القلق الاساسي لسكان الضفة ليس الكورونا

حجم الخط

هآرتس – بقلم جاكي خوري

مع قفزة في الاصابات بالكورونا فانهم قي الحكومة في رام الله يحاولون ان يبثوا ان الوضع تحت السيطرة ولكن النقد الجماهيري على الارض اخذ في التزايد “.

في بداية الشهر الماضي كان بامكانهم في الحكومة الفلسطينية الحديث عن الكورونا بمفاهيم النصر. البيانات التي عرضوها عند مواجهتهم للوباء بعد شهور من السلوك الصارم، وخاصة في شهر رضمان وعيد الفطر كانت الدليل على ذلك، ولكن بعد شهر فإن الامور تبدو مختلفة، والخوف من العدوى في الجمهور الفلسطيني يتقزم ازاء الخوف من انهيار اقتصادي.

في 6 حزيران اعلنت وزيرة الصحة الفلسطينية مي كيلة ان نسبة المتعافين من الكورونا في اراضي الضفة يقترب من 87 في المئة وان الاصابة في ارجاء الضفة منخفضة جداً من بين امور اخرى ابلغت كيلة عن ان مجموع المرضى في الضفة والقطاع كان 643 دون حالات صعبة، وان عدد الوفيات بلغ ال 5 .

هذه البيانات دفعت الحكومة في رام الله الى رفع كل القيود التي فرضت على لجمهور والمناخ في ارجاء الضفة كان عودة الى حياة روتينية كاملة. ايضاً التجارة اظهرت دلائل انتعاش نسبي، وفي الاسواق في مدن مثل الخليل نابلس وجنين استشعرت حركة اختفت تقريبا تماماً منذ اذار.

ولكن الان الحكومة في رام الله تواجه زيادة كبيرة جداً في عدد المرضى. البيانات ما زالت لم تترجم الى زيادة خطيرة في عدد المرضى في حالات صعبة والمربوطين الى اجهزة التنفس، ولكن وتيرة الوفيات ارتفعت في الاسبوع الماضي بصورة كبيرة. حسب البيانات من اليوم الماضي فان عدد الوفيات في الضفة ارتفع الى 23،وعدد المرضى النشطاء هو4874، معظمهم من منطقة الخليل. كذلك عدد المرضى في حالة خطيرة ارتفع الى 23 ومن بينهم 6 يعطى لهم تنفساً صناعياً. بيان مقلق اخر هو الهبوط الشديد في معدل المتعافين والذي هبط من 87 في المئة قبل حوالي شهر الى 20 في المئة في الايام الاخيرة.

عودة الاغلاق

البيانات دفعت الحكومة الفلسطينية للعودة الى سياسة الاغلاق. في الاسبوع الماضي امر رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية بالاغلاق لمدة 5 ايام والذي كان من المتوجب ان ينتهي يوم الاربعاء ولكن امس اتخذ قرار بتمديده ب9 ايام اخرى. الاغلاق يشمل منع التنقل بين المناطق المختلفة الى جانب منع التجمعات بما في ذلك حفلات الزواج والعزاء، واغلاق المصالح التجارية والوزارات الحكومية.

في الموجة الاولى في رام الله حمّلوا العدوى للعمال الفلسطينيين الذين يشتغلون في اسرائيل وللسياح، ولكن في الموجة الحالية التهمة الاساسية تلقى على حفلات الزوج والتجمعات الاخرى. حسب اقوال اشتية فان 82 في المئة من المرضى اصيبوا في حفلات الزواج ومآتم العزاء. كما انه دعى رؤساء العشائر والعائلات الى الامتناع عن التجمعات. في الحكومة الفلسطينية قالوا بأن القرار بالعودة الى سياسة الاغلاق نبعت من انعدام الاستجابة من جانب الجمهور للتوجيهات والعودة السريعة جدا للحياة المعتادة.

ولكن القلق هو ليس من العدوى. عبدو ادريس, رئيس الغرفة التجارية في الخليل قال لهآرتس بأن الخوف من التداعيات الاقتصادية لموجة الكورونا تحول ليصبح هو القلق الرئيسي لدى الجمهور الفلسطيني. “صحيح انه هنالك خطر صحي، ولكن فعلياً الناس يفكرون كيف سيكسبون رزق عائلاتهم”، قال ادريس. حسب اقواله فان مدينة مثل الخليل والتي تعتبر مركزا تجاريا رئيسا، تقريبا مشلولة منذ اذار. “لقد عملنا عدة اسابيع بعد العيد والان نعود للاغلاق” هو يقول. “صاحب المصلحة التجارية الذي شغّل 4 او5 عمال ليس لديه ما يدفع به رواتبهم، وهكذا فان كل شيء عالق”. حسب ما يقول ادريس، فان الوضع في هذه اللحظة تحت السيطرة نسبيا، ولكن الخوف هو ان هنالك مصالح عديدة لن تتعافى . “انا لا اتحدث بمفاهيم الكارثة ولكننا ذاهبون الى كارثة اذا لم يكن هنالك تعافي وانتعاش”.

حسب بيانات المكتب الفلسطيني للاحصاء فانه حتى قبل ازمة الكورونا فان نسبة البطالة في الضفة بلغت حوالي 25 في المئة، وحسب كل الدلائل فان حجم البطالة من شأنه ان يصل الى 40 في المئة وأكثر. دفع رواتب جزئية لموظفي السلطة فقط زاد الضغط، ولم يتأخر النقد عن المجيء: في الشبكات الاجتماعية يتهمون الحكومة بفقدان السيطرة وبمحاولة القاء التهمة على الجمهور. الصحفي اكرم النتشة من سكان الخليل نشر رسالة مفتوحة لاشتية واوضح انه خلافاً للادعاءات بأن الوضع تحت السيطرة، فان الواقع يظهر دلائل كرب.

“تعال الينا وستسمع من سائق السيارة هل يكسب رزقه اثناء الاغلاق؟، وهل تبقى لاصحاب البسطات ما يعتاشون منه؟” يقول النتشة، ويضيف: تعال الينا وستسمع من الجمهور مباشرة. لا تصدق الموظفين الكبار والمتحدثين بانواعهم الذين يقولون ان كل شيء تحت السيطرة. نحن سنخرج من ازمة الكورونا في نهاية المطاف، ولكن السؤال هو كيف وبأي صورة وهل كل واحد يقوم بأداء دوره كما يتوجب”.

بدون برنامج انقاذ

الخليل هي نموذج لما يحدث في الضفة بصورة عامة. هذا هو الوضع ايضاً في مراكز تجارية مثل نابلس وجنين. “نحن نعمل في دائرة بسيطة جداً ” يقول ابو يوسف صاحب لبيع الاثاث في نابلس. موظفون او عمال يحصلون علي راتب ويأتون الى المحلات ومعهم ايضاً زبائن من اوساط العرب في اسرائيل. هم يشترون والتجار يستوردون البضائع. في اللحظة التي تتضرر بها احد الدوائر الكل يعلق”. حسب اقواله، ان حقيقة ان موظفي السلطة يحصلون على رواتب جزئية، واغلاق الحواجز ومطالبة العرب في اسرائيل عدم المجيء الى الضفة، “جرّت الجميع الى نوع من الركود العميق”.

جابر اشتية رجل اعمال من نابلس والذي في الايام العادية يشغّل 25 عاملاً،يقول انه في الاشهر الاخيرة هبط حجم العمل لديه بحوالي 70 في المئة. الوضع كان صعباً جداً قبل كورونا، والان مع هذه الازمة الوضع يزداد خطورة”. ويضيف:”المشكلة اننا لا نرى أي اقتراح او نقاش جدي في الافق. كيف سيساعدون المصالح التجارية امثالنا؟ نحن لا نعرف كم من الوقت سيمتد هذا والى اين سيقودنا”. من جانب يقولون “خطر صحي”، ومن جانب اخر لا نعرف كيف سنكسب رزقنا.

موظفو حكومة كبار والذين تحدثوا مع “هآرتس” اعترفوا بأن في هذه المرحلة ليس للحكومة برنامج مساعدة يمكنه دعم المشغّلين، وبالاساس صغار المشغلين. ولكن المشكلة الرئيسة هي مسالة المدفوعات لموظفي السلطة الذين لم يحصلوا على راتب في الشهر الاخير وحصلوا على نصف راتب عن شهر ايار. في الشهر الماضي نجحت الحكومة في تجنيد اموال من القطاع الخاص ودفعت حوالي 700 شيكلا لحوالي 40 الف عامل. لقد عرضت على اصحاب المصالح التجارية قروض بشروط مريحة نسبياً، ولكن هؤلاء يدعون ان الامر يتعلق بمساعدة رمزية فقط.