المحكمة «العليا» اتخذت القرار الصحيح بشأن حكومة الوحدة

حجم الخط

بقلم: رفيت هيخت


قرار المحكمة العليا رفض الالتماس لحرمان نتنياهو من تشكيل الحكومة هو القرار المعقول والأكثر منطقية الذي كان يمكن اصداره. قرار الحكم، الذي كتبته رئيسة المحكمة، استر حايوت، مبرر، وادعاؤه الاساسي مقنع لأنه بسيط جداً: ليس هناك، اليوم، مانع في القانون لتولي رئاسة الحكومة في ظل وجود لائحة اتهام، وحتى ليس هناك مانع قانوني من اعطاء تفويض بتشكيل حكومة لمتهم بمخالفات جنائية. اوضحت حايوت ايضا كيف تختلف حالة نتنياهو عن حكم درعي – بنحاسي، الذي يلزم رئيس الحكومة بأن يعفي وزراء متهمين بقضايا جنائية من مناصبهم، وكذلك عن احكام الزمت مجالس محلية بايقاف ولاية رؤساء بلديات في الوضع ذاته.
النقد القانوني للكنيست، الجهة التي تعين المرشح لتشكيل حكومة في حالتنا، يجب أن يكون مقلصا وحذرا اكثر من النقد القانوني الموجه لسلطات اخرى؛ لأن المحكمة ليست لاعبا سياسيا. الامر ليس هكذا: رفضت حايوت أن تحول المحكمة الى اداة في ايدي معسكر سياسي واحد في صراعه ضد معسكر سياسي آخر، وأبقتها وفية لمهمتها: الحفاظ على القانون. هذه المقاربة لا تعكس الضعف، بل بالضبط تعزز المحكمة في ساحة مهمة أكثر: ثقة معظم الجمهور بها. هذا ليس وضعا مفرحا أن رئيس حكومة يتولى منصبه وهو متهم بمخالفات خطيرة، ويوجد في هذا الوضع صعوبة كبيرة، كما اشارت الرئيسة نفسها في قرارها. ولكن حل هذا الوضع المحزن يجب ألا يأتي من المحكمة العليا، بل من صندوق الانتخابات، أو من خلال قرار يعطى في المحكمة التي ستبت في قضايا نتنياهو الجنائية. رغم الاستخدام التهكمي لرئيس الحكومة ومؤيديه بنص القانون، ليس من مهمة المحكمة العليا الهبوط الى مستوى قتال الوحل من اجل أن تفهم ماذا يحيك، وابتكار قوانين جديدة من أجل وقفه. القضاة ليس عليهم تحويل فشل اللاعبين السياسيين في محاربتهم لنتنياهو. ربما كانت حايوت تستطيع استخدام لغة متشددة اكثر بالنسبة للاتفاقات الائتلافية التي عدد من بنودها يثير صعوبات قانونية، وأن لا تعفي نفسها من التطرق بصورة ثاقبة اكثر إليها بذريعة أن تشريع هذه البنود لم ينضج بعد (رغم أنها تقارب الاتفاقات بشكل غير مباشر مع عروس عمياء، نقلا عن التوراة). مع ذلك، حايوت بالتأكيد ترمز الى أنه اذا تم سن قوانين معينة، واذا تم شل عمل الكنيست وتم قمع المعارضة تماما، فهناك احتمال جيد لأن تتدخل المحكمة العليا عندما يتطلب الامر ذلك. مهما كان، يستطيع معارضو نتنياهو أن يشخصوا هنا مكسبا سياسيا: لو أن المحكمة العليا وافقت على نتنياهو مرشحا لرئاسة الحكومة (لأنه ما العمل، القانون يقول ما يقوله) ورفضت الاتفاقات فإن نتنياهو كان يمكن أن يذهب الى الانتخابات كـ»المنتصر على كورونا» مع خاتم المحكمة العليا، ودون وجود اطار سياسي حقيقي امامه.
ليس صدفة أنه تم اتخاذ قرار المحكمة العليا بتأييد جميع القضاة – محافظين وليبراليين. هذه الامور هي بسيطة جدا واساسية، وفي مناخ طبيعي كان يمكن أن تكون واضحة لليمين ولليسار، لمحبي نتنياهو ومعارضيه، لكن هذا ليس هو الوضع. فها هي المحكمة العليا، التي قبل لحظة أقسم من يكرهون نتنياهو للدفاع عنها باجسادهم، تتحول الى محكمة ضعيفة وملعونة في نظرهم؛ حايوت جبانة أو عميلة لبلفور.
هذا التوجه معروف: مراسلون لا يتفقون مع كل بند في قائمة عبادة – كراهية نتنياهو يصنفون كاشخاص متحيونين، ليس مهماً أنهم ينتقدونه بشدة أو يكشفون فساده. دافيد غروسمان، الذي أيد حكومة وحدة، خائن. من لا يطبق حركات الرقص بالضبط مثلما هو متوقع منه يقومون عليه من اجل قطع قدميه. هكذا هي الصورة المثالية لمن يؤيدون نتنياهو: عندما يقدم ضد سيدهم لائحة اتهام فإن الجهاز القضائي هو مافيا. وعندما حكم بشيء ما لصالحه، فجأة يقولون «يوجد قضاة في القدس».
في هذا الجو المجنون الذي فيه لا يمكن مناقشة أي شيء بصورة موضوعية دون التصادم مع كتلة من المشاعر العنيفة، فإن حايوت هي الشخص المناسب في المكان المناسب.
عن «هآرتس»