اتفاق التطبيع بين إسرائيل والامارات كشف اخفاقا دبلوماسيا للسلطة الفلسطينية

حجم الخط

هآرتس – بقلم عميره هاس

 

​الانطباع الأولي من التصريحات في وسائل الاعلام الفلسطينية مؤخراهو أن الاعلان عن اتفاق التطبيع بين اسرائيل واتحاد الامارات قرب للحظة قيادة السلطة الفلسطينية من الجمهور الفلسطيني. الجميع يدينون الاتفاق والاستغلال التهكمي، حسب صياغتهم، لـ “القضية الفلسطينية” ومعارضةالضم، من اجل تحسين العلاقات الاقتصادية والامنية القائمة منذ فترة ولمتكن سرية. ولكن هذا تقارب آني وتكتيكي، تقارب بدون نقاط. وهناك من يقولون إن الجمهور الواسع الذي لم يسأله أحد عن رأيه في وسائل الاعلام – هو غير مبال تماما بهذه التطورات.

​“ادانة” هي كلمة من الكلمات الدارجة جدا في أفواه شخصياتفلسطينية رفيعة. ولكن الادانات لا تخلق سياسات. بناء على ذلك، على الاغلبوبالتأكيد في هذه الحالة، هي تكشف غياب السياسة وتحويلها الى غضبواخفاقات دبلوماسية طويلة المدى. علاقات السلطة برئاسة محمود عباس معاتحاد الامارات مقطوعة منذ العام 2012، رغم أن عشرات آلاف رجالالاعمال الفلسطينيين، مهندسون واصحاب مهن مختلفة، يعيشون فيالامارات بشكل دائم ويديرون فيها اعمالهم بدون ازعاج.

​في رام الله يفسرون القطيعة بالاساس بالخلاف حول رئيس الامنالوقائي السابق والشخصية الرفيعة في فتح سابقا، محمد دحلان. هو مقربجدا سياسيا واقتصادية من ولي عهد اتحاد الامارات محمد بن زايد، فيحين عباس وحركة فتح برئاسته تتعامل معه كعدو رقم واحد. محاولة إبن زايدفي 2012 أن يصالح ويخفض اللهب ضد دحلان لم تنجح، قال مقرب مندحلان، رغم أنه تولد لديه الانطباع بأن عباس مستعد لذلك.

في حزيران من هذا العام وفي ازمة اقتصادية وصحية رفضت السلطةالفلسطينية ارسالة مساعدات عرضتها أبو ظبي على وزارة الصحةالفلسطينية لأن هذه العملية تمت بدون تنسيق معها ووصلت عبر مطار بنغوريون. مرونة دبلوماسية الآن لم تكن لتوقف قطار التطبيع، لكن ايضاالتنازل مسبقا طوال ثماني سنوات عن نشاط دبلوماسي فلسطيني رسميفي عاصمة اتحاد الامارات لن يوقفه. وربما حتى زاد سرعته. يمكنالافتراض بأن حضور دبلوماسي كهذا لم يكن ليغير مصالح الاتحاد فيالتقارب مع اسرائيل، لكن ربما كان سينجح في أن يرفع بدرجة ما ثمنالتطبيع، أكثر من تأجيل خطة الضم التي لم يكن من الواضح أصلا أنهاستنفذ. “نحن نعرف العمل في الدول التي تؤيدنا، وليس في الدول التي لاتؤيدنا“، لخص دبلوماسي فلسطيني في رام الله الوضع.

​في نهاية الاسبوع اطلق عباس النداء البافلوفي للجامعة العربية مناجل عقد جلسة طارئة بشأن التطبيع. عضو اللجنة التنفيذية في م.ت.فوعضو اللجنة المركزية في فتح، عزام الاحمد، قدر أن هذه الجلسة لن تعقدبسبب الخلافات في الرأي في دول كثيرة وكشف هذه الخلافات سيضعفموقف الفلسطينيين. في 17 حزيران قدمت حكومة رام الله للجامعة العربيةطلب رسمي من اجل الحصول على قرض بمبلغ 100 مليون دولار فيالشهر، الى أن يتم حل ازمة تحويل الاموال من اسرائيل. وحتى الآن لمتستجب أي دولة. وحسب اقوال جبريل الرجوب “بتعليمات امريكية، جميعالدول العربية باستثناء الجزائر” أوقفت الدعم للفلسطينيين.

​عزام الاحمد قال في مقابلة مع “صوت فلسطين” بأن اسماعيل هنية(الذي يعيش خارج غزة، بالاساس في قطر) اتصل هاتفيا مع عباس مناجل أن يقاسمه ادانة التطبيع. الاحمد عبر عن أمله بأن هذا سيمكن منتشكيل “جبهة داخلية موحدة“. ودعا الى انتفاضة شعبية. هذه هي الدعوةالمعتادة التي يطلقها كبار شخصيات فتح صبح مساء من اجل أن يظهروابأن لهم صلة.

​من الصعب معرفة اذا كان يؤمن حقا بأن السلطة وفتح قادرتين علىتحريك الجمهور. رغم جهودها في وسائل الاعلام فان السلطة لا تنجح فيجعل سكان الضفة الغربية اتباع وسائل الحماية المطلوبة من اجل منعانتشار فيروس الكورونا. في كل يوم يتم اكتشاف 400 – 500 مصاب. وظهر أمس كان عدد الوفيات 112 شخص، بما في ذلك في غزة. ولكن هذاالعدد لا يشمل شرقي القدس – الذي سكانه العرب يتملصون من منع اقامةالاحتفالات العامة ويقيمون حفلات الزفاف في جيوب السلطة في الضفةالغربية. ايضا هناك الامر ممنوع، لكن يبدو أن قدرة انفاذ القانون أو الرغبةفي انفاذ القانون هناك ضعيفة جدا.

​هذا الاسبوع، بعد الادانات، سيأتي الوقت للتساؤل ما هو مصير قراروقف التنسيق الامني، بالاساس المدني، مع اسرائيل. طالما أن تهديد الضميحلق في الجو. في نهاية المطاف هذا التهديد تم رفعه، على الاقل حتىاشعار آخر، والاغلبية لا تفتح بيوت العزاء على وقف التنسيق الامني. ولكنوقف التنسيق المدني هو أمر يضر بالجميع. خاصة لأنه وبتعليمات منعباس، ترفض وزارة المالية الفلسطينية تسلم اموال الضرائب والجمارك التيتخصمها اسرائيل (مقابل عمولة كبيرة) على بضائع تدخل الى القطاعوالضفة، والتي تشكل ثلثي دخل السلطة. النتيجة المباشرة هي: تقليصرواتب موظفي القطاع العام وتذمرهم. وعدم تحويل الدفعات للبلديات التي منناحيتها قلصت رواتب العاملين فيها وجمدت نشاطاتها.

​في يوم الخميس قبل الاعلان عن التطبيع نشرت وزارة الماليةالفلسطينية بيان استثنائي نفت فيه شائعات بأن اموال الجمارك المخصومةحولت اليها، وأن الرواتب سيتم دفعها قريبا. انتشار هذه الشائعة يدل علىعدد الاشخاص الذين يأملون أن تنزل السلطة عن الشجرة العالية وأن تستلمالاموال العائدة اليها.