إسرائيل في ركود : الازمة خلقت انهيارا أعاد الاقتصاد اربع سنوات الى الوراء

حجم الخط

هآرتس – بقلم سامي بيرتس

الارتفاع الحاد في الاصابة بالكورونا في الاسابيع الاخيرة وضع على طاولة الحكومة فكرة فرض اغلاق مرة اخرى من اجل خفض عدد المصابين الى بضع مئات يوميا. ولكن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو متردد. توجد اسباب كثيرة للتردد وأحدها موجود في البيانات الكئيبة – التي لم نشاهد مثلها في أي يوم – والتي نشرها يوم أمس المكتب المركزي للاحصاء. خلال شهر نيسان تم تقييد عدد العاملين في اماكن العمل الى عشرة اشخاص، أو على الاكثر 30 في المئة من العاملين، وتم وقف نشاطات رحلات الطيران والسياحة والاستجمام وجهاز التعليم ايضا. النتيجة هي أن الاقتصاد تقلص في الربع الثاني من هذا العام بـ 8.1 في المئة. وبحساب سنوي هذا يعني انهيار بنسبة 28.7 في المئة.

​هذا التقلص اعاد مستوى الانتاج المحلي الخام اربع سنوات الى الوراء، الى مستوى الربع الاخير في العام 2016. الانخفاض تم التعبير عنه في كل فروع النمو، باستثناء النفقات الحكومية التي ارتفعت من اجل تمويل نفقات الصحة ودفعات بدل البطالة والمنح للمصالح التجارية. في المكونات الاخرى شاهدنا هبوط حاد: الاستهلاك الشخصي انخفض بـ 13.3 في المئة في هذا الربع، وبـ 43.4 في المئة في حساب سنوي. هكذا ايضا الاستثمارات والاستيراد والتصدير.

​أمس سارع نتنياهو الى الشرح بأن الامر يتعلق بانجاز لأن اقتصادات اخرى مثل بريطانيا وفرنسا واسبانيا وايطاليا تضررت بنسب أعلى، لكن هذا عزاء الفقراء. الفرق الاساسي هو توقيت الخروج من الاغلاق، ولأن الامر يتعلق بدول تضررت من الكورونا بدرجة اكثر شدة فانه من المنطقي أن تدفع اثمان اقتصادية أعلى. ثانيا، الازمة ما زالت في الذروة، ومن اجل تحديد من تضرر اكثر ومن تضرر أقل نحن بحاجة الى الانتظار حتى انتهاء الازمة. سيتم حسمها من جهة حسب قوة الاغلاق (هناك احتمالية بأن نراه هنا مرة اخرى قريبا)، ومن جهة اخرى طبقا للمحفزات والاصلاحات الاقتصادية التي ستطبقها كل دولة.

​هنا يوجد قدر غير قليل من الانتقاد حول درجة فعالية المحفزات التي تستخدمها الحكومة في هذه الازمة. مثلا، نظام الاجازات بدون راتب وفر حقا للعمال أمن في توفير مصدر الرزق في اشهر البطالة، لكنه ايضا شجع المشغلين على ارسال العمال الى اجازات بدون راتب والتسبب في ارتفاع حاد في نسبة البطالة الى أن وصلت الى ذروة 27.8 في المئة التي حدثت في شهر نيسان. ومنذ ذلك الحين وهذا المعدل في هبوط، لكن بوتيرة بطيئة جدا. أحد الاسباب هو أن الدولة تباطأت في تشجيع المشغلين على اعادة العمال من الاجازات غير مدفوعة الراتب. صحيح أنه تم تحديد اطار بستة مليارات شيكل، خصصت لصالح تشجيع المشغلين على استيعاب العمال، لكن الجهات المهنية وجدت صعوبة في التوصل الى قرار حول النظام السليم لتوزيع المنح.

​كل تأخير في البرامج الاقتصادية في ذروة ازمة شديدة جدا يجبي ثمنا باهظا على شكل مشاريع اقتصادية تغلق ولا تستطيع الصمود. حسب خدمات التشغيل، هناك الآن 878 ألف طالب عمل، الامر الذي يعني أن نسبة البطالة هي 21.5 في المئة. ولكن حسب المكتب المركزي للاحصاء فان نسبة البطالة هي 12.3 في المئة. وفي الحالتين ليس لرئيس الحكومة أي سبب للتفاخر لأن نسبة البطالة في اسرائيل هي من النسب الاعلى في العالم. هذا يقتضي من الحكومة أن تدفع قدما ببرامج لتعزيز الاقتصاد والمشاريع التجارية، لكن عدد من البرامج التي تخرج من تحت يدها هي برامج مختلف عليها، مثل قرار توزيع منحة لكل مواطن بمبلغ 750 شيكل و500 شيكل لكل ولد، التي استهدفت تشجيع الاستهلاك الشخصي.

لقد عرضت على رئيس الحكومة بيانات لابحاث تدل على أن المنح لمرة واحدة لا تؤدي الى زيادة الاستهلاك، بل فقط الى زيادة ثابتة في الدخل المتاح. نتنياهو لم يستمع الى الانتقاد لأنه فضل نظام بسيط وسريع لتحويل الاموال الى الحسابات البنكية للمواطنين وفي الطريق يجرف نقاط في الرأي العام، ويفحص امكانية الذهاب الى الانتخابات في شهر تشرين الثاني.

ايضا هنا عرضت على رئيس الحكومة افكار اكثر فعالية مثل توزيع الهدايا على المواطنين من اجل أن يستطيعوا أن يشتروا بواسطتها في المطاعم وفي مراكز اللهو والاستجمام وفي المشاريع التي تضررت بشكل مباشر من الازمة. تركيز معالجة المشاريع التي تضررت يزيد احتمالية أن تشغل هذه المشاريع عمال وتساهم في خفض نسبة البطالة، خلافا لشبكات الغذاء التي ازدهرت في هذه الازمة وليست بحاجة الى تشجيع من الحكومة.

​البيانات المحزنة التي نشرها مكتب الاحصاء المركزي توجد لها افضلية واحدة في هذا التوقيت. فهي تدخل الى مجمل اعتبارات نتنياهو، من بين مجمل الاستطلاعات التي يجريها، علامات تحذير لمواصلة معالجة الازمة الاقتصادية، وبالاساس حول سؤال هل يجب عليه الذهاب الى الانتخابات. الخلاف مع ازرق ابيض حول الميزانية ربما هو قريب من الحل المؤقت، لكن الافق الذي تراه هذه الحكومة قصير جدا بسبب وضع نتنياهو القانوني. الاستقرار السياسي هو شرط ضروري لاتخاذ قرارات نوعية – على المدى القصير والمدى البعيد – بدونها الخروج من الركود الشديد سيكون بطيء جدا. وهو يمكن أن يكلف المزيد من المليارات التي سيتم صبها على محفزات غير فعالة – هذا يمكن أن يجعل بيانات الربع الثاني من العام 2020 تظهر حتى افضل من بيانات الربعين القادمين.