نتنياهو وقادة المستوطنين: مفاوضات بين رؤساء عصابات

حجم الخط

بقلم: تسفي برئيل


شخصان يمسكان بالضفة، من يقول ضم الآن ومن يقول ضم بعد فترة. الأول هو مجلس «يشع» للمستوطنين، الذي يدعي أن فرض السيادة الآن يعني الموافقة على خطة ترامب التي تشمل إقامة دولة فلسطينية. والثاني هو عدد من رؤساء المجالس المحلية، الذين يصممون على أخذ ما يعطونه الآن، والنقاش في ما تبقى. يقوم المعسكران بإعداد حملة لاحتلال القلوب، هدفها إقناع الحكومة، لا سيما نتنياهو، بالموافقة، أو عدم الموافقة، على الضم الآن. وكأنهم عادوا إلى عهد الاستيطان الأول الذي شنّوا فيه صراعات ضد حكومات الشر لليسار.
إنهم يتجولون في أروقة الكنيست، كل معسكر يمسك بخريطته. الأول يعرض «الخريطة المفاهيمية» التي رسمها ترامب في خطة السلام خاصته، والتي تشمل رسما مدهشا لدولة فلسطينية مقسمة، ولكنها رغم ذلك دولة. والمعسكر الآخر يعرض «خريطة مثالية»، فيها ضم نحو 38 في المئة من الضفة بدون دولة فلسطينية.
هؤلاء يسمون أنفسهم براغماتيين، وأولئك يسمون راديكاليين. رئيس مجلس افرات، البراغماتي عوديد رفيفي، قال: «لا يمكننا قول لا لكل شيء. أنا مع المقاربة التي تقول إن الخطة تتطرق أولاً وقبل كل شيء لما سيحدث في الغد، فرض السيادة». وفي المقابل، قال رئيس مجلس «يشع»، دافيد الحياني، إن «ما لا يقوله رئيس الحكومة هو أنه توجد هنا خطة تقسيم. وكل هذا الاتفاق هو في الحقيقة مؤشر إلى إقامة دولة فلسطينية».
الفروقات الدقيقة بينهما هي فروق نظرية فقط. يدور الحديث عن الانشغال بالمستقبل الذي مصيره معروف مسبقا. والأمر غير النظري هو غياب الاعتراف بأنهم يتفاوضون فيما بينهم حول منطقة مسروقة، حول تقسيم غنائم ليست لهم، وعلى الطريقة التي فيها سيجسدون الإملاء السياسي الذي رسموه على مدى عشرات السنين وبنجاح كبير. لم يعد مطلوباً منهم «استيطان القلوب» وإقناع «شعب إسرائيل»، وأن يقوموا بحربهم عن طريق خدع في الظلام. هم السيد ليس فقط في «المناطق» المسلوبة، بل بالأساس في دولة إسرائيل.
أقوال الحاخام حاييم دروكمان تفتح العيون، وهو من الآباء المؤسسين لحركة الاستيطان، الذي قال في مقابلة مع «صوت إسرائيل» إن «فرض السيادة مهم من أجل تحطيم الرؤية بأنه يوجد هنا احتلال... هذا ليس احتلالا. لقد عدنا إلى الوطن، هذه أرضنا». ها هو التناقض، المستوطنون، الذين لا يهمهم القانون الدولي وخرقه الفظ، يحتاجون فجأة إلى خطوة رسمية ومعترف بها وقانونية ظاهريا، من اجل إلغاء ما لا يعترفون هم أنفسهم به، الاحتلال. وهم الذين قاموا بلي ذراع الدولة، وشكّلوا الثقافة في إسرائيل، وحملوا عليها كل القوانين العنصرية والانقسام بين اليهود، وأملوا عليها كيف وأين تقوم ببناء مدن اللجوء في مناطق ليست لهم، فجأة أصبحوا بحاجة إلى وثيقة شرعنة من الدولة.
حسب رأيهم، الأمور التي تعرض للخطر استقرار إسرائيل وكل المنطقة، لا تتعلق مطلقاً بالجمهور. المتحدث في نقاش داخلي بين العصابات على طريقة توزيع الغنائم وعلى طرق استثمار الأرباح، كما يبدو حتى لرئيس الحكومة، لا يوجد دور في هذا النقاش المشوه. هو مثل ترامب، يفعل ما يريده المستوطنون. فإذا ارادوا الضم الآن فسيحصلون عليه. وإذا أرادوا التأجيل فسيجد التبرير المناسب.
على أي حال، تلقى الجيش التحذير. وهو مستعد دائما لأي سيناريو. نستطيع تدبر أمرنا أيضا بدون سلام مع الأردن وبدون سلام على الإطلاق. فقد تدبرنا أمورنا مع انتفاضتين سابقتين بصورة لا بأس بها. عقوبات اوروبية؟ أضحكتموني. سنقوم بالبيع للصين وروسيا والهند. وأميركا في الأصل في أيدينا. ومثلما قال ذات مرة بينيت «العالم بحاجة الينا والى التكنولوجيا خاصتنا». مظاهرات ضد الضم؟ لدينا قوانين الطوارئ وصلاحيات مستبدة لرئيس الحكومة. ومثلما أوضح لنا الحاخام دروكمان «نحن لم نعد الى هنا، الى بلادنا، من اجل أن نعيش حياة سهلة». «نحن»؟ وليس دروكمان، نحن نريد حياة سهلة. أنتم تخربون أملنا. ولكن لا يوجد دور للرهائن.

عن «هآرتس»