كرمي غيلون يعتقد أن الاحتلال فظيع ولكن لا يمكن انهاءه ، ويحذر من اغتيال مندلبليت

حجم الخط

هآرتس – بقلم رفيت هيخت

كرمي غيلون، رئيس الشباك السابق، يصف بكلمات قاسية جدا عملية التدمير التي ينفذها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للدولة. في مركز هذا الانتقاد اللاذع سألته كيف يتمثل هذا التدمير في المجال السياسي. وقد أجابني “هنا سأفاجئك. الحقيقة هي أن بيبي نتنياهو هو شخص جبان ولا يقوم باتخاذ قرارات حاسمة في جميع الاوضاع: حماس، ايران. مثلا، قدرة تحمله في غزة. لقد تلقى صواريخ والجميع يضغط عليه من اجل تجريد غزة من السلاح ولكنه لا يسمح بذلك، ليس لأنه أقل منهم شعبوية، بل لأنه يخاف من اتخاذ قرارات صعبة”.

​حسب هذه المقاربة، هل سيقوم بالضم؟

​” حسب رأيي لا. هذا سينتهي بربط معين لمعاليه ادوميم بالقدس.

​غيلون ترأس القسم اليهودي في الشباك تسبب باعتقال اعضاء التنظيم السري اليهودي الذين هاجموا فلسطينيين وخططوا لتفجير قبة الصخرة. وفي السنوات الاخيرة هو يترأس شركة “سايت جك” الحديثة في مجال السايبر والتي تم بيعها في أيار الماضي لشركة ماستر كارد الدولية. وقد كرس غيلون حياته لبحث حركة غوش ايمونيم واليمين المسيحاني. وفي الفترة الاخيرة نشر رواية بوليسية بعنوان “مسيح متوحش”، ألفها هو ويوسف شبيط. هذا الكتاب يصف سيناريو متخيل لتنظيم سري يهودي يقوم بزرع الارهاب والدمار في اسرائيل.

​اليمين المتدين والايديولوجي تسبب له بضربة شديدة. قتل رابين هو جرح نازف لا يحاول غيلون حتى الاظهار بأنه قد تغلب عليه. “اعتقدت أن أحدا من غوش ايمونين لن يقوم باغتيال يهودي. وقد كنت مخطئا”، يعترف. “ربما لم يكن ليغئال عمير بطاقة عضو في غوش ايمونيم. ولكن غوش ايمونيم هي مفهوم. هذا هو المكان الايديولوجي”. ومثل معظم من تخرجوا من جهاز الامن، تحول غيلون الى معارض كبير للاحتلال والضم. وحسب قوله هو كان هكذا دائما، مع معظم قيادة الشباك. ومع ذلك، يضحكه عندما يسمونه هو واصدقاءه باليساريين. “أنا أكبر رابيني يمكن أن يكون”. “رابين كان صقريا أكثر من جميع الصقور ولم يكن جبان. وقد فعل اشياء لم يكن بيبي ليتجرأ طوال حياته على المصادقة عليها”.

​بعد مرور 53 سنة أليس من المبالغ فيه أن نفترض أن النضال ضد الاحتلال لم ينجح؟ هل كانت هناك امور كان يمكن القيام بها بصورة مختلفة؟ “أنا سأقول لك ما الذي كان يجب فعله. كان يجب انهاء الاحتلال. فالاحتلال هو أم الخطايا”.

​يجب علي تذكيرك بأن الشباك هو الذراع الذي يتولى العمل الاكثر سوادا للاحتلال. الشباك يستخدم ضد الفلسطينيين اساليب الضغط الاكثر قسوة. استغلال وضع المرضى، مثليون غير معروفين.

​“بصورة قاطعة، كل شيء تكتيك. الشباك حارب الارهاب وهو يستخدم ضده كل الوسائل. ربما أكون لطيف في نظرك. ولكن ايضا أنا الذي وضعت الهاتف المحمول الذي فجر رأس “المهندس” يحيى عياش. ولكن جميع رؤساء الشباك منذ ذلك الحين عارضوا الاحتلال. لقد حاربوا الارهاب وعارضوا الاحتلال”.

​اوباما تلقى صفعة

​مبادرات الضم يسميها غيلون “أمر غير معقول”: تضارب مصالح مطلق لجميع الاطراف. “الوضع الراهن جيد لاسرائيل لأنها تحصل على كل ما تريده بدون مقابل”، قال. “لقد كنت شريك كامل بصفتي ضابط استخبارات في اتفاقات اوسلو. ولم يتحدث أي شخص بمفاهيم سلام خارج الغرف. السلام هو شيء ما قاموا ببيعه للجمهور. نوع من الافيون. داخل الغرف تحدثوا عن مصالح، بالضبط هذه هي طريقة عمل طاقم ترامب. اسرائيل خرجت من اتفاقات اوسلو مع الاتفاق الامني الذي خدمها جدا ضد الارهاب ومع اتفاقات اقتصادية”.

​في المقابل غيلون يفصل المصالح الفلسطينية في اطار الاتفاقات. سواء الاقتصادية أو “الخدمات الاسرائيلية ضد التهديد السياسي لأبو مازن، الذي هو حماس”.

​مع ذلك يواصل “الفلسطينيون خسروا لأن الموضوع الفلسطيني لم يعد قضية العالم. فالعالم الغربي ينشغل الآن بأمرين هما الهجرة والكورونا. من تعنيه القضية الفلسطينية هذه. في المقابل حدثت نفس العملية في الدول العربية المعتدلة التي اخذت في الزيادة. من هو الحليف الافضل ضد ايران من اسرائيل؟ صحيح أنه لن توقع أي دولة عربية على اتفاق مع اسرائيل بدون المرور برام الله. ولكن فعليا يتطور هنا محور جديد كله مصالح. هذا ما فهمه ترامب بصورة ممتازة، واوباما تلقى صفعة مع الربيع العربي، هذا الغبي لم يفهم. ترامب على الاقل قرأ الواقع. وحتى لو أنني لا أتفق مع مضمون خطته، بالتأكيد لا اوافق على الضم أو الترحيل”.

​أنت تنشغل جدا باليمين المسيحاني. ولكنك كرجل أمن لا تستطيع تجاهل الخطر الامني الذي يكتنف اقامة دولة فلسطينية في الضفة، وبالتأكيد على ضوء التجرية في قطاع غزة.

​“يجب علينا التعلم من اخطائنا في غزة وأن لا نقوم بتكرارها في الضفة الغربية. فالضفة تتعايش معنا منذ الانتفاضة الثانية. عمليات ارهابية هنا وهناك دائما كانت موجودة. ولكن هناك وضع قائم يخدم الطرفين. السلطة لن تطلق الصواريخ على اسرائيل لأنه لا توجد لها مصلحة في ذلك. بالضبط مثلما لا تقوم بذلك الآن”.

​اذا كان الوضع الراهن ناجح جدا فلماذا نقيم دولة فلسطينية؟

​“هذا لأنه يوجد ضرر قائم نتيجة الاحتلال. وهذا الضرر فقط سيستمر وسيكون اكثر سوء”.

​هل في الوضع الراهن، الضم واعطاء الجنسية للفلسطينيين لم يعد حل قابل للتنفيذ؟

​“يمكن لهذا أن يحدث، لكن عندها ستطرح بالطبع اسئلة ديمغرافية. هذا لا يفيد اسرائيل. لماذا يجب علينا تحويل اليهود الى أقلية في دولة كل مواطنيها؟ هناك من يؤيدون ذلك، لكنهم اقلية ضئيلة. أنا اعتقد أن الاغلبية الساحقة تريد دولة يهودية وديمقراطية”.

​يهودية وديمقراطية، هل هذا ممكن معا؟

​“حسب رأيي لا. بصورة اساسية لا يمكن أن يتعايشا معا. مع الوقت كان يجب على اسرائيل أن تكون دولة ديمقراطية. ولكن العملية التي بدأت في 1948 بوثيقة الاستقلال، توقفت ببساطة في منتصف الطريق. لم يكن أحد يستطيع أن يتوقع بأن يمين ايديولوجي متدين سيصعد الى الحكم”.

​ما الذي تفضله، دولة يهودية أم دولة ديمقراطية؟

​“أنا أفضل دولة ديمقراطية. أنا أريد هنا حرية دينية مطلقة. أعتقد أنه يجب مواصلة تسميتها دولة يهودية وديمقراطية؟ نعم. لأنه يوجد لهذه الدولة قدر آخر وهو يهود الشتات”.

​ما الذي يعنيه تعبير الافضلية الديمقراطية؟

​“المعنى هو أنني لا أمنع المواطنة عمن يريد أن يكون مواطن هنا. ولكني اشجع اليهود على القدوم ليكونوا مواطنين هنا. هذا يعني أنهم سيحصلون على سلة استيعاب مختلفة. يوجد هنا صراع اعتقد الآباء المؤسسون أنه ستتم تسويته مع مرور الزمن. لو أن اسرائيل بقيت في الحدود التي اقيمت فيها لكان لدينا هنا دولة ديمقراطية دون الحاجة الى القول بأنها يهودية، تعيش فيها أقلية عربية. الاحتلال قام بتغيير الديمغرافيا. لقد تحملنا المسؤولية عن أناس لا يريدوننا. واستخدمنا أدوات واساليب افسدتنا”.

​هل العرب يريدوننا؟

​“الآن نعم. لأنهم يتمتعون من مزايا الديمقراطية ويعبرون عن انفسهم. ربما هم أقلية مضطهدة لكنها غير ملاحقة. القائمة المشتركة ليست تنظيم سري، بل هي تتنافس بالوسائل الشرعية والقانونية التي منحتها اياها دولة اسرائيل، بما في ذلك “بلد”، التي لا أعرف كيف المحكمة العليا صادقت عليها. ولكن مع أيمن عودة لا توجد لي أي مشكلة”.

​هل الاحتلال سينتهي في وقت ما؟

​“الآن أنا لا أرى كوكبة كهذه. إلا اذا كان لدينا رئيس حكومة مثل اريك شارون. جميعهم يتحدثون عن الانفصال عن غزة. ولكن الامر الاهم الذي قام به اريك شارون هو الاخلاء في شمال السامرة. بالنسبة للمستوطنين فان الاستيطان في غزة كان شيئا زائدا. فهي ليست من ارض الآباء”.