في محاولة إسرائيلية لحرف البوصلة عن مشروع "سرقة أراضي من الضفة والأغوار" بدعم أمريكي غير مسبوق، تتسابق الصحافة "الإسرائيلية" بتوجيه من حكومة الاحتلال؛ للترويج لأنباء تُفيد بتقدم المفاوضات غير المباشرة بشأن "صفقة تبادل الأسرى" مع حركة حماس، وذلك في وقتٍ أعلنت فيه السلطة في الـ19من مايو عن قطع علاقاتها مع الاحتلال ردًا على مشروع الضم، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن حقيقة التقدم في المفاوضات؟، وإنّ كان الهدف من تلك الأنباء التغطية على مشروع الضم الاحتلالي؟، إضافةً إلى أنّه في حال إتمام الصفقة هل ستكون إنسانية أم ستفرض حركة حماس شروطها بالإفراج عن قادة التنظميات الفلسطينية؟.
تبريد جبهة غزة
بدوره، رأى المختص في الشأن "الإسرائيلي" عاهد فروانة، أنّ حديث دولة الاحتلال عن تقدم في مفاوضات الإفراج عن الأسرى والكشف عن مصير الجنود المفقودين في قطاع غزّة، مجرد مناورة لتبريد جبهة القطاع بالتزامن مع تنفيذ مشروع الضم.
وأوضح فروانة في حديثٍ خاص بوكالة "خبر" أنّ ممارسات الاحتلال تجاه قطاع غزّة سواء بإدخال المنحة القطرية، أو الحديث عن تقدم في "صفقة التبادل"؛ محاولة لتحييد القطاع عن الهم الوطني العام؛ وذلك بخلط الأوراق وعزل غزّة عن ملف الضم.
وحذّر من مخططات الاحتلال التي تحاول أنّ تُجذر الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس وأراضي الـ48 والشتات؛ وذلك بجعل كل منطقة لها همومها الخاصة.
محرري شاليط.. حجر الزاوية
وأوضح فروانة أنّ إنجاز "صفقة التبادل" ليس بالأمر السهل؛ لأنّ حركة حماس وضعت شروطاً للصفقة أبرزها الإفراج عن الأسرى المحررين في صفقة "شاليط - وفاء الأحرار"، مُردفاً: "هؤلاء يمثلون حجر الزاوية في التقدم بملف المفاوضات".
وتابع: "رغم أنّ قائد حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، أشار إلى إمكانية حلحلة هذا الموضوع في ظل أزمة كورونا، وذلك بكشف بعض المعلومات عن جنود الاحتلال في الصفقة الإنسانية".
ولفت إلى أنّ حديث السنوار كان مدخلاً مهمًا لدولة الاحتلال؛ لتحريك الملف بمبادرات إنسانية للإفراج عن هذه الفئات؛ كي تصبح الأمور أكثر وضوحًا.
واستبعد أنّ تُقدم دولة الاحتلال ثمنًا كبيرًا في جنودها المحتجزين بقطاع غزّة، خاصة أنّ الحديث عن جندي من أصول عربية والآخر من الفلاشا"، مُستدركًا: "لكنّ في صفقة أكبر قد تكون الأمور أكثر شمولية بالإفراج عن مروان البرغوثي وأحمد سعدات وغيرهم من القادة السياسيين والعسكريين؛ في ظل تأكيد حركة حماس على أنّ لديها مجموعة مهمة من الجنود".
وأشار فروانة إلى أنّ حركة حماس تسعى للإفراج عن قدامى الأسرى والقادة السياسيين والعسكريين، خاصةّ أنّه تم استثنائهم في صفقة "شاليط"؛ لعدم تكرار الأمر.
معركة عض أصابع
وأكّد فروانة على أنّ حركة حماس تحتاج إلى هذه الصفقة؛ لزيادة شعبيتها وحضورها في الشارع الفلسطيني، لأنّها تعتبر أنّ ما لديها من جنود كنز تستطيع من خلاله حل الكثير من الأزمات، مُبيّناً أنّ المعركة الآن، هي معركة عض أصابع بين حماس وإسرائيل، أيهما سيفرض شروطه في النهاية.
من جهته، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي باسم أبو عطايا، أنّ الحديث عن مفاوضات "صفقة التبادل" قبل أيام من الموعد المعلن عن الضم؛ محاولة من الاحتلال لحرف البوصلة عن اتجاهها الصحيح، بالترويج أنّه في ظل وقف السلطة التعامل مع الاحتلال تتاوض معها حركة حماس، مُستطرداً: "هذه المسألة أصبحت مكشوفة ولا تنطلي على أحد".
وتابع: "إتمام الصفقة مرتبط بتقدم حقيقي في الملف من خلال الوسطاء، إضافةً إلى قبول إسرائيل بطرح المقاومة، لأنّ الأمر لا يتعلق بشخص المفاوض؛ وإنما بقدرة القيادة الإسرائيلية على إقناع الشارع الإسرائيلي".
ونوّه أبو عطايا خلال حديثه لـ"خبر"، إلى أنّ كثير من المطالبات يُطلقها قيادات حزبية "إسرائيلية" بعدم الإفراج عن الأسرى؛ بذريعة أنّ 70% منهم عادوا للعمل المسلح ضد دولة الاحتلال.
وبيّن أنّ مسألة التقدم والتراجع، تعتمد على ما ستُقدمه دولة الاحتلال، ومن هو رئيس الوزراء الذي سيعطي الأمر بإتمام الصفقة وقدرته على إقناع الشارع بأهميتها واحتياج "إسرائيل" لهذه الصفقة.
وأردف أبو عطايا: "إسرائيل تتحدث عن الصفقة في وقت لا يهتم به الشارع والإعلام الإسرائيلي ولا يوجد أي ضغط على الحكومة لإتمامها، وبالتالي كل الأنباء التي تتحدث عن الصفقة؛ تأتي ضمن عناوين تضعها وتُحددها الحكومة للصحف؛ لفرض أجندتها وتضليل الشارعين الفلسطيني والإسرائيلي"، مُوضحاً أنّ ملف الضم هو الأهم بالنسبة لدولة الاحتلال الآن، وإتمام صفقة التبادل آخر ما يفكر به نتنياهو في الوقت الراهن.
استغلال الرأي العام العالمي
أما المحلل والصحفي الدولي خالد عمايرة، فرأى أنّ إتمام الصفقة يعتمد على الخطوط الحمراء لكل جانب؛ مُستعبداً في الوقت الراهن إتمامها، مُردفاً: "من السابق لأوانه إتمامها الآن، وقد مررنا بمحطات تُشبه ما يحدث حاليًا".
وأضاف عمايرة خلال حديثه لـ"خبر": "إنّ إسرائيل تريد بحديثها عن تقدم في "صفقة التبادل"، إشغال الرأي العام الدولي والإيحاء للمجتمع الدولي الذي يضغط على إسرائيل برفضه لخطة الضم، أنّ الأمر ليس بهذا السوء".
واستطرد: "الهدف من الحديث عن مفاوضات صفقة التبادل؛ إرسال انطباع لأوروبا ودول الخليج؛ بأنّ الفلسطينيين ليسوا في صدام دائم معنا".
وفي ختام حديثه، قال عمايرة: "إنّ ما يجري يخدم خطة الضم الإسرائيلية"؛ مُحذّراً من محاولات إسرائيلية لاستغلال كل ما يجري لتسويق نفسها إعلاميًا للرأي العام العالمي.