مسؤولية الغرب الأخلاقية تجاه المأساة الفلسطينية

حجم الخط

د. موسى شتيوي يكتب

لقد أيقظت خطة نتنياهو لضم أراضي الضفة الغربية الضمير العالمي والذي تبدى من خلال الاحتجاجات الشعبية والرسمية في العديد من دول العالم بشكل عام والعالم الغربي بشكل خاص. حجم الاحتجاج العالمي وصلابة الموقفين الأردني والفلسطيني قد يؤدي بنتنياهو لتغيير خطة الضم والتي كان من المتوقع أن تبدأ في الأول من هذا الشهر إما باتجاه التأجيل أو الضم على مراحل او كليهما وذلك لتفادي ردات الفعل المحتملة على كافة المستويات المحلية والدولية.

يجب عدم التقليل من أهمية ردة الفعل العالمية وخاصة الأوروبية والأميركية لأنها تأتي من دول تربطها بإسرائيل علاقات صداقة وثيقة وعلاقات اقتصادية كبيرة ناهيك عن الدعم المالي والعسكري الأميركي غير المسبوق لإسرائيل والذي لولاه، بالإضافة للدعم السياسي، لما استطاعت إسرائيل الاستمرار بالبقاء والإمعان بالغطرسة السياسية والامنية على الفلسطينيين والدول العربية المجاورة.

الغرب يتحمل المسؤولية الاخلاقية بإقامة الدولة اليهودية في بداية القرن العشرين من قبل بريطانيا بوعد بلفور وبإقامة دولة لليهود في فلسطين التي كانت تحت سيطرتها وعلى حساب الفلسطينيين ومرورا بالدعم السياسي والعسكري غير المحدود من قبل الولايات المتحدة.

لا بل أكثر من ذلك، فإن الانحياز الأميركي لإسرائيل غير مسبوق وقد لا يوجد له مثيل بالتاريخ المعاصر. فإسرائيل الدولة الوحيدة التي كانت تخالف القانون الدولي باستمرار احتلالها لفلسطين والاستمرار بالاستيلاء على أراضي الضفة الغربية من خلال الاستيطان دون أن تتعرض لأدنى ردع أو عقوبة لا من الأمم المتحدة ولا من أي دولة منفردة بفضل الحماية الأميركية.

في بداية الصراع العربي الإسرائيلي كان الهدف تحرير كامل فلسطين ولكن تحت الواقعية السياسية فقد قبل العرب والفلسطينيون من حيث المبدأ بوجود إسرائيل شريطة أن تقام دولة فلسطين في الضفة الغريبة وغزة وعاصمتها القدس الشرقية. ولكن إسرائيل عرقلت كل الجهود والمحاولات لإقامة الدولة الفلسطينية بغض النظر عن شكلها وطبيعتها. ومع اختلال موازين القوى نتيجة للربيع العربي، أمعنت إسرائيل بسياساتها الاستيطانية ومع استلام ترامب سدة الرئاسة الأميركية وفر الغطاء السياسي لسياسات اليمين المتطرف الإسرائيلي بدأ من الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وضم القدس الشرقية وتفويض إسرائيل بضم أكثر من 30 % من أراضي الضفة الغربية لإسرائيل والقضاء على خيار حل الدولتين.

خطة الضم هي سرقة علنية لأراضي الغير بمباركة أميركية وبداية للتطهير العرقي للفلسطينيين والذي يتعارض مع كل مبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي. هذه السياسة تؤسس لنظام فصل عنصري جديد بعد أن احتفل العالم بنهاية حكم أطول نظام فصل عنصري استيطاني في العالم في بداية التسعينيات في جنوب أفريقيا.

العالم الغربي يجب أن يتحمل المسؤولية الأخلاقية لكل ما تعرض له الشعب الفلسطيني من استلاب أرضه وتهجيره وتعرضه للعنف والقمع الممنهج على مدى عقود من الزمن.

موقف الرفض الغربي لضم الأراضي الفلسطينية على أهميته إلا أنه غير كاف لأن إسرائيل سوف تلجأ للتسويف والمماطلة والتأجيل لحين وجود فرص مواتية لتنفيذ مخططاتها الاستيطانية. المطلوب من الغرب اليوم لكبح جماح التطرف الصهيوني وإنصاف الشعب الفلسطيني على أرضه هو الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أراضي الرابع من حزيران والذهاب للأمم المتحدة لإنفاذ هذا الاعتراف، بريطانيا كانت مسؤولة عن بداية المشكلة وأميركا هي من يدعم استمرارها وتقع على الطرفين المسؤولية الاخلاقية لتصويب هذا الخلل التاريخي.