الجيش الاسرائيلي كشف أمس سلسلة برامج طموحة لسلاحه البري. في اطار التغييرات المشمولة في الخطة متعددة السنوات “زخم” سيتم تشكيل فرقة جديدة في الشهر القادم، التي من المفروض أن تعكس المفاهيم القتالية المبتكرة التي يصفها الجيش بمتعددة الأبعاد. عندما يتحدث كبار الضباط عن البرامج، فهي تبدو بدرجة ما مثل الافلام الحربية المستقبلية – طائرات بدون طيار، روبوتات، تسليح دقيق واعتماد في الوقت الصحيح على معلومات استخبارية مفصلة. معظم هذه العوامل سبق وكانت موجودة في السنوات الاخيرة، في الجيش الاسرائيلي وفي عدد من الجيوش الغربية. ولكن هنا توجد محاولة لدمجها معا على أمل الوصول الى نتائج متطورة في ساحة القتال.
التغيرات في الرؤية تستند الى التغيرات التي سبق وحدثت في ساحة الحرب: النظم القادمة اذا تم نشرها امام حزب الله في لبنان وأمام حماس في القطاع وحتى أمام قوات فلسطينية مسلحة في الضفة الغربية، فسيجري القتال في مناطق حضرية مكتظة بالسكان. العدو سيختبيء فيها خلف السكان المدنيين وسيستخدم بدرجة كبيرة المجال التحت ارضي. المفتاح يكمن في القدرة على العثور على وحدات العدو بسرعة، حتى لو امتنع عن استخدام المناطق المفتوحة التي يسهل فيها على الجيش الاسرائيلي استغلال افضليته في القوة الجوية وفي التكنولوجيا.
إن اختبار الجيش الاسرائيلي مثلما يرسمه رئيس الاركان، افيف كوخافي، سيكون في الوتيرة التي يحرم فيها العدو من قدرته العسكرية. هذا يحتاج، ضمن امور اخرى، الى هجوم بري سريع في المنطقة المأهولة رغم المخاطرة بتكبد خسائر اثناء السيطرة على المنطقة.
الافكار التي تمت بلورتها لدى كوخافي في الوقت الذي يقود فيه الجنرال يوآل ستريك، قائد سلاح البر، تطبيقها، يريدون ايصال القدرات متعددة الابعاد (القوة الجوية، نيران دقيقة، معلومات استخبارية، حرب السايبر وغيرها) الى مستوى الوحدات المقاتلة، الفصيل والكتيبة. بهذا تنشغل الوحدة التجريبية الجديدة التي تسمى “رفائيم” (الاشباح)، والتي حولها يتم الآن تشكيل الفرقة الجديدة، الفرقة 99. في هذه الفرقة سيندمج ايضا لواء المشاة كفير، الذي عمل حتى الآن بالاساس في النشاطات الشرطية الرمادية في المناطق، في اطار موسع ومتطور، الى جانب لواء كوماندو ولواء مظليين ولواء مدرعات، جميعها في الاحتياط.
بصورة صدفية، لكن بصورة رمزية الى حد ما، تنشر كل هذه الخطط الكبيرة بعد اقل من يوم من نشر بيانات وزارة المالية المخيفة عن الربع الثاني من العام. ووتيرة هبوط الناتج، الذي بالتأكيد سيتم اصلاحه جزئيا في الربع الحالي، تبلغ 28.7 في المئة في العام. الاقتصاد الاسرائيلي عاد مرة واحدة اربع سنوات الى الوراء.
هذا بالطبع هو عقب اخيل الرئيسي في الخطة متعددة السنوات لكوخافي. رئيس الاركان سبق واعلن عن تحويلات داخلية في ميزانية الجيش الاسرائيلي في محاولة لتحريك برنامج تنوفا في اقرب وقت دون انتظار أن يتفرغ الكابنت اخيرا لمناقشته بعمق. ولكن تنوفا لا تستطيع أن تعمل في فضاء فارغ.
اسرائيل، كما يبدو، تقف امام الازمة الاقتصادية الاشد منذ الثمانينيات على الاقل. وتطبيق الخطة متعددة السنوات يعتمد في النهاية على موارد كبيرة ولم يعد الجيش الاسرائيلي يشكل أولوية. هيئة الاركان العامة سيكون عليها في النهاية قبول واقع جديد سيفرض عليها حتى لو لم تكن راضية تماما عن ذلك.
الكارثة في بيروت قبل اسبوعين ستخدم ايضا المدعين ضد ضخ الاموال للجيش. الشرق الاوسط كله يرزح تحت الاضرار الاقتصادية والكورونا وكذلك سيكون هناك صعوبات مالية لحزب الله، عندما سيخطط لزيادة قوته العسكرية في السنوات القريبة القادمة. ولكن صعوبات الجيش الاسرائيلي تكمن ايضا في الجبهة الداخلية: عندما ستصل الحكومة القادمة في النهاية الى مرحلة اتخاذ القرارات الحاسمة، فهي ايضا ستستهدف خفض الاجور في القطاع العام وربما الحاق ضرر مؤقت بمخصصات التقاعد في الميزانية. الجيش سيكون في قائمة المتضررين المحتملين (في المقابل، الاوقات القادمة تخفي في طياتها افضلية واحدة للجيش – المزيد من رجال الخدمة الدائمة المتميزين سيطلبون تمديد فترة توقيعهم بسبب الهبوط المحتمل في التشغيل في الخارج).
في سلاح الجو ينتظرون الكابنت
من يستوعب الظروف الجديدة بصورة اسرع من الجيش الاسرائيلي الكبير، هكذا يبدو، هو نفس الجيش الاجنبي، لكن الصديق، كما يسمى في سلاح البر – سلاح الجو. هناك فهموا في مرحلة متقدمة نسبيا أن الجبنة تحركت من مكانها. صحيح أن الاغلبية المطلقة لشراء الوسائل القتالية في سلاح الجو تجري بميزانية المساعدات العسكرية الامريكية بالدولار، لهذا لا يبدو أن هناك خطر فوري يحدق بها. ولكن في كل ما يتعلق بميزانية الشراء بالشيكل، يعرفون في سلاح البر أنه لا يتوقع حدوث بشائر جيدة في السنوات القريبة.
هذا هو السبب الذي من اجله قرر قائد سلاح الجو، الجنرال عميكام نوركن، تقديم عمليات النجاعة والتغييرات الهيكلية بدرجة كبيرة، التي جزء منها خصص في الاصل لأن يبدأ فقط بعد 3 – 5 سنوات. في تشرين الثاني 2019، مثلما هو متبع في السلاح، صادق نوركن على التوجهات التي حددت في رؤيا السلاح للعام 2035. في الاشهر الاخيرة، على خلفية الكورونا والازمة الاقتصادية، عادوا هناك الى طاولة الرسم.
من بين القرارات التي اتخذت: التبكير في اغلاق سرب اف16، وتحريك اسراب من الطائرات القتالية والطائرات بدون طيار بين القواعد، بهدف توحيد انظمة متشابهة قريبة جغرافيا والتوفير في التكاليف؛ انتقال تدريجي الى نظام دفاع جوي قطري، بدلا من الاعتماد على بطاريات مناطقية لاعتراض صواريخ وقذائف؛ والحرص على الحفاظ على مقرات رئيسية خالية من الهدر بحيث لا تتضخم الاجهزة حتى مع توسع احتياجات السلاح.
جميع هذه الخطوات يمكن لسلاح الجو تنفيذها في ساحته الداخلية، بمصادقة رئيس الاركان. ولكن الامر الذي ما زال عالقا في الانبوب، نتيجة الفترة الانتقالية بين الخطط متعددة السنوات وعدم الاستقرار السياسي، هو تطبيق اتفاق المساعدة الامنية الامريكي، الذي جزء كبير منه يمس سلاح الجو. هنا لا توجد مشكلة فورية للميزانية، بل مشكلة قرارات. حتى نهاية العام ستتخذ عدة قرارات بخصوص خليط الطائرات القتالية الاسرائيلية (كما يبدو خليط من المزيد من طائرات اف15 مع اسراب اخرى من اف35)، والطائرة المروحية الناقلة المستقبلية. الكابنت عليه أن يتفرغ لهذا الامر قريبا بعد تأجيلات كثيرة.