مهرجان "غزة الاستعراضي" ...نفق الى حضن الرباعية الدولية!

حجم الخط

 كتب حسن عصفور

 أثار اعلان حركتي فتح وحماس عن توافقهما لإقامة مهرجان "وطني" ضد الضم وصفقة ترامب في قطاع غزة، جملة من التساؤلات الشعبية والفصائلية، وأكثر تلك الأسئلة "شيوعا" ارتبط بالمكان، قبل الشكل والمضمون.

لما غزة هي مكان مهرجان يتعلق بمخطط تهويدي في الضفة والقدس، أجوبة أصحاب المهرجان جاءت ملتبسة وكأنها إشارات لفاقدي النطق، لكن البعض يراها "مساهمة غزية" في معركة عامة، ورسالة أن "اليد موحدة"، والحقيقة أن المنطق يغيب عن تلك الأقوال، لأن أصل الرد الشعبي – الرسمي يرتبط بالمكان أولا، ومع تصاعد المواجهة ضد المشروع التهويدي وتصاعد الفعل ليكون هو القاعدة تتفرع منها أشكال الرفض الوطني، وليس استبدال فعل العمل بفعل الكلام في غير مكان الحدث.

ولأن الأمر ليس حضورا وطنيا ضد الضم، بل رسالة "استعراضية" من طرفي الانقسام، ولكل منهما هدفه الخاص، كانت بداية الإعلان كاشفة غاية ذلك "الاستعراض"، أن تتفق فتح وحماس من وراء "القوى الوطنية" ليس سوى مظهر استخفافي، وشكلا جديدا لتكريس "قطبية سياسية ثنائية"، وعلى الآخرين التعامل مع تلك "الحقيقة"، انقساما أو مهادنة أو بحثا عن تصالح استعراضي.

غياب المشاركة التحضيرية للمهرجان، رسالة لا تحتاج لفك ألغازها، فهي واضحة تماما وتكشف أن جوهر الأمر، ليس حراكا لمواجهة المخطط المعادي بكل مكوناته، بل محاولة لفرض "قطبية سياسية" تحضيرا لمرحلة قادمة، تفتح الباب لصفقات، وخاصة أن هناك "هيئة المسيرات" التي تحمل ذات عنوان المهرجان، وتضم مختلف المكونات السياسية بما فيها طرفي الانقسام، ولكن تغييبها لتأكيد المؤكد في الرسالة الجديدة.

المسالة الإلتباسية الثانية في مهرجان "الاستعراض الوطني"، تكمن في أنه لم يتم القيام بأي خطوات عملية تفتح الباب لمظهر "وحدوي"، يمكن ان تمثل "علامات ثقة"، بأن الأمر لا يحمل "أهدافا كامنة" غير التي يتم الحديث عنها، وكي لا يعتبر البعض الأمر أكثر تعقيدا، فهناك خطوات لا تحتاج سوى قرار بيروقراطي، تبدأ بوقف حملات الاعتقالات واطلاق سراح من بالسجون بتهمة "التخابر مع رام الله" او خدمة "مخطط حماس في غزة"، ووقف حملات إعلامية تشويهية لا صلة لها بالوطنية، تدار عبر خلايا خاصة من غرف مغلقة لأجهزة طرفي الحالة الانقسامية.

المسألة الثالثة، ان الإعلان المهرجاني أشار الى مشاركة شخصيات رسمية غير فلسطينية، بعيدا عن مناصبها، ما يطرح السؤال الذي قد يكون الأهم، هل هناك "غاية سياسية" تقف وراء ذلك ويصبح المهرجان "قناة عبور" الى تحقيقها، يرتبط بالحراك العربي – الفلسطيني والدولي، من أجل إعادة التفاوض بين الطرفين الفلسطيني – الإسرائيلي عبر مظلة "الرباعية الدولية".

الأمر ليس سرا، فروسيا منذ فترة زمنية تقود حراكا واضحا لتوفير الغطاء المناسب لعودة التفاوض تحت الرعاية الدولية، وقد وافقت "القيادة الرسمية" على ذلك، وكان لافتا تماما كلمة مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف في مجلس الأمن يوم 21 يوليو 2020، حيث طالب بضرورة عودة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية فورا، برعاية الرباعية لدولية، واعتبار ذلك هو السبيل لمنع مخطط الضم.

ولم يعد خافيا، ان فتح توافق على ذلك الخيار "الدولي"، بل أصبح أحد الأهداف التي تطالب بها بشكل رسمي، فيما حركة حماس لم تعلن أي معارضة رسمية لتلك الدعوة، بل قد تراها بوابة جديدة لتعزيز "شرعيتها" المتهالكة في قطاع غزة، وبوابة توسيع "نفوذ" في الضفة دون مطاردة.

 لذلك يمكن قراءة ان الاستنتاج الأهم من "السيرك السياسي الجديد" في غزة، تشكيل "تحالف خاص" يتبلور لفتح الباب أمام بلورة "حل ما" يقيد مشروعي الضم والتهويد ضمن حدود متفق عليها، ويقيد "حركة الاستقلالية السياسية الفلسطينية" ضمن دولة متفق عليها خالية من "السيادة" في الضفة وبملامحها في قطاع غزة.

وقبل الختام، يبقى التساؤل، كيف يمكن الحديث عن "مواجهة الضم"، وهناك حالة انفصام عن الناس في جناحي "بقايا الوطن"، ملامحهما لم تعد خافية، التذمر والغضب لم يعد مكتوما رغم حضور أدوات القمع والإرهاب.

الريبة السياسية هي الحاضرة بعد اعلان "مهرجان المهرجان" بين قطبي الأزمة الوطنية، في تغييب للكل الوطني، وطريقة مواجهة مشروع التهويد ليس عبر "المهرجانات المكيفة"، بل عبر حركة شعبية تفاعلية تؤمن بمن يعتبر ذاته قيادة لها.
خير الكلام لم يحضر بعد، وخطاب الهواتف لن يحيي كثيرا من أمل وطني.

ملاحظة: كان مثيرا جدا، ان تدخل الأموال القطرية الى حركة حماس ليلا وسر كـ "مواد مهربة"، سابقا كان الاستعراض بها هو سيد المكان، اصيح الأمر الآن وكأنه "شبهة" وطنية...وهي هيك!

تنويه خاص: تطور ملفت في مسار الانتخابات الأمريكية، ان يتهم مرشحا له كل الحظوظ أن يصبح رئيسا منتخبا، رئيس حالي بأنه عنصري...دماء فلويد يبدو انها لن تذهب كدماء أهل فلسطين!