الضم نعم ايران لا اسرائيل تمس بالكفاح ضد النووي الايراني

حجم الخط

بقلم فريق الم برئاسة اللواء احتياط عاموس جلعاد

فضلا عن المخاطر المستقبلية الهامة – السياسية والامنية – التي ينطوي عليها تنفيذ الضم في يهودا والسامرة وفي غور الاردن، فان التركيز المطلق لاسرائيل على الخطوة تمس منذ الان بقدرتها على التصدي والصد لتهديدات قائمة، وعلى رأسها البرنامج النووي الايراني المتسع.

​يعكس التركيز على الضم، عمليا، اختيارا من جهة رئيس الوزراء للتخلي، في توقيت حرج عن الوقوف في جبهة الكفاح العالمي ضد التهديد الايراني – سياسة كانت شمعة تضيء لخطى دولة اسرائيل في العقود الاخيرة.

​لقد أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الاونة الاخيرة بانه منذ شباط زادت ايران بنحو 50 في المئة مخزون اليورانيوم بالتخصيب المنخفض الذي في حوزتها، والذي يبلغ اليوم 1.571 كيلوغرام. اذا ما قررت ايران، في السيناريو المتطرف، الاقتحام لقدرة نووية عسكرية، فان هذه الكمية تسمح لها بان تنتج مادة مشعة لقنبلة نووية في غضون عدة اشهر.

​بالتوازي تعرب الوكالة عن قلق عميق من أنه في الاشهرالاخيرة لا تتعاون ايران مع الوكالة، تخفي أدلة وترفض  الاجابة على الاسئلة حول النشاطات المرتبطة بالسلاح النووي، والتي نفذتها في بداية سنوات الالفين  في  ثلاثة مواقع مشبوهة، وتمنع الدخول الى اثنين منها.  فضلا عن ذلك، رغم الخروقات الفظة والمنهاجية من جانب ايران لقرارات مجلس الامن التي تحظر عليها تصدير السلاح والقدرات العسكرية، بعد أربعة اشهر سينتهي مفعول حظر السلاح الذي فرضته الامم المتحدة عليها. تعمل الولايات المتحدة على تمديده ولكنها علقت في عزلة في هذه المسألة. رفع الحظر سيشجع روسيا على  تزويد ايران باسلحة متطورة، بما في ذلك منظومات الدفاع الجوي التي من شأنها أن تمنح ايران احساسا بالحصانة وتشجعها على مواصلة تسريع مشروع النووي.

​بشكل استثنائي، يكاد صوت اسرائيل لا يسمع في الساحة الدولية في سلسلة التحديات هذه، وهي لا تخرج بقوة ضد التهديد الاخطر عليها. الصمت في المسألة الايرانية “صاخب” على نحو خاص في ضوء حقيقة أنه حتى وضع الضم في رأس سلم الاولويات، كانت اسرائيل، بقيادة رئيس الوزراء نتنياهو هي “المحرك” الذي يدفع الساحة الدولية نحو خط متشدد ضد التهديد الايراني. وذلك من خلال منظومات دبلوماسية واعلامية، كشف استخباري بل وتهديدات، خفية بهذا القدر او ذاك، بمهاجمة ايران.

​ان التحدي متعدد الابعاد الذي تشكله ايران، وأولا وقبل كل شيء في المجال النووي، كبير ومعقد، وفي الوسائل لمنعه تحتاج اسرائيل جدا لتجند العالم. بدلا من هذا، فان سياستها الحالية “تجذب النار” فقط وتحرف الانصات الدولي، المحدود على اي حال في ظل أزمة الكورونا، عن التهديد الايراني. وهكذا، بدلا من تجنيد العالم لوقف البرنامج النووي للنظام في طهران، تجبر اسرائيل حلفائها باستثمار طاقة وجهود كبيرة بالذات في محاولة لاحباط خطة الضم، ضمن امور اخرى في ظل تصعيد ميلها للاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 67.

​لقد انكشفت هذه المشكلة بشكل واضح في السلوك حول زيارة وزير الخارجية الالماني، هايكو ماس، الى البلاد. فالمانيا هي من اكبر اصدقاء اسرائيل، ولاعبة هامة في كل ما يتعلق بمعالجة مشكلة النووي الايراني. لقد كانت المانيا هي الدولة الوحيدة التي انضمت الى الاعضاء الدائمين في مجلس الامن في خوض المفاوضات مع طهران على الاتفاق النووي، وتوشك على أن تصبح الرئيس الدوري لمجلس الاتحاد الاوروبي.

​في الايام العادية، كان الموضوع الايراني سيكون على رأس جدول أعمال الزيارة، ولكن في الواقع الحالي جاءت هذه الزيارة كجزء من الجهود الالمانية لحمل اسرائيل على الامتناع عن خطوة الضم، بل تحولت الى خلاف دبلوماسي مع برلين على خلفية قرار اسرائيل منع ماس من زيارة رام الله. لقد حذر ماس اسرائيل من أن المانيا لن تتمكن من منع اجراءات العقوبات ضدها في اوروبا، وتعزز فكرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية في  القارة كرد على الضم لدرجة تنفيذ بضعة دول لها.

​فضلا عن ذلك فان دول الخليج ايضا، التي كان التهديد المشترك من جانب ايران هو المحرك المركزي لتحسين علاقاتها مع اسرائيل وللتعاون الهاديء معها – تعيد احتساب خطواتها على خلفية الضم. لقد تلقت اسرائيل هذا الاسبوع انذارا استراتيجيا في شكل خطوة مغطاة اعلاميا بادرت اليها دولة اتحاد الامارات. فقد توجهت ابو ظبي مباشرة الى الشعب في اسرائيل، من خلال سفيرها في واشنطن، يوسف العتيبة، الذي نشر مقالا في “يديعوت احرونوت”. وحذر  السفير  من أن الضم سيمس باستقرار المنطقة كلها ويقلب رأسا على عقب ميل تقرب  الدول العربية من إسرائيل.

​في السطر الاخير، لا يمكن لاسرائيل “ان ترقص في عرسين” – ان تضم وأن تتصدى بأفضل شكل للتحدي الايراني في آن واحد. في  الظروف الناشئة، واضح أن اسرائيل اختارت الضم. والخطوة تنتج تقريبا من العدم تحديات استراتيجية زائدة على أمننا القومي، وفي نفس الوقت تمنعنا من التركيز على التهديدات الملموسة المتصاعدة من جانب ايران. اختيارها الضم، من شأن اسرائيل أن تفوت احد انجازاتها الاستراتيجية المركزية في مواجهة التهديد الايراني على مدى السنين – جعله مشكلة دولية وليس اسرائيلية فقط.