أين اختفت المليارات العربية

حجم الخط

هآرتس – بقلم عودة بشارات

هذه المرة ايضا سارعت الى فحص قائمة الـ 500 ثري في الدولة، التي تنشرها “ذي ماركر” كل سنة. وكما تعرفون، ربما تسلل بعض افراد العائلة واحتلوا مكان بين مريم ادلسون (17.8 مليار دولار) وباتريك دارهي (12.25 مليار دولار). خيبة أمل كبيرة. من اصل 57 ثري يمتلكون ثروة تزيد عن المليار دولار، لا أحد تحمل عائلته اسم بشارات. ايضا لا توجد أي عائلة عربية. يا الله، لماذا تخليت عنا! لقد تم رمينا الى هوامش الاقتصاد الاسرائيلي، رغم أن جذورنا هنا مغروسة عميقا اكثر بعشرة اضعاف من جذور الادلسونيين واصحابهم.

​تفسير هذا الامر غير المعقول وجدته في يوم الجمعة الماضي. فقد شاركت في لقاء مقلص، حسب تعليمات الكورونا، في قريتي المدمرة معلول. في اللقاء شارك مهجرون ويهود أخيار يرفضون بقاءنا وحدنا ونحن نحيي ذكرى يومنا الحزين، 15 تموز 1948، اليوم الذي طرد فيه سكان معلول وتم تدمير بيوتهم. بالضبط هناك وجدت المليار دولار الضائع مني – حيث أنه في هذه الظروف من نزع الملكية والنهب، أي فرصة ستكون لي أو لأي واحد من أبناء عائلتي أو لمئات آلاف المهجرين الآخرين كي يكونوا اثرياء؟ تخيلوا أن اراضي جدي في معلول كانت ستنتقل بالوراثة الى احفاده مثلما هو دارج في كل مكان. ويمكن الافتراض أنه مع مرور الوقت ومع العقل الفلسطيني الذي لا يقل ذكاء عن العقل اليهودي، كنا سنكون على الاقل في المكان الثاني اذا لم نكن في المكان الاول.

​الآن أنا انظر من بعيد الى اراضينا في معلول، التي تمنع علي فلاحتها أو العيش فيها. ومثلما يقول المثل العربي “شم ولا تذوق”. وفي الوقت الذي فيه ضائقة الاراضي في القرى العربية تحطم الارقام القياسية فانه في معلول المجاورة، مثلا، توجد وفرة من الاراضي. الشاعر العربي قال “كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول”. نحن الفلسطينيون ذات يوم خرج منا اثرياء البلاد، والآن نحن في اسفل السلم الاقتصادي – الاجتماعي. مع ذلك، أنا لم افقد الأمل: “ذي ماركر” لم تنشر بعد كل قائمة الخمسين ثري، وأنا لا زلت أنتظر أن يظهر أحد المليارديرات العرب أو اثنين في مكان ما في نهايتها.

​قبل فترة شاهدت حلقة “ذي بلادي اكاونت” من مسلسل “نعمل من اجل بيتنا”، التي تم بثها في “كان 11” عن التعويضات من المانيا في الخمسينيات. حتى ذلك الحين تعاملت مع التعويضات فقط من الجانب القيمي – الاخلاقي، لكن يتبين أنها جعلت الاقتصاد الاسرائيلي يقفز سنوات كثيرة الى الامام في جميع مجالات الحياة. ايضا العائلات التي حصلت على هذه التعويضات مكانتها الاقتصادية ارتفعت بصورة مدهشة، وربما أن جذور الفجوة الاجتماعية في المجتمع اليهودي تم غرسها في ذلك الوقت.

​بسبب ذلك، هناك مجال لمحاسبة الدولة عن وضعنا. عندما خرجنا بدون أي شيء، بدون ارض وبدون ممتلكات، كان يجب على المهجرين البدء من تحت الصفر. نقطة البداية كانت سلبية ايضا مقارنة مع اخوتهم الفلسطينيين الذين بقوا في بيوتهم، والذين جربوا طعم التمييز والمصادرة. ولكنهم لم يجربوا طعم التهجير.

​يجب أن يُفتح الحساب. ليس فقط لليفي اشكول كانت كراسة مفتوحة ويد تسجل، ايضا لنا يوجد مئات آلاف الابناء والبنات وغابة من الكراسات والأيدي التي تسجل. إن مقولة “الي فات مات” هي صحيحة وتنطبق على من مات. ولكن اذا كان ما يزال حي فان شيئا لم يمت، خاصة اذا كان الطلب هو تحقيق عدالة ممكنة شريطة أن لا يؤدي تطبيقها الى مآسي اخرى.

​مع ذلك، يجب علي تصحيح الانطباع. يجب أن لا يفهم كلامي وكأنني أعتقد بأنه يوجد لكل مواطن يهودي مليار دولار تحت البلاطة. ولكن مجرد حقيقة أنه تقريبا لا يوجد اثرياء عرب في اسرائيل يقول شيء معين عن طبيعة الدولة – التي باستثناء التمييز العرقي الذي يوجد فيها، هي ايضا ليست دولة مساواة بأبعاد مدهشة. من اجل اصلاح هذا الظلم نحن نريد أن يكون هناك شخص أو شخصين ثريين من العرب، فقط من اجل شتمهم في اوقات الازمة.