أكّد الخبير العسكري الإسرائيلي أمير بوخبوط، على أن "الجيش الإسرائيلي يجري عمليات ملاحقة دائمة لغواصي حماس، وهم في طريقهم لتنفيذ هجمات بحرية، لأن حماس تسعى لشن الكثير من هذه العمليات منذ مارس 2010، حين وضعت معلومات استخبارية على مكتب رئيس جهاز الأمن العام-الشاباك يوفال ديسكين عن عودة نشطاء حماس من دورة غوص قتالية في إيران عبر سيناء، ومن هناك عبر الأنفاق لقطاع غزة".
وأشار بوخبوط في تحليله العسكري المطول على موقع "ويللا" الإخباري، ترجمته "عربي21"، إلى أن "المعطيات الأمنية المتوفرة في إسرائيل تشير لزيادة سفر مقاتلي الكوماندوز الفلسطينيين للتدريب البحري في لبنان وإيران، لأنها البذور الأولى لإنشاء قوة بحرية قوية تسمى "النخبة" للجناح العسكري في حماس، يتم تعريفها الآن على أنها أقوى وحدة بشرية تعمل في قطاع غزة، في ظل السرية التي تعمل بها على مستوى عالٍ جدًا".
وقال إن "جهاز الشاباك أوصى الجيش بملاحقة هؤلاء النشطاء فور انتقالهم من الأراضي المصرية إلى الفلسطينية، وكانت الرسالة التي بعث بها كبار مسؤولي الجهاز للجيش أنه "إذا لم يتم التعامل مع هذه المشكلة الخطيرة على الأرض، فإن البحرية ستواجهها في البحر، وتلك قصة أخرى"، مع أن ظاهرة الضفادع البشرية التابعة لحماس أثارت انتباه هيئة الأركان العامة للجيش في مرحلة مبكرة".
وأضاف: "إنّ قسم عمليات الأركان خشي من عملية ضد غواصي حماس، مما قد يؤدي لاندلاع حرب معها، لكن المستوى السياسي ذهب باتجاه استقرار المنطقة، وعدم البحث عن أسباب للتصعيد في غزة، أما قائد سلاح البحرية الأسبق إليعازر تشيني ميروم والقيادة البحرية العليا فاعتقدوا أنها خطوة ضرورية لوقف قدرة الغوص الهجومية في البداية، لكنها كانت بحاجة للحصول على موافقة رئيس الأركان الأسبق غابي أشكنازي".
وتابع: "في أوقات أخرى تلقت قيادة البحرية طلبًا للمساعدة في عملية جوية لمراقبة المحور الساحلي بين خان يونس وغزة، عقب معلومات استخباراتية دقيقة حول فرقة لحماس متخصصة في السباحة استعدادًا لهجوم واسع النطاق، لكن ظروف الهجوم "لم تنضج" في بعض الأحيان، مما كان يدفع سلاح البحرية لتجهيز قدرات الكوماندوز البحري".
وذكر أنه "ربما يبدو الأمر بسيطًا في عرض البحر، ولكن ليس عندما يتعلق الأمر بالمساحة البحرية لقطاع غزة، التي تُعرَّف بأنها "المدينة الفلسطينية الثانية بعد غزة"، مع الآلاف من قوارب الصيد، بعضها خفيف، وبعضها مظلم، وعلى متنها، صيادون مهرة يعرفون بعضهم البعض، يبلغون حماس بسرعة بأي حركة مشبوهة في الماء باستخدام الصافرات، أو الكشافات، أو اللافتات المتفق عليها".
مدينة تحت البحر
وبيّن المسؤولين الأمنيين أن سكان غزة الحقيقيون بحارة، ولدوا في البحر، سباحون ممتازون، ويبدو استخدام القوارب أمرا طبيعيا لهم، ولذلك تتم ملاحقة بحاري حماس بعد ملء الشاشات العملاقة على الجدار الأمامي لقسم عمليات الجيش، ومكاتب الكمبيوتر، وصور فيديو من المنطقة والاستخبارات، حيث تظهر أسماء وصور غواصي حماس على شاشة جانبية، ويتم تدفق المعلومات الاستخباراتية والتنسيق بين الوحدات الميدانية".
ونقل عن "مسؤولي الجيش ممن حضروا بعض ملاحقات غواصي حماس في عرض البحر أنها تبدو مناورة صعبة للغاية في الماء، هناك ظلام؛ مساحة مزدحمة في وعاء على بعد عشرة أقدام من بعضها البعض؛ عوائق في المياه تثيرها شباك الصيد أو الفخاخ، وأنت تعلم أن كل واحد منهم قنبلة موقوتة، مع أن مثل هذه العمليات تتطلب درجة متقدمة من الاحتراف العالي في الأنشطة القريبة من الشاطئ، وإطلاق النار أثناء الحركة، وجرت عملية مماثلة قبل عقود قبالة ساحل دولة إسلامية معادية على بعد آلاف الأميال من حدود إسرائيل".
واستطرد: "قبل ست سنوات في عملية الجرف الصامد في صيف 2014، نجح الذراع العسكري لحركة حماس بشن هجوم بحري على شاطئ زيكيم، وتمكن غواصو حماس من مهاجمة دبابة، وكشفت نتائج تحقيق أجراه سلاح البحرية والقيادة الجنوبية في الجيش أنه لأكثر من 20 دقيقة، لم يلاحظ المراقبون تسلل الغواصين، لأنهم اختبأوا خلف مجموعة من الشجيرات قرب ساحل زيكيم".
ولفت إلى أن "نقل المعلومات لقوات الجيش، بدا صعبًا بعد التعرف عليهم، حيث أشعلت عملية شاطئ زيكيم العديد من الأضواء الحمراء في المؤسسة العسكرية، وأوضحت لأي جنرال لم يستوعب حتى الآن أن حماس حددت قوتها البحرية بأنها بالغة الأهمية، وخصصت لها العديد من الموارد للتدريب داخل قطاع غزة وخارجه، حتى تتمكن في يوم القيادة من تنفيذ هجمات أكثر خطورة".
وأوضح أن "قادة الجيش ركزوا جهودهم على جمع المعلومات الاستخبارية في الأنفاق والصواريخ بحلول صيف 2016، ثم تم تعيين الجنرال اسحق ترجمان رئيسا لقسم العمليات، وحدد كمية المعلومات التي جمعتها القوات البحرية والجهاز الأمني حول أنشطة حماس المتزايدة في المجال البحري، وبناء على ذلك ساعد ودفع بشن هجمات بموافقة رئيس الأركان السابق غادي إيزنكوت، على البنية التحتية البحرية في قطاع غزة".
وشدّد على أن "استهدافات الجيش الإسرائيلي لم تعد تركز فقط على المخارط، وفتحات الأنفاق، ومستودعات الصواريخ، وإطلاق الحفر، لكن الاستهدافات شملت المواقع التي تساعد حماس في المسار البحري، وكان للضربات الأخيرة التي ركزت عليه دور بتأخير وإعاقة تكثيف قواتها ونوعية تدريبها".
وأشار إلى أنه "في أحد المناقشات المتعمقة في مكتب آيزنكوت حول القدرات البحرية لحماس، كرر الضباط البحريون استخلاصاتهم من غارة الحركة البحرية على شاطئ زيكيم، وكشفوا أن مقاتليها تمتعوا بلياقة بدنية عالية للغاية، وقدرات غوص مع بالونات الأوكسجين وأنظمة التنفس المغلقة تقلل إمكانية اكتشافهم، تبعا لذلك، وافق آيزنكوت على حملة سرية كاملة في الساحة البحرية ضد حماس الآخذة في التوسع".
وذكر أن "التعامل المكثف لرئيس الأركان غادي آيزنكوت لأنفاق حماس من خلال الجدار تحت الأرض والجدار المرتفع الجديد، أدى لزيادة فهم حماس بأنه يجب عليها توسيع النشاط البحري والجوي لمحاولة مفاجأة إسرائيل بالمتزلجين والطائرات بدون طيار والغواصين والسباحين".
وكشف النقاب أنه "قبل أسابيع اجتمع أعضاء المؤسسة العسكرية لمناقشة تكثيف تسلح المنظمات العسكرية في غزة بقيادة الجناح العسكري لحماس، التي استخدمت الهدوء النسبي لتسريع عدة اتجاهات رئيسية: تطوير الأسلحة والقدرات الجديدة، تهريب المعدات والأسلحة للقطاع، تهريب المواد الخام للإنتاج، تحسين النظم الهجومية في البحر والجو، الإنتاج المستقل لأنظمة الغوص؛ السفن ذاتية القيادة تحت الماء، والمركبات الجوية بدون طيار".
واستكمل مقاله بالقول، أن "الشيء الآخر الذي ظهر في ذلك الاجتماع، وهو ليس أقل أهمية، هو تدفق الأموال من دول حول العالم لتقوية الذراع العسكري لحماس، وحذرت المؤسسة العسكرية أن قائد حماس إسماعيل هنية، المقيم خارج قطاع غزة، يشرع في حملة لجمع الكثير من الأموال، وينجح فيها".
وأكد على أن "حماس وسعت جهودها لتحسين جودة أنظمة أسلحتها، وزادت إطلاق صواريخها في البحر لتحسين دقتها ورؤوسها القتالية، كما بدأ محور التهريب البحري في الاستيقاظ مؤخرًا، بطريقة تزيد من القلق، لذلك يبذل جهاز الأمن العام جهداً كبيراً في مراقبة المنطقة، وإفشال نوايا جميع الفصائل فيها، لأن حماس تريد أن تفاجئ إسرائيل".
وختم مقاله، إنّ "حماس تعتقد أنها ستنجح في مفاجأة إسرائيل عبر الساحة البحرية بشكل رئيسي مع الغواصين أو السباحين المحترفين، أو المعدات المتطورة التي تطورها بالمعلومات والمواد الخام التي يتم تهريبها لغزة كأدوات لتعزيز السرعة في الغوص، حماس تصوب عاليا، وتريد ضرب منشأة حساسة في موقع استراتيجي في إسرائيل، وتريد هز اسرائيل لجذب انتباه الجمهور الفلسطيني".