من اجل وقف الموجة الثانية للكورونا مطلوب مدير، لكن الحكومة تجد صعوبة في تعيين مدير كهذا .

حجم الخط

هآرتس – بقلم عاموس هرئيل

إن عدم نجاح الحكومة المستمر في تعيين مدير يركز النضال الوطني ضد الكورونا هو ظاهرة تشير الى شدة الفشل الحالي لاسرائيل في مواجهة الوباء. مؤخرا جرت اتصالات محمومة مع الجنرال احتياط روني نوما في محاولة لاقناعه بأن يتحمل مسؤولية هذه المهمة. ولكن في وزارة الصحة (يبدو ايضا رئيس الحكومة نتنياهو) يبحثون عن شخص يدير لصالحهم غرفة العمليات ولا يقود كل المعركة. نوما وبحق، قرر التنازل عن هذا الشرف.

​نوما هو أحد الاسماء الرئيسية التي تم ترشيحها لمنصب رئيس مركز التحكم الوطني لمكافحة الوباء. هذا الشخص شغل بتميز سلسلة طويلة من الوظائف الرفيعة في الجيش الاسرائيلي، وهو معني جدا بالمساعدة في المهمة الوطنية، وما من شأنه أن يكون حاسم في نظر نتنياهو – بأنه ليس لديه على الاطلاق أي طموحات سياسية. في موجة الكورونا الاولى ركز نوما بنجاح معالجة شؤون بني براك – في البداية بناء على طلب البلدية وبعد ذلك بتشجيع من الدولة. الآن ايضا هو يساعد المدينة. ومؤخرا تم تشكيل محكمة دينية خاصة هناك بمبادرة منه، التي تأمر باغلاق مؤقت للمدارس الدينية التي انتشر فيها المرض بعد أن خرقت تعليمات الوقاية للطلاب. نوما يعرف الكورونا من حرب الحفريات وليس من غرف العمليات.

​ويوجد لديه ايضا رؤية منظمة في مسألة ما هو المطلوب من أجل أن تنجح في مواجهة الكورونا. نوما يعتقد أن الازمة ليست ازمة صحية فقط، بل هي حدث وطني متعدد الابعاد. ويجب على الدولة أن تعين لمعالجتها قائد معركة. هذا الشخص يقف على رأس هيئة طواريء وطنية خاضعة لرئيس الحكومة وينسق نشاطات المدراء العامين في الوزارات الحكومية، في الوقت الذي تكون فيه هيئة الامن القومي الى جانبه، ووزارة الصحة تحتفظ لنفسها بالصلاحيات المهنية لادارة الازمة. هذا بعيد عما يحدث الآن، لأن وزارة الصحة التي هي جسم تنظيمي بالاساس منشغلة بالادارة اليومية، وهيئة الامن القومي تقوم بارسال طواقم اشراف الى الميدان بدل التركيز على رسم البدائل التي توجد امام الحكومة.

​من بادر بالتوجه الى نوما هو المدير العام الجديد لوزارة الصحة، البروفيسور حزي ليفي. وهما يعرفان بعضهما ويحترمان بعضهما من خلال خدمتهما في الجيش (ليفي كان ضابط الصحة الاول)، لكن يبدو أن ليفي يعتبر الوظيفة التي أعدها لنوما بالاساس كمفتاح للانسداد في انابيب البيروقراطية. المدير العام فضل ابقاء معظم الصلاحيات في يديه مثلما كان الامر في فترة سلفه، موشيه بار سيمنطوف. المشكلة هي أنه تبين فيما بعد أنه كان لاسرائيل حظ أكثر من العقل في الموجة الاولى للكورونا، وأنه لن تكون هذه الارتجالات كافية من اجل الخروج بسلام من الموجة الثانية.

​من كان يفترض به أن يدخل في غمرة الاشياء في هذه المرحلة هو نتنياهو. في الاسبوع الماضي قالوا في مكتبه في بيان رسمي بأن رئيس الحكومة يؤيد تعيين “قيصر كورونا”. ولكن في نفس الوقت اصدر مقربوه تصريحات أنه لا حاجة الى ذلك. وذلك بسبب أن نتنياهو بالنسبة لهم هو مدير منذ الولادة. ولكن هذا الشخص الفريد ما زال غارقا في سباته الصيفي في كل ما يتعلق بمحاربة الكورونا رغم وعوده اليومية بأنه يعمل على مدار الساعة من اجل المواطنين.

​المطلوب الآن حسب رأي خبراء كثيرين لا يقتضي دقة خبراء الصواريخ. الحكومة مطلوب منها أن تفرض النظام في مبنى وتنظيم النظام الوطني لمعالجة الكورونا، وأن تنشيء أخيرا نظام لقطع سلسلة العدوى والاهتمام بتدفق ناجع وسلس لكل المعلومات المتراكمة عن المرض، على أمل أن القيود التي فرضتها في السابق على السوق ستنجح في وقف الوتيرة المقلقة لتفشي الكورونا – النتيجة ستكون أنه في نهاية المطاف سنتدهور مرة اخرى نحو الاغلاق الشامل بذريعة أن الفيروس خرج عن السيطرة. وسنشهد ايضا دمار اقتصادي اكبر في اعقاب ذلك.

​رئيس معهد بحوث الامن القومي، الجنرال احتياط عاموس يادلين، حدد الاتجاه كما يبدو حسب رأي الكثيرين عندما غرد أمس في حسابه في تويتر وقال: “فشل الحكومة في ازمة الكورونا هو بحجم الفشل الوطني. الآن مطلوب لجنة تحقيق رسمية”. آخرون وصفوا استخفاف وعجز أداء الحكومة بالفشل التاريخي الذي يعتبر صادم أكثر حتى من حرب يوم الغفران. وفوق كل شيء تحلق مشكلة آخذة في الاشتداد وهي عدم ثقة الجمهور بخطوات الحكومة. في هذه الاجواء ليس غريبا أن قناة راديو محلية اعلنت أمس بأنها ستطرح برنامج اسبوعي يقدمه البروفيسور يورام ليس، وهو النافي الوطني للفيروس.

​كل ذلك يحدث في الوقت الذي فيه دول اوروبية حاولت اسرائيل أن تنسق معها خطوات الخروج من الاغلاق مثل النمسا، تواجه في هذه الاثناء بصورة افضل بكثير الكورونا، بعد حوالي اربعة اشهر سيحل فصل الشتاء الذي يوجد فيه خوف عالمي من اصابة اوسع، لا سيما بسبب تقاطع متوقع بين الكورونا وظاهرة الانفلونزا الموسمية. حكومة اسرائيل حتى لم تبدأ في مناقشة الامر؛ هي تنشغل الآن في كيفية وقف الموجة الحالية.

​الوضع لم يصل الى حالة اليأس. سكان البلاد هم من الشباب نسبيا مقارنة مع الدول الاوروبية، لذلك هي أقل عرضة للوفاة من الفيروس. الطواقم الطبية هنا تقوم بعملها بمستوى مهني عال، رغم سنوات كان فيها نظام الاولويات في الميزانية قد دفع بجهاز الصحة الى آخر الدور. ولكن ما نشاهده في اسرائيل يشبه الحادثة التي تحدث بالتصوير البطيء، التي كما يبدو كان يمكن منعها عن طريق تدخل اعلى من الحكومة وفرض نظام في سلسلة القيادة.