05 تشرين الأول 2015
بقلم: جدعون ليفي
في الشارع الذي يؤدي الى «ألون موريه»، قرب مفترق بيت فوريك، قتل في نهاية الأسبوع الزوجان نعماه وايتام هنكن في سيارتهما أمام أطفالهما. كانت هذه جريمة مزعزعة. في الشارع الذي يؤدي الى «ألون موريه» قرب مفترق بيت فوريك، قبل ذلك ببضعة أيام، قتل احمد خطاطبة في سيارته. هذه ايضا كانت جريمة مزعزعة. المساواة مسموحة بين دم ودم، واحيانا هذا الامر مطلوب. القتل لا يبرر القتل الذي يليه، لكن لا يمكن تجاهل السياق: قتل الابرياء يتم في الطرفين وبشكل غير متساوٍ. دم الزوجين هنكن لا يصرخ أكثر من دم خطاطبة، الشاب البائس الاطرش الذي قتله الجنود بثلاث رصاصات من الخلف في حاجز بيت فوريك في الليل وفي ظروف غامضة.
الشارع الهادئ الذي يؤدي الى «ألون موريه» يثير الشعور بالسخط منذ بدايته، قرب حاجز حوارة: لافتات الطرق تشير فقط للمستوطنات، «ايتمار وألون موريه». القرى الفلسطينية، بيت فوريك وبيت دجن، لا تُذكر رغم أنها أقدم وأكبر، وكأنها غير موجودة. هذه هي الحال في معظم اللافتات في الضفة، وهذا هو الفصل العنصري الخفي والممأسس: يميز بين دم ودم وبين قرية وقرية.
الزوجان هنكن قتلا على بعد أمتار من المكان الذي قتل فيه الجنود خطاطبة، عند عودته من شراء ملابس العيد من نابلس. هو أطرش منذ الولادة، وقد مات بهدوء. أطلقوا النار على سيارته، ربما لم يسمع نداءات التوقف، ومنعوا الاسعاف لمدة ساعة من أخذه، وقال الاطباء في مستشفى رفيديا إنه لو وصل في الوقت لكان يمكن انقاذه. الأب ايضا لم يعرف أن ابنه قتل، فهو ايضا أطرش وفقد في السنوات الاخيرة الصلة بالواقع في أعقاب خلل دماغي، وهو ممدد على السرير. وقد رأيته في الاسبوع الماضي وهو ينظر الى لافتات وشعارات ابنه.
المتحدث بلسان الجيش قال إن ابنه قُتل «لأنه شكل خطرا حقيقيا وفوريا على المواطنين المارة». وكما هو معروف فانه لم يكن هناك مواطنون في منتصف ليل 18 من الشهر على حاجز بيت فوريك. لم يكن هناك مارة. لذلك فان حرص الجيش على سلامتهم أمر مشبوه، تماما مثلما هو مقتل الشاب الذي لم يسبق أن اعتقل، وأطلقت عليه النار بعد اصابته، دون اعطاء أي سبب معقول لذلك.
خطاطبة مات بصمت. ولم يهتم أحد في اسرائيل لموته، بالكاد تم ذكره. العناوين لم تتحدث عنه، ولم يتم استدعاء فرق الجيش، ولم تغلق القرى. بالضبط كما حدث عندما تم احراق أبناء عائلة دوابشة وهم نائمون: حينها ايضا لم يقتحم الجنود البؤر الاستيطانية في المنطقة، ولم يفكر أحد بحصار أي مستوطنة أو انشاء بؤرة فلسطينية جديدة لذكراهم أو اغلاق حركة السير واقتحام المنازل مثلما حدث في بيت فوريك في نهاية الاسبوع. الرسالة واضحة: الدم الفلسطيني أرخص. صحيح أن مقتل عائلة دوابشة أثار السخط في اسرائيل لكن الاجهزة الامنية تصرفت كالعادة في احداث مشابهة، والنتيجة تتحدث عن نفسها.
هديل الهشلمون ايضا قتلت بدون سبب. ابنة الطبيب من الخليل، والتي تحدثت عميره هاس هنا عن ظروف قتلها، حيث تقشعر لها الابدان، هي ايضا لم تُثر الاهتمام في اسرائيل. فبالنسبة للجيش كانت «مخربة»، وبالنسبة لاغلبية الاسرائيليين هي تستحق الموت. الجندي الذي قتلها سُمع يقول: «الحمد لله». الآن يجب ذِكر أنها قُتلت.
هذا هو الوقت، حيث أن اسرائيليين كثيرين يبكون على عائلة هنكن، يجب ذكر الضحايا الفلسطينيين الذين كان قتلهم ايضا جريمة، وهم ايضا تركوا وراءهم ثكالى وأيتاما. اكثر من عشرين مواطنا فلسطينيا قتلوا على أيدي الجيش الاسرائيلي منذ بداية هذه السنة الهادئة نسبيا، جميعهم تقريبا بدون سبب. دمهم يجب أن يصرخ – هو أحد دوافع سفك دماء نعماه وايتام هنكن، اللذين نأمل أن ينتقم الله لهما فقط. ومن الافضل أن لا ينتقم لهما.
عن «هآرتس»