"العليا" تتخذ قراراً صائباً

حجم الخط

بقلم: بن – درور يميني



القرار الذي اتخذته محكمة العدل العليا، أول من أمس، ليس فقط صائبا قانونيا، بل صائب جماهيريا أيضا. في الأشهر الأخيرة، اتخذت محكمة العدل العليا عدة قرارات أعادتها الى عصر الفاعلية. فاعلية أكثر مما ينبغي. اما، أول من أمس، فعدنا الى ميل ضبط النفس. لم يكن هذا قرارا جبانا. لم يكن قرارا نتيجة تهديدات من جانب رئيس الوزراء ووزراء «الليكود». كان هذا قرارا صائبا، يمكن وينبغي ان نفترض بأنه كان سيتخذ حتى دون اي تغريدة من جانب السياسيين.
مرات عديدة جدا انزلق الخطاب الجماهيري من المجال السياسي الى المجال القانوني والقضائي. اكثر من مرة بدت مواقف القضاة في قراراتهم كمقالات رأي. ان الفصل بين سلطة القانون وسلطة القضاة شطب في قرارات قضائية عديدة.
من المحظور علينا أن نخطئ. لم يحصل هذا فقط من جانب اليسار. فقد ظهرت الفاعلية بكل بهائها من جانب اليمين ايضا. وقد بالغ القاضي الراحل ادموند ليفي فيما قام به. كلما كانت الامور متعلقة به، بصفته قاضيا لم يخفِ مواقفه اليمينية، كان سيشطب فك الارتباط. في القرار الذي نشر، أول من أمس، كان لجما لسلطة القضاة. وظهرت سلطة القضاء بكامل بهائها.
لا خلاف في أنه يوجد هنا شيء عليل في أن شخصا يمكنه أن يشكل حكومة ويقف على رأس الحكومة بينما يتدلى سيف من ثلاث لوائح اتهام من فوق رأسه. هذا لا يشرف الكنيست، والحكومة، والدولة. ولكن النقاش في وضع نادر كهذا جرى في الكنيست. ولم يكن مؤيدون عميان لنتنياهو قرروا بأنه يجب على القرار أن يكون من صلاحيات الكنيست، وليس في صلاحيات القضاة. فقد تخوفوا في حينه، اثناء النقاش من وضع تؤدي فيه ملاحقة سياسية الى رفع لوائح اتهام، ولم يرغبوا في منح أي نائب عام فأعلى، صلاحيات تنحية رئيس وزراء. الجدال في هذا الموضوع مشروع. ولكن هذا ما تقوله سلطة القضاء. ومن يريد قرارا آخر، فإنه يريد أن يفرض علينا سلطة القضاة. أما هم فلم ينجروا، وخيرا فعلوا في أنهم لم ينجروا.
ان القرار بالتكليف بتشكيل الحكومة لنائب ما، كتب القضاة، «هو قرار يكمن في لب لباب الاجراء الديمقراطي. والتدخل الخارجي في هذا الاجراء فيه مس جوهري بمبدأ حسم الاغلبية الذي يقبع في أساس نظامنا السياسي». كثيرون وطيبون، وان كانوا قليلا من خارج الشريحة المعتبرة المقربة من قضاة المحكمة العليا، كتبوا هذا المرة تلو الاخرى. وحقيقة أن القضاة تبنوا هذا النهج جديرة بالترحاب. ليس مهما ما يفكر به القضاة عن مرشح متهم بالجنائي. من المهم ان يعرف القضاة كيف يحترمون انظمة القضاء والسلطة.
القصة لم تنتهِ ولم تكتمل. فقد اجتاز الاتفاق الائتلافي اختبار محكمة العدل العليا، ولكن فقط «في هذا الوقت». تراجع طرفا الاتفاق عن بعض البنود المرفوضة. هكذا سهلوا على قضاة «العليا» مهمة القرار. لقد ابدى القضاة لجما، والآن تبقى ان نرى اذا كان السياسيون ايضا سيتصرفون بمسؤولية.

عن «يديعوت»