بند بريء يحول مدير عام مكتب رئيس الحكومة الى دفتر شيكات

حجم الخط

هآرتس – بقلم سامي بيرتس

من بين مجمل البنود الصغيرة التي تختفي في مشروع القرار الذي ينظم مسألة تمويل نفقات مقر رئيس الحكومة البديل، على حساب الخزينة العامة، يظهر البند التالي: “خدمات المقر يتم تقديمها من قبل طاقم العاملين في مكتب رئيس الحكومة، بما في ذلك العاملين في المقر الرسمي. ولكن مدير عام مكتب رئيس الحكومة يمكنه المصادقة على أن تقدم الخدمات بطريقة اخرى”. هذا البند يبدو بند بريء ولكن معناه ليس كذلك. فهو يحول مدير مكتب رئيس الحكومة الى دفتر شيكات يمشي على قدميه لسكان مقر رئيس الحكومة، ويوفر لهم مسار التفافي لرفض الجهات المؤهلة في المكتب، ويلقي على الجمهور عبء نفقات خاصة.

​مثلا، اذا قرر عامل في مكتب رئيس الحكومة بأن طلب لسكان المقر غير مبرر فيمكنهم أن يطلبوا من المدير العام معالجة ذلك بواسطة جهات خارجية. هذا البند لم يأت عبثا، بل هو نتيجة التجربة المتراكمة في شبكة العلاقات بين سكان المقر – عمليا من تسكن المقر – وبين المدراء العامين في مكتب رئيس الحكومة. اثنان من هؤلاء، الذين خدموا تحت نتنياهو، ايلي غرونر ويوآف هوروفيتس، اللذان استقالا في اعقاب تضعضع العلاقة مع سارة نتنياهو.

​هؤلاء الاثنان من رجال اليمين البارزين. غرونر هو خريج المدرسة الدينية في عيليت ويعيش في غوش عصيون. وهوروفيتس هو عضو قديم في الليكود وعمل مع نتنياهو لفترات متقطعة مدة عشرين سنة. وقد استقالا بشكل مفاجيء في اعقاب خلافات شديدة لا صلة لها بالضم أو المشروع النووي الايراني أو سياسة نتنياهو الاقتصادية – الاجتماعية. الطلبات اللانهائية لنتنياهو من اجل تمويل الحكومة لمقر العائلة الخاص في قيصاريا، جبى منهما ثمن باهظ على شكل احتكاك وتوتر أعاق عملهما. ولكل واحد منهما كان في مرحلة معينة خوف من أنه اذا صادق على نفقات مثل ستائر كهربائية بعشرات آلاف الشواقل أو فريزر باهظ الثمن، فهو سيورط نفسه في تبذير اموال عامة بطريقة غير مناسبة.

​في مرات كثيرة صادقا على نفقات كبيرة للمقر في قيصاريا بقلب مثقل، ولم ينجحا في أي يوم في اشباع رغبات سكان المنزل تماما. وكلما صادقا على المزيد من النفقات كلما ازداد تيار الطلبات الذي ظهر لهما وكأنه من غير المناسب تحميله على خزينة الدولة. في مرحلة معينة تم طرح فكرة أن يتم تخصيص مبلغ معين لتمويل نفقات المقر في قيصاريا من اجل تقليل الاحتكاك والانشغال اليومي في فحص كل طلب على حدة، لكن الفكرة تم رفضها. وسارة نتنياهو لم ترغب في وضع حدود على المبلغ.

​إن مغادرة غرونر وهوروفيتس لم تشعل الضوء الاحمر في بيت رئيس الحكومة. تيار الطلبات لتمويل نفقات مختلفة وغريبة لم يتوقف. القائم بأعمال مدير عام المكتب الحالي، رونين بيرتس، الذي يصادق عليها، كان يأمل في تعيينه مدير عام ثابت. ولكن رئيس الحكومة فضل ابقاءه قائم بالاعمال في الوقت الحالي. ربما هكذا سيكون أسهل الدفع قدما بالامور في المقر.

​مشروع القانون الذي تم بحثه أمس في لجنة المالية استهدف منح نتنياهو دفتر شيكات مفتوح من الدولة من اجل تمويل نفقات مقره الخاص ومقر بني غانتس في فترة توليهما منصب رئيس الحكومة ورئيس الحكومة البديل. وهناك أمر مهم واحد غائب هناك: سقف للمبالغ التي يمكن سحبها من الخزينة العامة. كل وزارة حكومية وكل هيئة عامة أو جسم تجاري لها ميزانية محددة. ولكن لمقر رئيس الحكومة وبديله لا يوجد أي تقييد. بالعكس، صيغة القانون الخالية من أي تحفظات أو قيود، والمليئة بتعريفات شاملة مثل “خزينة الدولة ستتحمل جميع النفقات المطلوبة لتشغيل وصيانة المقر الرسمي، وضمن ذلك طاقم العاملين والنفقات الاقتصادية لرئيس الحكومة ومن يسكنون معه”.

​لو كان لدى نتنياهو القليل من الخجل لكان سيقبل على الاقل المطالبة بسقف للموازنة. شيء ما يشير اليه ولسكان المقر والسكرتاريا التي تخدمه بأنه توجد حدود للجلافة. ايضا غانتس يلعب هنا لعبة غير واضحة. فهو يقول بأنه لا توجد لديه أي طلبات بالنسبة لمقره الخاص، لكنه عمليا شريك في المبادرة وهو يسمح بسرقة الخزينة العامة في ذروة ازمة اقتصادية من اخطر الازمات التي شهدناها.