تغيير حماس الحكومي خطوة "كيانية غزية" جديدة!

حجم الخط

 كتب حسن عصفور 

لا يوجد في عالم السياسة أفعال "حسن نوايا"، خاصة إذا ما صدرت من قوى أو حركات تتمتع بحضور وقيادة تتحدث عن قدرتها على قراءة الواقع، فما بلك والحديث عن "خطوات" ترتبط مباشرة في حال تم تنفيذها بمشاريع ليست مضاد.

لم يعد مجهولا ان أحد أبرز عناصر المخطط التهويدي، الذي سبق الحديث عنه منذ سنوات طويلة، سواء ما يعرف بمشروع الون، او خطة شارون التفصيلية لتهويد الضفة وفصل قطاع غزة، كما جاء لاحقا في الخطة الأمريكية المعروفة بـ "صفقة ترامب"، ففصل القطاع ركيزة من ركائز تلك المشاريع، باعتبار غزة "ملعونة" توراتيا، لذا لم تكن يوما جزءا من مشروع الحركة الصهيونية القديم والمستحدث.

قبل أيام، وفي اعترافات هي الأولى منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، الذي أكد فلسطينية الضفة الغربية وولاية السلطة عليها، اعترف أمين عام الجهاد زياد النخالة أن المعركة هي الضفة باعتبارها "يهودا والسامرة"، وهو ذات الاعتراف لرئيس حركة حماس إسماعيل هنية، اعترافان لم يدقق كلاهما جيدا فيما قالا ارتباطا بالاتفاق الذي لا يكف فصيليهما عن مهاجمته.

بالتأكيد، حماس تعلن، أيضا، انها ضد "خطة ترامب" وضد الضم والتهويد، ولن تكون طرفا في ذلك، ولكن المسالة السياسية لا تقاس بما تقول، بل بما تفعل، وهنا نستذكر المثل الإنجليزي الأشهر (الطريق إلى جهنم مفروش بحسن النوايا)، فواقعيا سلوك الحركة في قطاع غزة يتناقض جذريا مع رفضها للمشروع التهويدي، بكل مكوناته الصهيونية إسرائيلية ام أمريكية.

فهي يوميا تعمل على تعزيز "كيانها الخاص"، وتعتبر ذلك "هبة سياسية سماوية" يجب الحفاظ عليها، ولن تغادر مربع السلطة فيها برغبتها، ولذا لا تتأخر في العمل لتثبيت "أركان الحكم" دون أي اعتبار سياسي، او أي محاذير يمكن أن تذهب بعيدا لتكون جزءا "موضوعيا" من المشروع المعادي للمشروع الوطني.

ومؤخرا، ورغم كل المحاذير الوطنية، يتم الحديث عن قيام حماس بالتحضير لـ "تغييرات" في حكومتها، بعد التغيير الأول بتسمية عدد من "وكلاء وزارت" دون التزام بالقانون الأساسي، حيث المناصب العليا تصدر عن رئيس السلطة وليس حركة أو جهة، او رئيس الحكومة ذاته، لكن الحكم في غزة، ذهب الى تنفيذ خطوات انقسامية بذرائع غير سياسية.

التغيير الجديد، لو نفذته حماس وتحديدا في واقع المشهد السياسي الراهن، فهي تؤكد للعامة قبل الخاصة (إسرائيل وأمريكا)، بأنها تسير وفقا لما تراه لتعزيز سلطتها في القطاع بعيدا عن القانون الأساسي (دستور السلطة وعن رئيسها)، وتشير الى وجود "رئيس سري للكيانية الغزية" هو من يملك الحق في القيام بأي تغييرات تراها ضرورة لكيانها وسلطتها.

ذرائعية، حماس التي سبقت تبرير فعلتها الانفصالية الحكومية، بانها مضطرة للقيام بتطوير أسس العمل وأدواته، تلحق ضررا وطنيا كبيرا تحت نقاب "الخدمة الحياتية"، وهنا تذهب بقدميها الى "جهنم السياسي" بـ "حسن نوايا"، افتراضا انها لا تعلم مسار خطواتها التنفيذية.

وكي لا يقال لم يعترض أحد، نسجل مسبقا انه على حماس وقف أي عمل يؤكد "البعد الانفصالي" للكيانية الغزية، وأن تدقق كثيرا في خطواتها سواء كانت بحسن نوايا او جهل معرفة او غيرها، فكل خطوة خارج القانون الأساسي هي خطوة إنعزالية جديدة وحجر مضاف لبناء "كيان غزة الخاص".

الخيار بين تحسين الأداء الحكومي وخراب "الهيكل لوطني" لا يحتاج للتفكير...ولو كان الأمر خيار الضرورة لتمنح السلطة مفاتيح العمل التنفيذي في قطاع غزة، دون شروط سوى الاتفاق على رفض مخطط التهويد، فخسارة مظهر سلطوي لصالح هزيمة مشروع معادي لا يحتاج أخذ ورد سياسي...
وهناك كثير من سبل تحقيق ذلك لو أن الوطنية هي الفاصل وليس الحزبية العمياء هي "سيد الحال".

حذار من أي فعل انقسامي أي كانت الذرائعية فلا تبرير لما هو خارج قانون الوطن.

ملاحظة: 4 أغسطس يوم ليس كغيره للفلسطيني، يوم ميلاد الزعيم الخالد المؤسس رئيس أول سلطة كيانية فوق أرض فلسطين الشهيد ياسر عرفات...إسم لا يحتاج وصفا فهو أصبح "أبو الأوصاف" ياسر...سلاما لك زعيما حيا، وخالدا راحلا...سلاما لك يا ياسر حيث أنت هنا وأنت هناك!