هذه مجرد البداية : الاحتجاج لن يتوقف عند تغيير رئيس الوزراء

حجم الخط

هآرتس – بقلم رفيت هيخت  

 

​بنظرة متبصرة أولية فان المظاهرة الحماسية امام منزل رئيس الحكومة في يوم الثلاثاء هي استمرار طبيعي لموجة المظاهرات المتواصلة ضد بنيامين نتنياهو – لكونها قائمة على مكونات احتجاجات ميدان غورن في بيتح تكفا، الاعلام السوداء وامير هسكل وشركاءه – حتى لو كانوا معززين بآلاف الشباب الغاضبين. طالما لم يثوروا على نتنياهو في معاقل الليكود فان هذا الاحتجاج ايضا، مهما كان صاخبا وحماسيا، سيبقى من نصيب معسكر معين، يكره نتنياهو أصلا وينسب له كل شر ممكن.

​ولكن الخطر على نتنياهو أكبر بكثير من أي وقت في الماضي. وقد وجد نفسه عالق في شعب مرجانية نتيجة اختلال حاد براداره وغفوته عند الخروج من الموجة الاولى الذي عززه. بدلا من تكريس جهوده على انشاء انظمة صحية واقتصادية تقوم باصلاح ضرر الاغلاق وتعد اسرائيل لوضع طويل من مواجهة الكورونا، بدأ ينشغل بمواضيع لا تهم الجمهور المظلوم، مثل الضم أو التشهير بالمستشار القانوني افيحاي مندلبليت. وكأن التقويم السنوي يظهر كانون الثاني 2020 والكورونا كشائعة غريبة من اقليم خوفيه في الصين.

​وقد وصل الى ذروة الانقطاع عندما توجه للانشغال بالتسهيلات الضريبية التي يستحقها، في الوقت الذي فيه عدد العاطلين عن العمل يرتفع بوتيرة مخيفة والكثير من العمال الآخرين يقلقون على مصدر رزقهم. يمكن اختيار الطريق السهلة واتهامه بالانغلاق والتبول من فوق خشبة القفز. ولكن الى جانب هذه الافتراضات الطبيعية والمبررة يمكن أن نرى ايضا عملية تدمير ذاتية. لهذا يسأل السؤال: هل نتنياهو يدفع بنفسه مرة اخرى نحو الحائط، الى وضع فيه من ناحية تاريخية يأتي فجأة الى الحياة ويُخرج الى حيز التنفيذ جميع القسوة التي يملكها؟.

​لكن هذا السلوك من قبل نتنياهو يمكن أن يتبين بأنه رهان كبير جدا. التحريض والتقسيم والملفات الجنائية ونمط الحياة الرغيدة على حساب الآخرين، التي بالتحديد عززت مكانته في القاعدة، هي أموال ضئيلة مقارنة مع الازمة التي توجد امامه، قنبلة تاريخية تغير حياة الناس تماما. لا يوجد لنتنياهو هذه المرة من يتهمه أو من يحرض ضده. وسائل الاعلام والعرب واليساريون غير مسؤولين عن المواجهة المشوشة والفاشلة مع الموجة الثانية ومع الضائقة الاقتصادية. الانهيار المعنوي الشديد للجمهور الذي يشاهد الدول التي كانت في وضع اسوأ من وضع اسرائيل وهي تنجح في العودة الى نمط حياة محتمل، هو انهيار مسجل على اسمه. العقد الجيد في اسرائيل من ناحية أمنية وفي مجال النمو الاقتصادي الذي ينسبه له مؤيدوه بصورة دائمة، حل محله خبر قاتم يتفق عليه الجميع – في المستقبل القريب والبعيد الوضع السيء أصلا سيكون أسوأ بكثير. انعدام الأمل هو مادة قابلة للاشتعال، الضرر الكامن فيها غير معروف. الخبر الاخير من نتنياهو – بضع مئات أخرى من الشواقل للفرد – يوضح بأنه ما زال لا يفهم في أي عالم هو يعيش. هو يحاول اغلاق ثقب السد باصبعه الصغير.  

​اذا كانت طريقة ادارة الازمة ستستمر بهذه الطريقة فنحن حقا نقف أمام تدهور اقتصادي – اجتماعي غير مسبوق، سيمزق ايضا التقسيم المسموم الذي يرافق المجتمع الاسرائيلي منذ سنوات: فقط بيبي أو فقط ليس بيبي. هذا تقسيم ينبع من الحرب الثقافية والتاريخية في اسرائيل، التي كان نتنياهو هو التعبير عنها في العقدين الاخيرين. هذا التقسيم الذي حتى الآن لم تستطع أي ازمة في اسرائيل، مهما كانت شدتها، أن تقضي عليه.

​عندما يتجاوز الاحتجاج مسألة نتنياهو، فانه سيطلب ثمن أكبر بكثير من رأسه – تغيير عميق واساسي في النظام الاجتماعي واعادة توزيع الموارد. محميات مثل القطاع العام والبنوك الثرية وعدد من رجال الاعمال المدعومين الذين بقوا هنا سيقفون امام عاصفة شديدة، لأن الوضع الذي فيه جزء من الشعب يخاف على لقمة العيش وجزء آخر الذي هو مكتئب قليلا يتمتع من مخازن استيراد وفيرة، هو وضع غير قابل للبقاء لفترة طويلة. ازاء شدة الضائقة المتشكلة الآن، فان الاحباط الذي أدى الى احتجاج 2011 سيبدو مثل حدث لطيف في يوم صيفي.

​اذا وصلت الامور في نهاية المطاف الى هذا الوضع فان نتنياهو سينزل عن المنصة بالطريقة التي صعد بها اليها، وظهر عليها خلال سنوات – ثوري غير الى الأبد دولة اسرائيل، وليس بالضبط بالاتجاه الذي سعى اليه.