الى أي درجة قوات الامم المتحدة في جنوب لبنان مهمة؟

حجم الخط

هآرتس – بقلم تسفي برئيل

الصفحة الرئيسية لقوات الامم المتحدة، قوات مراقبي الامم المتحدة في لبنان، تتحدث عن رزمة مساعدة قدمتها القيادة لسكان مدينة صور وفيها 510 جهاز فحص، قرية كوكبة حصلت على تأمين منشآت رياضية بمساعدة جنود القوة الهندية، ومقالة مطولة تتحدث عن المساهمة الهامة لجنود وحدة غانا التي يخدم فيها شباب وفتيات في الحفاظ على الامن على طول الخط الازرق الذي يفصل بين اسرائيل ولبنان.

​تقرير مهم أكثر ومثير للخلاف يوجد في رابط التقرير الذي نشرته قوة اليونفيل في بداية شهر حزيران عن نجاحها وعن اخفاقها في تطبيق قرار الامم المتحدة 1701 الذي صدر عند انتهاء حرب لبنان الثانية والذي حصلت فيه القوة على صلاحيات تنفيذ عسكرية هدفها الاهتمام بنزع السلاح من المنطقة التي تقع جنوب نهر الليطاني ومنع تهريب السلاح من الحدود السورية والابلاغ عن خروقات القرار من جانب اسرائيل ولبنان.

​كتابة التقرير كانت مطلوبة في اعقاب القرار الذي رافق تجديد التفويض قبل سنة. وبحسبه يجب على هذه القوة أن تبين بالتفصيل درجة نجاحها في تطبيقه.

​قراءة التقرير لا تضيف الكثير لمن يتابع نشاطات قوة اليونفيل في لبنان. ولكن تركيز التحديات التي تواجه القوة يثير مرة اخرى سؤال هل القوة التي تكلف نحو نصف مليار دولار في السنة (الآن الولايات المتحدة هي التي تمول هذه التكلفة) هل ما زالت ضرورية. وقد كتب في التقرير عن صعوبات تواجه دوريات قوة اليونفيل التي تريد الدخول الى القرى والبلدات في جنوب لبنان. المزارعون يقومون بتوسيع مساحات الفلاحة وتسويرها، وبذلك هم يمنعون دخول سيارات القوة. “قوة حماية البيئة” التي تسمى “خضرة بلا حدود” والتي انشأها حزب الله، واغلاق مناطق كثيرة بذريعة أنها محميات طبيعية. هناك قرى تمنع دخول المركبات الثقيلة لمن يرتدون الخوذات الزرقاء بذريعة أنها تدمر البنى التحتية. ايضا يتم منع القوة من الدخول الى مصانع مشبوهة مثل مصنع الاسمنت في كفر تيلة، الذي يستخدم كمدخل لأحد الانفاق التي حفرها حزب الله نحو الحدود مع اسرائيل.

​لبنان ايضا لم يف بوعده بوضع نحو 15 ألف جندي، بحيث يعملون الى جانب قوة الامم المتحدة التي تضم نحو 10200 شخص. ومشكوك فيه أنه يمكنه الوفاء بذلك بسبب الازمة الاقتصادية التي تسود الدولة وبسبب تجميد التجنيد للجيش. التقرير يبين بالتفصيل ايضا الخروقات الاسرائيلية ومنها تحليق الطائرات الاسرائيلية يوميا في سماء لبنان واستخدام الفضاء الجوي للبنان من اجل مهاجمة سوريا ودول اخرى مجاورة. كل ذلك الى جانب استخفاف اسرائيل بمطالبة لبنان انهاء المفاوضات حول تحفظاته من ترسيم الخط الاخضر.

​ويوصي التقرير ايضا باجراء اصلاحات في صورة سلوك القوة، ضمن امور اخرى، تقليص عدد القواعد التي توجد لها، وتقليص عدد الجنود. وبدلا من ذلك استخدام معدات اكثر لجمع المعلومات مثل الطائرات بدون طيار وكاميرات متقدمة تستطيع تغطية مناطق لا تستطيع قوة اليونفيل الدخول اليها الآن. في المقابل، التقرير يوسع فعاليته في منع احداث ومواجهات بين اسرائيل وحزب الله لتشمل القدرة على التوسط بين الطرفين، بالاساس عن طريق اللجنة الثلاثية التي تلتقي بصورة ثابتة في رأس الناقورة، وتشمل ايضا التفاهمات التي نجحت القوة في التوصل اليها بين اسرائيل ولبنان.

​في نهاية شهر آب جرى نقاش على تمديد تفويض اليونفيل لسنة، ومن الآن يتبين أن هناك اشارات من واشنطن تقول بأن الرئيس ربما لن يدعم التمديد. أو أنه لن يستمر في تمويل القوة دون تطبيق دقيق وناجح لقرار 1707 من قبل قوة الامم المتحدة. هذا تهديد يحلق فوق حكومة لبنان التي سارعت الى الاعلان قبل نحو شهر بأنها ستصادق على تمديد التفويض. اسرائيل تظهر علامات تحفظ، من غير الواضح مدى جديته.

​لبنان يخشى من أن الغاء التفويض سيؤدي الى مواجهة مباشرة بين اسرائيل وحزب الله، الامر الذي يمكن أن يتطور الى مواجهة عنيفة. حزب الله ايضا يؤيد تمديد التفويض لأنه حتى الآن نجح في التلاعب بقوة المراقبين، وكذلك بدون انتشار عسكري مكشوف في جنوب لبنان يمكنه ادارة المنطقة كما يشاء. التقدير هو أن حزب الله لم يعد بحاجة الى نصب صواريخ في جنوب لبنان لأن لديه صواريخ تكفي للمدى المتوسط والمدى البعيد، والمنصوبة في شمال الليطاني والتي يمكنها الوصول الى اهداف في اسرائيل. لذلك، مراقبة الامم المتحدة على نقل الصواريخ لا تزعجه بشكل خاص.

​حسب القرار 1701 فان هذه القوة يجب عليها أن تساعد لبنان في الحفاظ على الحدود مع سوريا من تهريب السلاح شريطة أن تطلب الحكومة هناك ذلك. وحتى الآن لم تتوجه الحكومة بهذا الطلب. وحزب الله حر اليدين في استيراد احتياجاته العسكرية من سوريا. وفقط الهجمات الاسرائيلية هي التي تشكل عائق في طريقه.

​ويبدو أن المبررات ضد تمديد تفويض اليونفيل لها وزن اكثر من مبررات التمديد. ولكن أهمية قوة الامم المتحدة لا تقاس فقط بعدد الخروقات التي تم منعها أو عدم القدرة على مراقبة المناطق التي اغلقها حزب الله أمام مراقبي القوة. قوة اليونفيل وقرار الامم المتحدة التي تمنحها الصلاحيات هي بمثابة اتفاق سياسي بين اسرائيل ولبنان، والتي تمكن من اقامة جهاز تنسيق ونقاش بين الطرفين. وهذا التنسيق توجد له اهمية كبيرة ليس فقط في الاطار الضيق لحماية الحدود، بل ايضا في مواضيع حيوية اخرى مثل ترسيم الحدود الاقتصادية البحرية بين الدولتين. والغاء التفويض لن يعطي لاسرائيل حرية عمل عسكرية أوسع مما يوجد لها الآن، لكن يمكن أن يلغي اطار العمل المشترك الوحيد الذي ما زال قائما بين اسرائيل ولبنان.