من أجل الاستعداد لموجة جديدة من «كورونا»

حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل


من المتوقع أن تناقش الحكومة، هذا الاسبوع، تطبيق المراحل القادمة في استراتيجية خروج إسرائيل من ازمة كورونا. أول من أمس، بعد ضجة واسعة وفي ظل عدد لا يحصى من علامات التساؤل من جانب الاهالي، عادت روضات الاطفال للعمل بصورة جزئية بعد توقف استمر حوالي شهرين.
استمرار التسهيلات سترافقه طوال الوقت متابعة لبيانات الإصابة بالوباء: في هذه اللحظة وبعد ثلاثة أسابيع من بداية التسهيلات في إسرائيل وبعد 12 يوما من يوم الاستقلال - الذي رافقته لقاءات عائلية عديدة نسبيا - فإن البيانات ما زالت منخفضة جداً، وتسمح بمواصلة الخطة. يعتقد بعض الوزراء بأنه إزاء وضع الاقتصاد الصعب، يمكن القيام بمخاطرات أكبر في مجال الصحة وتسريع فتحه.
إحدى المشكلات التي ترافق العملية تتعلق بغياب طاقم خبراء ثابت ومؤهل، يكون له من ناحية الحكومة الكلمة الأخيرة في مجال التوصيات. دخلت الى هذا الفراغ سلسلة من الطواقم المتنافسة، معظمهم متطوعون، قدموا أحياناً توصيات متناقضة. بصورة غريبة الى حد ما، جزء كبير من الخبراء الأساسيين في الطواقم كانوا فسيولوجيين وليسوا مختصين بالأوبئة.
هكذا، فإن السيناريو المتطرف المحتمل والذي عرضه طاقم من الجامعة العبرية قبيل نهاية آذار، والذي توقع حوالي عشرة آلاف حالة وفاة في إسرائيل، أثار موجات عديدة، ولوقت قصير اعتبر بوصلة من قبل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وكبار رجالات وزارة الصحة. في حين أن طاقم خبراء من مستشاري هيئة الامن القومي، والذي نُشر عرضه الموجز، الاسبوع الماضي، في «هآرتس، وضع في بداية نيسان منسوباً صعب التحقيق يبلغ عشرة مصابين جدد يومياً كشرط للخروج التدريجي من الإغلاق. مستشارون آخرون، جزء منهم التقوا بنتنياهو وآخرون تم تبنيهم من قبل وزارة المالية، دعوا فعلياً الى تبني نموذج حصانة القطيع الذي قد يؤدي الى موت آلاف الإسرائيليين.
العالم الرئيسي السابق للجنة الطاقة النووية، البروفيسور دوف شفارتس، عضو في طاقم خبراء آخر، يشارك فيه أيضاً أطباء، علماء أوبئة، واقتصاديون، الى جانب بعض الفيزيائيين، يقول في مقابلة مع «هآرتس» بأن «الطواقم الاستشارية العديدة، التي شكلت خصيصاً، ضمت علماء ممتازين في مجالات بحثهم، ولكن لم يكن لبعضهم أي تجربة سابقة في حقل الاوبئة». حسب أقواله، «كل وزارة حكومية اهتمت بالتسلح بخبراء خاصين بها، تم اختيارهم بالاساس بفضل ما نشروه في مجالهم البحثي، ونظراً لأن موقفهم توافق مع الأجندة الوزارية. التنبؤات التي نشروها كانت خاطئة وبعيدة فعلياً عما حدث».
على خلفية السيناريو الاكثر تهديداً، تم اتباع القيود المتشددة، الى درجة اغلاق شامل تقريباً في نهاية آذار. الآن وحيث تم رفع الاغلاق وتكبدت إسرائيل 252 حالة وفاة واكثر من 16000 مصاب، وهو اقل بكثير من التنبؤات السوداوية، يتركز النقاش على تبرير الخطوات. يشتد الخلاف إزاء الضرر الاقتصادي الضخم الذي وقع والاستجابة البطيئة للدولة في مساعدة المقالين والعاطلين عن العمل.

أقل من ألف طاقم
التنبؤات بشأن وتيرة الاصابة بالمرض تثير علامات تساؤل حتى في الخروج من الاغلاق. طاقم الخبراء الاستشاريين لدى هيئة الامن القومي، برئاسة البروفيسور إيلي فاكسمان، عدل في منتصف نيسان منسوب الاصابة الذي يسمح بمواصلة التسهيلات من عشرة مصابين جدد في اليوم الى مئة. هذا هو الخط الموجه الذي تبنته أيضاً الحكومة، بالاضافة الى شرط مخفف: المئة مصاب الجديد ليسوا قادمين من بؤر التفشي (خارج البلاد، بيوت المسنين، أو من البلدات التي صنفت «حمراء»). بالاضافة الى ذلك تمت الموافقة على شرطين آخرين: تصل وتيرة العدوى الضعف خلال عشرة أيام أو اكثر، وعدد المصابين في حالة خطيرة، والذين اغلبهم يحتاج الى تنفس صناعي، لا يزيد على 250.
كيف قفز الرقم من عشرة الى مئة مصاب في اليوم؟ حدث هذا على اساس الادراك بأن المنسوب الادنى من بين الاثنين يصعب تحقيقه، وهو من شأنه ان يشكل عائقاً خاطئاً لتقديم تسهيلات في الاغلاق. حسب ما يقول البروفيسور شفارتس، فإن معدل المرضى اليومي أقل أهمية بجد ذاته، نظراً بأنه لا يعكس العدد الحقيقي للمصابين (بعضهم لا تظهر عليهم أعراض، ولهذا لن يطالبوا بإجراء فحص). ولكن، المعطى الحاسم هو عدد المصابين الذين يحتاجون الى تنفّس صناعي، وهذا يمكن التنبؤ به تقريباً استناداً الى عدد المصابين اليومي. مع ذلك اذا استمر منحى الانخفاض في عدد الفحوصات اليومية فسيكون من الصعب جدا تشخيص ان عدد المصابين قد ارتفع، في الوقت الحقيقي، منذ يومين عدد الفحوصات اليومية أقل من 400.
من بيانات الوباء في إسرائيل حتى اليوم، يتضح ان حوالي 3% الى 4% من المصابين سيصلون الى وضع صعب، ومعظمهم سيضطرون خلال ايام معدودة الى الربط باجهزة التنفس بسبب خطورة وضعهم. بالمتوسط، وضع المرضى الخطيرين يزداد بعد حوالي عشرة ايام من يوم فحصهم. في بداية الازمة كان في إسرائيل حوالي 1500 جهاز تنفس شاغرا. زاد عددها منذ ذلك الحين، ولكن عنق الزجاجة الحقيقي يتعلق بالطواقم التي تشغلها. المريض المربوط بجهاز التنفس يحتاج الى علاج متواصل. اليوم، بالامكان تخصيص اقل من الف طاقم لتولي معالجة مصابي كورونا. قبيل الشتاء، في موسم الانفلونزا، سيقل العدد اكثر بسبب الحاجة لربط مرضى الانفلونزا، الذين اشتد وضعهم، بأجهزة التنفس. تأهيل طاقم جديد يمتد فترة طويلة جداً، وهكذا ليس بالامكان زيادة عدد الطواقم بصورة فورية. حسب اقوال البروفيسور شفارتس فإنه في معالجة مصاب كورونا فإن الوضع يتعقد اكثر؛ نظراً لأن الطاقم يجب ان يلبس معدات وقاية ثقيلة ولهذا فإن المناوبة التي تعالج مصاب كورونا تستمر لفترة اقل (3 ساعات بدلاً من 6) وتقتضي عدد طواقم اقل مرتين. في هذه اللحظة يبلغ عدد الطواقم الجاهزة حوالي 500 إلى 700.
المصاب، الذي تحتاج للربط بجهاز التنفس، يتم ربطه لمدة حوالي 15 يوما بالمتوسط في إسرائيل، وحتى الآن نصف المصابين الذين يربطون بجهاز التنفس يبقون على اجهزة التنفس (في عدد من الدول الغربية فان نسبة موت من يخضعون للتنفس الصناعي تبلغ 80%).
يشرح البروفيسور شفارتس قائلاً: «اذا كانت هنالك مضاعفة لعدد المرضى الجدد في حالة صعبة كل عشرة ايام، وهو رقم يعادل معامل زيادة يوميا متوسطا يبلغ 1.07، وهو الوضع الذي كنا فيه قبل حوالي شهر - سنصل خلال عشرة ايام الى 150 مصابا في حالة صعبة، معظمهم مربوطون باجهزة التنفس، في اقسام العناية المكثفة لـ»كورونا». يعطي هذا العدد معامل امن اربعة اضغاف بالمقارنة مع عدد طواقم العناية المكثفة القادرين على التعامل مع كورونا. بالمقابل اذا كانت وتيرة الزيادة اليومية المتوسطة قد ارتفعت الى 1.15، وهو الوضع الذين كنا فيه قبل شهر ونصف الشهر، فإننا سنصل خلال عشرة ايام الى حوالي 300 مصاب في حالة صعبة، وهو ما يقارب نصف العدد الاعلى الذي يمكن للاقسام معالجته». ويعتقد شفارتس أن هذا هو الحد الاعلى الذي لا يجب تجاوزه. وهنا يأتي بمقارنة من مجال بحثه الاصلي: «في المفاعل النووي، والذي يتطور فيه رد فعل تسلسلي يؤدي الى انفجار بصورة أسية مشابهة، دون معامل أمن يبلغ 2 على الاقل - يحظر تشغيل المفاعل». من حسن حظ إسرائيل - يقول البروفيسور شفارتس، إنها لم تصل الى ازمة شديدة في الجهاز الصحي. العدد الاعلى للمصابين المربوطين باجهزة التنفس والذي سجل حتى الآن هو 137 في منتصف نيسان. حالياً عددهم كان بالأمس 65. ولكن الفيروس أحدث في إسرائيل ازمة اقتصادية واجتماعية صعبة، وحتى الآن ليس بالإمكان معرفة هل سيعود لاحقاً في موجة ثانية.
«الخطوة المطلوبة الآن هي تشكيل شبيه بلجنة اغرانات ثانية تفحص بصورة عميقة عبر الازمة الحالية. أخشى من انه خلافاً لاحداث امنية، والمحفورة عميقاً في وعي الانسانية بشكل عام والجمهور في البلاد بشكل خاص، فإنه في الاوبئة تنسى الامور بسرعة»، ويضيف: «ان احداً لن يأخذ العبرة ولن يشكل جسما رئيسيا وطنيا ثابتا، يقوم بتركيز المعرفة التي تراكمت ويعالج الاستعدادات لأحداث طارئة مثل الاوبئة. ان جسماً كهذا يجب ان يضم خبراء من مجالات متنوعة وان يكون مستعدا للسيناريوهات المحتملة القادمة».

عن «هآرتس»