الضم : ضار ومردود أيضا

حجم الخط

اسرائيل اليوم – بقلم  دنيس روس  

 

​أجرى معهد القدس للاستراتيجية والامن منذ زمن غير بعيد تمثيلية  لتصوير الاثار المتوقعة للضم. يخيل أنه ثار جدال بين باحثي المعهد حول النتائج المحتملة في  الولايات المتحدة، واذا ما تطور جدال كهذا فيThink Tank”” (مخاض فكري) ذي ميول سياسية يمينية، فانه يفترض بمؤيدي الضم ان يروا في ذلك اشارة تحذير.

​وفقا لنهج مؤيدي الضم، فاننا نوجد في لحظة مميزة، تبدي فيها ادارة ترامب استعدادا لتأييد فرض سيادة اسرائيل على نحو 30 في المئة من مناطق يهودا والسامرة. ينبغي استغلال هذه اللحظة، كما يدعون، لان الضم سيحدد مستوى اساسيا جديدا، سيقبل به باقي العالم، بمرور الزمن، وفي كل مفاوضات في المستقبل ستكون هذه نقطة البداية.

​يبدو هذا  جيدا للسمع. غير أن هذه ليست الحقيقة. فما الذي سيحصل اذا ما خسر ترامب في الانتخابات وانتخب بايدن رئيسا؟ هذا سبب وجيه اكثر وجاهة لاستغلال اللحظة الحالية، كما يروج لنا مؤيدو الضم. ولكن اذا خسر ترامب – وهذه امكانية معقولة بالتأكيد – وانتصر بايدن فالغى الاعتراف الامريكي بالضم… فماذا ستربح اسرائيل؟ لا توجد جهة دولية واحدة تعترف بالضم، ولن ينشأ مستوى اساسي جديد. بالعكس، عندما تشير أربع دول اوروبية على الاقل بانها سترد على بسط السيادة في الاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 1967، فان من شأن الضم أن يخلق مستوى اساسيا من ناحية اسرائيل هو اسوأ من ذاك القائم الان: خطوط 1967 زائد الكتل الاستيطانية.

​لهذا ايضا يوجد جواب على لسان المؤيدين: بايدين هو صديق اسرائيل وحتى لو لم يتعاطى بعطف مع خطوة اسرائيلية من طرف واحد فانه لن يلغي الاعتراف بها. بايدن ، بالذات، هو صديق اسرائيل، ولكنه عبر بوضوح عن معارضته لاي خطوات من طرف واحد، بما في ذلك الضم الاسرائيلي. ودرء  للشك حول  نواياه، قال بايدن مؤخرا لمجموعة متبرعين يهود: “سألغي خطوات إدارة ترامب التي برأيي ستضعف بشكل كبير فرص السلام”.  

​ودون التطرق لمسألة اذا كان بادين سينتخب، واذا كان نعم، كيف سيتصرف تجاه الضم، يوجد بعد اضافي يجب مراعاته. الضم، بالتأكيد، سيعمق الانقسام السياسي القائم في الولايات المتحدة تجاه اسرائيل. لقد كانت اسرائيل موضوعا للحزبين وتعتبر مصلحة امريكية، ليست شأنا ديمقراطيا او جمهوريا، ولكن صورتها ثنائية الحزب باتت منذ الان في خطر، والضم سيسيء ويفاقم فقط هذا الوضع.

​كما ان الضم سيعزز بشكل دراماتيكي الموقف غير العاطف تجاه اسرائيل من جانب الجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، حيث يتعاظم التضامن مع الفلسطينيين. في ضوء الارتفاع البارز في اهمية مفهوم العدل في الولايات المتحدة، فان الضم الاسرائيلي سيساعد الرواية التي تعرض الفلسطينيين كضحايا. وما سيستوعب هنا هو الشعار الفلسطيني بمساواة الحقوق، “رجل واحد، صوت واحد” – أي دولة واحدة.  فمن في أمريكا سيعارض مثل هذا المطلب؟

​يمكن الجدال حول التأييد أو المعارضة للضم، ولكن من الحيوي ان يكون للجدال اتصال بالواقع. لسوء الحظ، فان من يعتقد أنه يمكن تنفيذ الضم دون دفع ثمن في الولايات المتحدة يوهم نفسه. للضم سيكون ثمن، واذا لم يكن الربح الا وهما، فما المعنى من أخذ المخاطرة؟