مع بدء العد التنازلي لتنفيذ خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية والبحر الميت وغور الأردن في الأول من تموز القادم، تتسلح القيادة بالرفض الدولي للخطة في تحركاتها الدبلوماسية للضغط على دولة الاحتلال والولايات المتحدة لإفشالها، ما يفتح التساؤل عن إمكانية البناء على الموقف الدولي والعربي، في ظل إعلان المملكة الأردنية الهاشمية موقفها الرافض لها.
لا فروق بين الضم الجزئي أو الكلي
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي في جريدة الأيام الفلسطينية، عبد المجيد سيولم: "إنّ الحديث عن تدرج خطة الضم لا يتعلق بالموقف العربي فقط، وإنّما يتعلق بجملة الظروف المحيطة التي باتت تُحيط بنتنياهو".
وأضاف سويلم خلال حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "داخليًا يُواجه نتنياهو صعوبات حزبية داخلية من جانب بعض الجماعات، حتى أنّ بعض الأوساط الأمنية تُحذر من خطورة الإقدام على هذه الخطوة دون دراسة وتمحيص ومعرفة ردود الأفعال الممكنة".
وتابع: "الإدارة الأمريكية وبالتحديد مع جناح جاريد كوشنير، لا تزال ترى أنّه لا بد من تنفيذ الخطة؛ وبالتالي فإنّ الضم يجب أنّ يسبقه تجهيز سياسي في الإقليم ومع الأوروبيين الذين لهم موقف واضح برفض المخطط".
وأكّد سويلم على أنّ نتنياهو مُربك؛ لأنّه ليس لديه تصور يُمكن أنّ تفضي إليه "ردود الأفعال"؛ مُردفًا: "نتنياهو لا يستطيع عدم التساهل مع المستوطنين، لأنّه في أعلى درجات المغامرة بمستقبله السياسي".
من جهته، قال وزير العمل السابق في السلطة الفلسطينية والأستاذ في جامعة بيرزيت غسان الخطيب: "إنّه من المبكر الحديث عن تغير في خطة الضم الإسرائيلية؛ لأنّ الموضوع لا يزال قيد البحث داخل أروقة صنع القرار في إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية".
وأردف: "الحديث عن الضم التدريجي أو غيره لن يكون جوهرياً، لأنّه سيكون بالنسبة للفلسطينيين انتهاك للحقوق الوطنية، وغير قانوني وغير شرعي، وعلينا مقاومة هذه المخططات بكل السبل المتاحة".
الموقف العربي
وبالحديث عن الموقف العربي من خطة الضم، رأى الخطيب أنّه لا يوجد أيّ تباين بين مواقف الدول العربية من الضم؛ لأنّ جميعها عبر عن رفضه الخطة، مُضيفاً: "حتى الدول العربية التي تسعى لإقامة علاقات مع إسرائيل تُؤكّد على رفضها الضم، وأنّها تستعمل هذه العلاقات من أجل ثني إسرائيل عن هذه المخططات".
وأضاف: "مشكلة الفلسطينيين مع العرب ليس في المواقف، بل في اقتصارها على المواقف، بمعنى أنّ الموقف لا يتطور باتجاه فاعل"، مُستدركاً: "لكنّ الأمر متفاوت ويجب عدم التعميم".
وقال الخطيب: "أذكر أنّ العرب كانت دائمًا مواقفهم متباينة من القضية الفلسطينية في كافة مراحلها من حيث درجة التأييد والدعم"، مُستطرداً: "لكنّ الأغلبية العربية مساندة للموقف الفلسطيني على الرغم من وجود الشواذ".
واستدرك: "الموقف الذي نعيشه اليوم ليس استثنائياً، وإنّما جزء من البيئة السياسية التي اعتدنا عليها كفلسطينيين، وتاريخيًا كان هناك أقلية شاذة تخرج عن الإجماع العربي".
بدوره، قال سويلم: "إنّه خلال الـ48 ساعة القادمة، ربما ستكون الأمور واضحة"، مُشيراً إلى أنّ الموقف الأردني كان واضحاً ومحدداً وليس متردداً، ولا صحة لأيّ أنباء تتحدث عن إمكانية موافقته على هذه الصفقة.
وشدّد على أنّ الضم يُهدد عملية السلام نهائيًا وقد يُنهيها لأجيال قادمة؛ وبالتالي يضع كل المنطقة في مهب الريح، مُبيّناً أنّ الموقف العربي ليس لديه استعداد لأنّ يُجابهه "إسرائيل" والولايات المتحدة، على الرغم من عدم تفهم العرب لخطورة الضم، لذلك لا يتلفت اليمين "الإسرائيلي" للموقف الهش والضعيف.
الموقف العربي حاسم
وفيما يتعلق بإمكانية بناء القيادة الفلسطينية على الموقف الدولي الرافض دون دعم عربي فاعل، رأى سويلم أنّ "الموقف الدولي أقوى بكثير من العربي ويُمكن الاستناد عليه مؤقتًا"، مُردفاً: "لكنّ الموقف العربي حاسم".
وأوضح أنّ عدم وحدة الصف الفلسطيني تُؤثر بشكل كبير على أدائنا من ناحية، وعلى تغيير الواقع العربي وتحويل الرفض من الجانب الإعلامي فقط إلى السياسي.
وقال: "الموقف العربي نقطة الضعف الكبيرة في الحالة الفلسطينية، بالإضافة إلى الموقف الداخلي؛ وعلى الرغم من ذلك يجب أنّ لا تهبط معنوياتنا في خطة القيادة الفلسطينية لإسقاط مشروع الضم الاحتلالي بكل قوتها"، مُضيفاً: "خطة الضم ربما تحمل أسباب سقوطها لأنّها غير موضوعية ومخالفة للقانون الدولي".
وبيّن أنّ خطة الضم غير مفيدة لـ"إسرائيل"، ويلجأ لها اليمين اعتقادًا أنّها تاريخية وبسبب تخوفه من إمكانية سقوط الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
وأضاف: "بالتالي تذهب قيادة الولايات المتحدة من الحزب الجمهوري للديمقراطي وهم يعتقدون أنّه إذا لم تتم الآن لن تتم أبدًا، ولذلك نرى محاولات تطبيقه بكل السبل، لكنّ على الشعب الفلسطيني أنّ يستمر في موقفه الرافض لهذه المخططات".
كما أوضح الخطيب أنّ الموقف العربي متباين؛ لأنّ بعض الأطراف العربية جادة في الجهود الدبلوماسية لمحاولة مقاومة خطة الضم، بغض النظر عن اختلاف مواقف بعض الدول وهي قليلة.
ونوّه إلى وجود جهات دولية عديدة مناهضة للضم، عدا عن دول عربية كثيرة تُعارض الضم بالإضافة إلى القانون الدولي المناهض له، مُردفاً: "يوجد جهات معارضة في إسرائيل وتباينات بشأن الضم وتفاصيله".
وختم الخطيب حديثه، بالقول: "بالتالي يوجد فرصة للحد من الأذى، وعلينا الاستفادة من كل العوامل الإيجابية سواء العربية أو الدولية من أجل تعزيز موقفنا في هذه المعركة".