لماذا خرجنا للاحتجاج في شارع بلفور؟

حجم الخط

بقلم: نير حسون وبار بيلغ


صورة يد علما باك النازفة والمصابة بالكدمات، وهي السينمائية ابنة الـ 32 سنة من تل أبيب، انتشرت في الفيس بوك مثل النار في الهشيم بعد مرور يوم على التظاهرة في شارع بلفور، الثلاثاء الماضي. اربع شرطيات من حرس الحدود قمن بحملها بعد أن تم إسقاطها على الأرض بعنف وقمن باعتقالها. وفي محادثة مع «هآرتس» قالت باك إنها تجد صعوبة في التنفس.
باك وصديقاتها ينشغلن جدا منذ اندلاع أزمة «كورونا» والأزمة الاقتصادية. وقد أقمن نظاما مدنيا عفويا يساعد آلاف المحتاجين بسلات غذائية ووجبات ساخنة؛ ولسن صورة الفوضوي الذي تحاول الشرطة أن تلصقها بالمتظاهرين. «جميع الأنظمة انهارت هنا في الازمة. ومثلما يعرفون في إسرائيل كيفية العمل، في زمن الحرب يسارع المواطنون لمساعدة النظام»، قالت. «لقد أملنا أن تفهم الأجهزة الوضع وتأتي للمساعدة. ولكننا شاهدنا أنه من خلال الحركة نحصل على مكالمات من جمعيات وعاملين اجتماعيين يبحثون عن سلات الغذاء والوجبات. اربعة اشهر ونصف داخل الازمة، ونحن بصفتنا مواطنات نفعل الشيء الذي لا تفعله الدولة. وهذا هو سبب احتجاجنا، إضافة الى فساد السلطات. ومجرد حقيقة أنه يوجد الكثير من الاحتجاجات التي تتكتل حول شارع بلفور، يظهر بأن كل شيء مرتبط معا. واذا كان رئيس الحكومة منشغلا بالمطالبة باسترجاع ضريبي في الوقت الذي أقوم فيه أنا بجمع الأموال لاطعام الشيوخ في دولته، عندها سيكون احتجاجي موجها نحو مكان معين».
باك هي من بين الـ 100 متظاهر الذين تم اعتقالهم مؤخرا في التظاهرات ضد رئيس الحكومة نتنياهو. وحوالي 85 منهم اعتقلوا في التظاهرات في القدس والبقية في تل ابيب. وفي محادثات مع ثمانية منهم تظهر صورة لحركة الاحتجاج الاكثر شعبية وحيوية التي ظهرت في إسرائيل منذ الاحتجاج الاجتماعي في العام 2011. في معظمهم ليسوا متظاهرين «مهنيين»، ولا يعتبرون أنفسهم في تنظيم، ولم يشاركوا تقريبا في تظاهرات الاحتجاج السابقة. وجد كل واحد منهم سببا مختلفا للتظاهر. والجميع هذا هو الاعتقال الاول بالنسبة لهم.
الاحتجاج لا يوجد له منظمون أو غرفة عمليات مشتركة أو متحدثون بلسانه يصدرون البيانات لوسائل الاعلام. هناك عدد من المنظمات، جزء منهم انصار بطبيعتهم ومعظمهم يستندون الى جمهور منتجين، مخرجون أو عمال في مجال الثقافة والحياة الليلية. ربما هذا ايضا جزء من تفسير الاحباط والغضب الذي تسبب بإخراجهم الى الشوارع. المقدسيون من بين المعتقلين ذكروا إطلاق النار على اياد الحلاق ومحاولة طمسه، كما قالوا، كنقطة شرخ في ثقتهم. سكان تل ابيب يؤكدون على المس بالثقافة. الجميع يظهرون مشاعر الاشمئزاز من الحكومة ولكنهم في الوقت ذاته يأملون حدوث تغيير.

انتقلت الثقافة الى الشارع
«نحن اشخاص لنا امتيازات»، قال غيلي ليفي (32 سنة)، وهو مخرج فني في الحياة الليلية والثقافة في القدس. «نحن لم نصل الى كسرة الخبز الأخيرة. نحن على بعد أمتار من ذلك. لا يوجد لي عائلة أو أولاد، وأنا لم أصل الى حالة الفقر، ويمكنني النضال من اجل حقوق الآخرين».
في الأسبوع الماضي تم اعتقال ليفي في التظاهرة امام منزل رئيس الحكومة في القدس، عندما وثقت الكاميرات نائب رئيس بلدية القدس، آريه كينغ، وهو يمسك بقدمه ويجره بكل قوته من اجل مساعدة الشرطة. «لقد جئت الى التظاهرة لكل الاسباب التي توجد في العالم، من خلال معرفتي أن مصدر كل المظالم واحد، وهو رئيس الحكومة لدينا والثلة التي تعمل معه هنا يوميا بصورة فاسدة»، قال ليفي. «في كل فترة كورونا تم كسر شيء ما في الثقة، حتى الثقة الجزئية التي كانت للسلطة. الصفقة غير الرسمية التي تقول «نحن نعمل وندفع الضرائب وفي وقت الازمة أنتم تهتمون بنا»، انكسرت لأنه تبين أنهم لا يعنيهم شأننا. بالعكس، عند اندلاع الأزمة استخدموا المزيد من القوة والمزيد من العقوبات». وحسب قوله، جعلت الازمة الغضب الذي تراكم في السنة الأخيرة يطفو. «بالنسبة لي هذا يتعلق ايضا بقتل اياد الحلاق ومحاولة التستر على قضيته، الامر الذي يضاف ايضا الى الاحباط من قصة سلمون تاكا»، قال. «هذا يشحن الشارع بجو عنيف وطاقة سيئة. ويوجد عنوان لكل ذلك».
عران كوينت ايضا، موسيقي عمره 32 سنة من القدس، قال إن قتل الحلاق بنار الشرطة، والذي هو فلسطيني متوحد من شرقي القدس، جعله يجد نفسه في الاحتجاج. شاركت في مظاهرات العدالة لإياد. حالته هي أحد الامور التي هزتني، قال كوينت، الذي هو مرشد في جمعية «شيقل» التي تساعد ذوي الاحتياجات الخاصة، «لكن ما ساعد في اخراجي هو أنني شاهدت الكثير من الاشخاص حولي، اشخاص أعرفهم من القدس وتل ابيب، يستيقظون مثلي».
هناك ايضا متظاهرون زادوا الوتيرة في الاحتجاج بفضل لحظة واحدة صغيرة. هذا ما حدث مع ياعرا غولدمان، وهي معالجة طبيعية (37 سنة) من تل ابيب، عادت من الاحتجاج في المدينة في منتهى السبت مع شعور الانكسار والاحباط. عندما سمعت أن الشباب يغلقون الشوارع ويهتفون ضد فساد الحكومة، خرجت مرة اخرى الى الشارع وبعد ساعتين اعتقلت. «الخروج مرة اخرى من البيت كان نقطة انعطاف بالنسبة لي. «منذ ذلك الوقت كنت موجودة ثلاث مرات في بلفور»، قالت. «الاعتقال وكل ما حدث حوله ربطني قليلا بالسبب الذي من اجله يجب أن نحارب. وقد قدمت استقالتي من مهنتي كأخصاية في العلاج الطبيعي من أجل المشاركة في التظاهرات. لا يمكنني أن أكون معالجة طبيعية تمريضية، ومعالجة الاشخاص في خطر، اذا كنت طوال الوقت في التظاهرة. حينها عرفت أنه اذا كان الاختيار هو بين التظاهر وبين مصدر الرزق، فأنا الآن أريد التظاهر».
صدمة ثقافية قد تأتي من الحياة الليلية الخفية في تل ابيب، لكن يوجد هناك حركة أخرى جاء أعضاؤها من اماكن الاحتفالات الجماهيرية - المواطنين. وقد لعبوا دورا رئيسيا في التظاهرة الكبيرة في ميدان رابين، ولكنهم شعروا أن شارع بلفور يناسبهم أكثر. وقالوا بأنهم اختاروا الاسم بعد أن ألصقوا بهم صفة فوضويين. وحسب قولهم، المواطنون، هو تعريف لاشخاص يساهمون في الدولة والامر يعنيهم. من هم المواطنون حسب رأيهم؟ الـ 9 ملايين مواطن باستثناء الـ 120 عضو كنيست. وقد شاهدوا تظاهرات كرايم منستر وامير هسكل في بلفور، واعتقدوا أن رسائلهم غير موحدة بدرجة كافية. وقرروا محاولة تشبيك اذرع الاحتجاج وعدم التلون بألوان اليسار.

عن «هآرتس»