الدستور الفلسطيني، للكشف عن كل الظروف التي تحيط بمشاورات صياغة الدستور، وكذلك أبزر العقبات التي تعترض نجاح التصويت عليه، لإقراره بصورته النهائية.
في بداية الحديث وصف الدكتور الخالدي المشاورات التي جرت بين أعضاء اللجنة الدستورية المتخصصة لتشكيل الدستور الفلسطيني الجديد، بأنها صعبة ومعقدة؛ نظراً لحساسية الملف الذي كان بين أيديهم.
وقال ، "الدستور الفلسطيني الجديد يعد أحد أركان الدولة الفلسطينية، وكانت عملية الصياغة والمباحثات تجري مع الجهات المختصة لدراسة كافة الجوانب؛ لضمان خروج بنود واضحة وتتماشى مع الواقع الفلسطيني الداخلي والخارجي".
وأضاف: "الآن نحن أنجزنا الصيغة الأولى للجنة الدستور، وتم عرضها على رئيس اللجنة الدكتور سليم الأغا، يوم الخميس الماضي، وتم بحث كل البنود التي وضعت في الدستور الجديد، وسيكون هناك اجتماع مقبل للبت بصورة نهائية بصيغة الدستور الجديدة".
وأوضح الخالدي أن: "صيغة الدستور الجديدة بعد التوافق عليها من قبل لجنة الدستور المختصة، ستعرض على جميع المنظمات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني، والنقابات المختلفة، وكذلك الأطر بجميع أشكالها؛ من أجل الاطلاع عليها وإبداء أي ملاحظات، ليتم مناقشتها من قبل اللجنة ومعالجة كل الملاحظات بما يتماشى مع الأوضاع الداخلية والخارجية".
ولفت إلى "أنه في حال تمت الموافقة على الصيغة النهائية للدستور الجديد، سيتم عرضه على الرأي العام الفلسطيني في الداخل والخارج للتصويت عليه"، موضحاً أن "إقرار المشروع بشكل رسمي يحتاج للموافقة بنسبة 51% من المشاركين في الاستفتاء، ودون ذلك يعتبر غير صالح".
- جامع وشامل
ورداً على سؤال حول أبرز العقبات التي تعترض نجاح الاستفتاء على الدستور، أكد الخالدي أن العقبة الأساسية هي الاحتلال الإسرائيلي أولاً في إعاقة عمليات الاستفتاء داخل المدن الفلسطينية المختلفة، وكذلك عملية الاستفتاء التي ستتم خارج الأراضي الفلسطينية.
ووصف الدستور الجديد بأنه "جامع وشامل" لجميع الأوضاع الفلسطينية، وتم وضع حلول لكل القضايا والملفات التي عجز القانون الأساسي الفلسطيني عن وضع حلول عملية لها؛ بسبب اختلاف الطبيعة السياسية وكذلك عوامل أخرى مرتبطة بها.
وذكر أن من ضمن البنود المقترحة في الدستور؛ بنود تتعلق بتشكيل أي حكومة فلسطينية مقبلة تعتمد بشكل أساسي على مشاورات تجري بين الرئيس الفلسطيني مع باقي القوى والفصائل الفلسطينية، لتشكيل ملامح أي حكومة مقبلة برئيسها ووزرائها، وكذلك بنود أخرى تحدد شكل الانتخابات، والمجلس النيابي الفلسطيني، ومنصب نائب الرئيس.
ولفت إلى أنه "يرسخ مفاهيم الدولة الفلسطينية الجديدة، ويتمسك بكل الحقوق والثوابت الفلسطينية وعلى رأسها قضية اللاجئين، وحق العودة لأرضهم التي هجروا منها بعد الاحتلال الإسرائيلي".
- عرضه للاستفتاء
بدوره توقع عمر حمايل، رئيس دائرة الإعلام في المجلس الوطني الفلسطيني، أن يتم عرض مسودة الدستور الفلسطيني الجديد، على الرأي العام خلال أسابيع قليلة، بعد عرضه على مؤسسات المجتمع المدني، والشرائح الهامة الأخرى.
وقال "التجهيزات التي تجري على الصيغة النهائية لمشروع الدستور الفلسطيني تمشي بشكل كبير، ووفقاً لخطة فلسطينية موضوعة بشكل حرفي، وسيتم عرض تلك النتائج على الرأي العام خلال أسابيع قليلة".
وأضاف: "الأيام المقبلة ستشهد لقاءات واجتماعات مكثفة من قبل لجنة الدستور التي يترأسها الدكتور زكريا الأغا، لضمان معالجة كل الملاحظات التي تخرج من الجهات الفلسطينية على صياغة الدستور، حتى موعد إعلانه وإطلاقه للاستفتاء الجماهيري".
واعتبر حمايل الدستور الفلسطيني الجديد خطوة هامة نحو بناء ركائز دولة فلسطينية مستقلة، حصلت على الاعتراف الدولي كدولة مراقب في الأمم المتحدة في نهاية العام 2012، وسيساعد على ترسيخ مفهوم الدولة بشكل أعمق خلال الفترة المقبلة، ويدعم الاعتراف الدولي بكل مؤسسات الدولة الفلسطينية.
وذكر أن: "الدستور الفلسطيني سينظم وبشكل كبير الوضع الداخلي والخارجي، والعلاقات بين مؤسسات المجتمع الدولي والشعب والحكومة والسلطة، والفلسطينيون هم المستفيدون بصورة أولية من تلك الخطوات الهامة".
- بنود هامة
على بعض البنود الهامة في الدستور الفلسطيني الجديد، وأبرزها:
- المواطن له الحق في الطعن على الدستور الفلسطيني الجديد، وسيتم الأخذ برأيه.
- الحكومة المقبلة ورئيسها تشكل من قبل الرئيس الفلسطيني وبالتشاور مع الفصائل المختلفة.
- المجلس التشريعي يختلف عن البرلمان الفلسطيني، وكل منهما له طريقة انتخابات وعمل مختلفة.
- المواطن الفلسطيني له الحق في انتخاب الرئيس الذي يمثله ونائبه في ورقة واحدة.