لا اصطياف ولا سياحة.. واعداد المنتحرين تتزايد..!

حجم الخط

بقلم: طلال سلمان*

 

العدو الاسرائيلي مرتاح تماماً إلى التدهور المريع والخلافات المتفاقمة بين الدول العربية، والتي وصلت احياناً إلى شن الحروب على الاخوة، كما يحدث لليمن عبر الهجمات العسكرية التي تمزق ارض هذا البلد الفقير وتجعل بعضه للسعودية وبعضه الآخر للإمارات التي تعرف أن المغامرات العسكرية تفوق طاقتها (كما كان يقول الشيخ المؤسس زايد بن نهيان..)

ومع أن العدو الاسرائيلي مرتاح إلى الخلافات العربية – العربية فإنه قد اختار، منذ بعض الوقت، أن يوجه ضرباته إلى مجاهدي "حزب الله" في سوريا، مستفيداً من التعدد في مركز القرار بين دمشق-الاسد (الضعيفة) وروسيا ومقاتلي ايران ثم مقاتلي "حزب الله" فيها.. والذين سقط بعضهم شهيدا بضربة مدفعية اسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة، التي رفض الرئيس الراحل حافظ الاسد التنازل عن شبر منها "لأنني كنت اسبح في بحيرة طبريا، المحاذية لحدودنا"، كما قال للرئيس الاميركي السابق نيكسون خلال زيارته دمشق في حزيران العام 1974، وبعد سنة من حرب تشرين الاول في العام 1973. ثم كرر هذا الموقف مع الرئيس الاميركي كلينتون في جنيف وخلال الدقائق الأولى من المفاوضات التي جرت ايضا، وانتهت، إثر انعقاده مباشرة.

قبل ايام، وخلافاً "لتقاليده" أقدم العدو الاسرائيلي على مهاجمة موقع للجيش السوري معززاً بمجاهدي "حزب الله"، فاستشهد احد مقاتلي الحزب.. وعلى الفور أعلن العدو الاسرائيلي حال الطوارئ، واخفى جنوده من الجهة الفلسطينية المحتلة من الحدود مع لبنان، وتلبث ينتظر الرد، مستذكراً كلام السيد حسن نصرالله في آخر خطاب له.

وكان السيد حسن نصرالله قد دعا اللبنانيين، بعد تفاقم الازمة الاقتصادية وانتشار وباء كورونا، إلى زراعة السطوح والشرفات بالقمح والعدس والحمص للخروج من نفق الجوع ومقاومة افتقاد مواد التغذية الضرورية التي يستورها لبنان من الخارج.

لسان حال اللبنانيين اليوم تستوحي ما قاله الشاعر الأخطل الصغير وغناه عبد الوهاب بصوته:

"أأنا العاشق الوحيد لتلقي ... تبعات الهوى على كتفيّا".

***

وحدها اسرائيل تهاجم لبنان ومقاتلي "حزب الله" في الجنوب وفي سوريا وحيث يتواجد هؤلاء المقاتلين مع القوات الايرانية من حول ضريح السيدة زينب في ظاهر دمشق، كما في جهات أخرى معروفة.

سوريا تنزف نتيجة الحرب المفتوحة عليها في اكثر من جبهة: فتركيا تحتل الشمال السوري حتى منبج (منفى الشاعر ابي فراس الحمداني)، وبعض الشرق ( بالشراكة مع قوات الاحتلال الاميركي في العراق) لتمنع دمشق من الافادة من ثروتها في النفط والغاز ( بين القامشلي ودير الزور) .. ثم أن تركيا توفد المئات من اللاجئين السوريين ممن دفعتهم الحرب في سوريا وعليها، للقتال في ليبيا التي يعتبرها السلطان اردوغان، من املاك السلطنة.. والذي اعاد الكنيسة التحفة آيا صوفيا في اسطنبول إلى مسجد، ومشى بحذائه نحو منبره حيث كان امام الصلاة يتلو آيات من القرآن الكريم ( التي تبين أن اردوغان يحفظها ويرتلها كما سائر المقرئين..)

***

مصر مشغولة الآن بالصراع مع اثيوبيا حول سد النهضة الذي يهدد بانخفاض معدل المياه الآتية إلى النيل عبر السودان.

وقد تطور الخلاف إلى شيء من التهديد العسكري، لان السد العالي في اسوان في خطر، وكذلك سيلان المياه نحو المصب ينخفض تدريجيا بما يهدد المواسم الزراعية في مصر، فضلاً عن المخاوف من تفاقم الفيضانات في الربيع المقبل.

أما العراق الذي ما زال يعاني من الآثار المدمرة لطغيان صدام حسين والذي تتقاسمه القوات الاميركية- الدولية التي دخلته في نيسان 2003، فان رئيس حكومته الجديدة مصطفى الكاظمي يحاول اعادة التوازن إلى سياسة بغداد، ومن هنا فقد زار الرياض ثم طهران، حرصا على علاقة متينة مع الطرفين المتباعدين من اجل المصالح الوطنية للعراق في ظل الاخوة العربية والصداقة مع ايران – الخميني..

وأما دولة الكويت فتعاني من تزايد اصابات كورونا فيها، وتنتظر بقلق التقارير الطبية حول صحة اميرها العجوز الشيخ صباح السالم الصباح بينما جرثومة الكورونا تفتك بمواطنيتها والمقيمين فيها على مدار الساعة.

***

حقيقة الامر أن ازمة اقتصادية شديدة الوطأة تضرب لبنان واللبنانيين .. وثمة ظاهرة مستجدة هي اقدام بعض الفقراء والمعدمين على الانتحار جهاراً نهاراً، في قلب شارع الحمراء الذي كان يعكس الرخاء ايام طوفان القادمين للاستئناس بمناخ لبنان والليالي الحمراء في منتجعاته وكازينوهات لبنان للمقامرين و"الاقتصاد الحر" الذي كان يوفر للبنانيين أن " يلعبوا" بالدولار كيفما شاءوا.

لقد "ذهبت السكرة وجاءت الفكرة" كما تقول العامة، واللبنانيون تتناقص مداخيلهم، يوما بعد يوم، خصوصا وقد عاد آلاف الشبان الذين يعملون في مختلف انحاء السعودية والخليج، إلى مدنهم وقراهم، وتوقف سيل الدولارات المتدفق من المغتربين..

واضطر الامين العام ل"حزب الله" أن يدعو الناس إلى زراعة الشرفات والسطوح في منازلهم بالقمح والشعير تلافيا لآفة الجوع والاسعار الفاحشة لمواد التموين..

"رُبَّ يومٍ بكيتُ منهُ فلما... صرتُ في غيره بكيتُ عليه"

*رئيس تحرير " السفير" اللبنانية

ينشر بالتزامن مع جريدة "الشروق " المصرية ة