وقفت على جسر السلام وانتظرت الشتائم ، أعترف بأنني تفاجأت

حجم الخط

هآرتس – بقلم ميخائيل سفارد

ليس لدي أي فكرة كيف سينتهي احتجاج بلفور/ تشارلز – قيصاريا – جسور اسرائيل. من الصعب عدم التأثر من الطاقة النادرة التي ظهرت مثل سحر وجرفت البلاد. ولكن ما العمل؟ أنا من تلك الحارات الذي دائما يشك في كل شيء. لقد كنت هناك في الاحتجاج الاجتماعي في 2011، ايضا في حينه كنت أشك وتبين أنني محق. ليتني هذه المرة أكون مخطئا.

الشك البارز هو أن هذا السحر له اتجاهين، وأن الطاقة في بلفور تعرف ليس فقط الظهور واغراق الجميع، بل ايضا أن تكون يهودية وتختفي فجأة: عندما ينتهي الصيف، ويتم فتح النوادي أو لمجرد أن المظاهرات لا تكون هي الامر المثير والجديد الذي هي عليه الآن. ربما هذا هو الطمس السياسي، ربما هو غياب مسار واضح لتحويل الطاقة والغضب الى عملية سياسية، وربما في الحقيقة، المشكلة هي لدي. ومثل من هو غير معتاد على أن يكون جزء من حركات الجمهور ومن هو منذ سنين المسافة بينه وبين التيار العام ازدادت بوتيرة كبيرة، فان اكتشاف أنني اؤيد ما يبدو ويتصرف كاغلبية يخلق تناقض.

في يوم السبت كنت على جسر السلام ورفعت علم اسود وانتظرت الشتائم، لكنها لم تأت. وبدلا منها ملأ الاجواء صفير مؤيد من شائقين مروا فوق الجسر وتحته. رجل يساري معتاد على عداء الشارع هذا شعور غير معروف بالنسبة له وغريب، مثل السير فوق القمر. عندما تتغير وتضعف احد الثوابت الاكثر استقرار في الحياة مثل الجاذبية يصبح العالم غير مفهوم ويثير اسئلة وجودية. وبعد مرور اربعين دقيقة على محاولة التعود على المحيط الجديد عرفت أمرين. الاول هو أن اليسار كما يبدو بحاجة الى جيل جديد، غير مسجون في الاقلية والخسارة. من اجل أن يأتي الى البلاد ويغيرها. الثاني، يجب فعل ما لم يفعله اليسار منذ سنوات. ومشكوك فيه اذا كان يتذكر كيف يفعلون ذلك: الاستعداد للانتصار.

​بالنسبة للمتظاهرين في بلفور الاجابة على سؤال ما هو الانتصار هي نسبية بصورة واضحة: مغادرة الساكن/ المتهم للمقر الرسمي. هذا بلا شك سيكون انجاز. وهو سيثمر امكانية كامنة لتغييرات مهمة اخرى، لكن هل هذا كاف؟ الجواب على هذا السؤال يرتبط بسبب من اجله يريد المتظاهرون أن يتم استبدال الساكن في المقر. أنا اريد التصديق بأن الجواب هو أن المتظاهرين يريدون طرد ليس فقط شخص من بلفور (وزوجته وابنه)، بل ثقافة سياسية كاملة، التي اذا اردنا تلخيصها ببضع كلمات ستكون “اسكات، تحريض، تخويف، عنصرية، تعظيم الزعيم والكذب”.

​هذه المباديء ترجمتها حكومات نتنياهو المتعاقبة الى تشريع وسياسة وافعال قمعت القدرة على ادارة الخلافات داخلنا. هذه هي البيبية، والى جانب الضائقة الاقتصادية، هي التي اخرجت عشرات آلاف الاسرائيليين الى الشوارع. لذلك، لا يكفي الانهاء الشخصي لعهد نتنياهو. مطلوب نهاية قيمية له. مطلوب انهاء البيبية في نظام الحكم، ترجمة مواضيع المعارضة الى اجندة بديلة تحصن القيم التي هاجمتها البيبية، وعلى رأسها المساواة وكرامة الانسان والديمقراطية، تنظيف السموم سيتحقق فقط اذا تم ايجاد التحصين الدستوري الذي سيمنع حتى في غياب نتنياهو حدوث موجة ثانية للبيبية. لهذا يجب التصميم على أن عملية انهاء البيبية يجب أن تكون مركبة ليس فقط من تغييرات في الثقافة السياسية والخطاب العام، بل ايضا يجب أن تكون جزء من القانون والدستور الاسرائيلي، وبصورة تعيد تعريف الطريقة التي ندير بها اختلاف الآراء بيننا. وهاكم عدد من التغييرات التشريعية التي بدونها حتى لو تخلصنا من نتنياهو ليس من المؤكد أن نتخلص من البيبية:

​انهاء البيبية يجب ان يتضمن أن نضع ضمن القانون موقف حراس العتبة والمدافعين عن حقوق الانسان وأن نسن قانون يمنع مرة والى الابد المس بها على يد ذوي النفوذ الذين يريدون التهرب من الانتقاد. ويجب ان نضيف بند لقانون الاساس: حرية التشغيل، الذي يمنع أي مس بالانسان بسبب موقفه او نشاطه السياسي. مطلوب ايجاد اطار قانوني لانشاء وعمل لجان حقيقية ومصالحة داخلية اسرائيلية. القضايا المؤلمة التي تمزق المجتمع الاسرائيلي مثل النظرة الى الاقلية العربية وتمييز الاسرائيليين من اصل اثيوبي وقضية اختفاء اولاد اليمن.

​هذه التغييرات ستمكن من وضع المجتمع الاسرائيلي على طريق جديد. ولكن يجب قول الحقيقة: مهما ظهرت غريبة فان نتنياهو لم يبدأ البيبية. فعناصر البيبية كانت جزء من الروح الاسرائيلية قبل وقت طويل من عودة نتنياهو من نيويورك ويسيطر على الليكود. والتمييز ضد المجموعات الضعيفة وعلى رأسها عرب اسرائيل وابعادهم عن مراكز القوة والتوزيع غير العادل للموارد (ليس الاقتصادية فقط) كانت موجودة دائما. وانهاء البيبية الحقيقي سيخلق واقع سياسي يمكننا من مواجهة الاسئلة الرئيسية لوجودنا هنا كمجتمع، وهي اسئلة في هذه الاثناء غير موجودة في واجهة احتجاج بلفور.