بقلم: عاموس جلبوع
هدف هذا المقال هو التركيز على الحقائق وليس اقتراح السبل لمواجهة «الارهاب» الفلسطيني. في آب 2009 قرر مؤتمر «فتح»، برئاسة ابو مازن، سياسة «المقاومة الشعبية» ضد اسرائيل في مناطق «يهودا»، «السامرة»، والقدس.
وهذه المقاومة التي وصفها ابو مازن من على كل منصة دولية باسم «المقاومة بالوسائل السلمية»، تضمنت استخدام الزجاجات الحارقة، الطعن بالسكاكين، الدهس ورشق الحجارة.
وكان هذا العنف «بالوسائل السلمية» ساقا واحدة من ساقي استراتيجية ابو مازن: الحرب السياسية، الدبلوماسية والقانونية ضد اسرائيل في الساحة الدولية.
وقد بدأت «المقاومة الشعبية»، وهي صيغة «الانتفاضة الرقيقة» المتعارضة مع فكرة الكفاح المسلح لـ «حماس»، رويدا رويدا بنيل الزخم.
تعالوا ندع الارقام تتحدث: في العام 2012 وقعت في مناطق «يهودا» و»السامرة» والقدس 849 عملية و 22 جريحا؛ في 2013 وقعت 1.271 عملية، قتل 5 يهود وجرح 31؛ في 2014 وقعت 1.930 عملية، 9 قتلى و 45 جريحا. وبالاجمال نحو 4.050 عملية، 14 قتيلا و 98 جريحا في السنوات الثلاث الاخيرة. وتضمن معظم هذه العمليات القاء الزجاجات الحارقة. ولا يندرج رشق الحجارة في اعداد هذه العمليات، لسبب بسيط هو أنه ليس ثمة في دولة اسرائيل أي جهة تحصي حالات رشق الحجارة.
وعليه عمليا ينبغي أن يضاف الى عدد العمليات آنفة الذكر بضع مئات اخرى من الحالات في كل شهر في السنوات الثلاث الاخيرة. ولم ينتم منفذو العمليات للمنظمات «الارهابية» او لخلايا ارهابية منظمة (باستثناء بعض الحالات القليلة).
واحبط جهاز الامن والجيش الاسرائيلي محاولات تنفيذ عمليات قاسية (اختطاف، زرع عبوات، عمليات انتحارية). ولتلطيف السمع على الاذن: في العام 2013 فقط احبط نحو 200 محاولة كهذه.
ولكن للعجب: رغم كل هذا، تجاهلت حكومة اسرائيل ما يجري، تصرفت وكأن هذا شيء هامشي وليس استراتيجية دينامية فلسطينية. والى جانبها معظم وسائل الاعلام عندنا، التي ببساطة لم تبلغ عن العنف.
إذاً، ما الذي تغير وما الذي يميز ما يحصل الان؟ اولا، في كل السنوات السابقة كانت ارتفاعات وهبوطات في العمليات في اثناء اشهر السنة.
وساهمت في الارتفاعات بشكل عام احداث امنية (مثل الجرف الصامد)، احداث «تدفيع الثمن» والتوتر بسبب الاحداث في الحرم.
يخيل لي أن الان، بسبب احداث الحرم وعملية الاحراق في قرية دوما، نوجد نحن في ذروة اخرى، آخذة مع الزمن في التعاظم؛ ثانيا، يبدو أن حكومة اسرائيل توصلت الى الاستنتاج والفهم لما يحصل هناك حقا؛ ثالثا، اعلامنا هو ايضا استيقظ، الى جانب السياسيين من كل أطراف الطيف، ممن يسارعون قليلا «للرقص على الدماء». رابعا، في هذه اللحظة على الاقل يتركز اساس العنف في شرقي القدس، وهو قليل نسبيا في باقي مدن الضفة. فهو لم ينتقل بعد إلى غرب المدينة والى الخط الاخضر.
وفوق كل شيء تقف حاجة الوعي للفهم باننا نوجد في حرب مع الفلسطينيين، في نوع من الانتفاضة التي لا تزال مختلفة حاليا عن تلك الاولى في نهاية الثمانينيات والتي كانت جماهيرية وتركزت في مدن الضفة والقطاع وليس في القدس.
وكلمة عن التحريض. ابو مازن ليس محرضا! هذه سياسته وسياسة السلطة.
التحريض مغروس في جوهر السلطة التي تربي على كراهية «القرد اليهودي». ولا ينقص الفتيان الفلسطينيين الشبان أي «افق سياسي» في الوقت الذي يرشقون فيه الحجارة. والمحرضون الحقيقيون يوجدون هنا داخل دولة اسرائيل: الجناح الشمالي للحركة الاسلامية ومجموعة اليهود المسيحانية الهاذية. ومن الخارج؟ بالطبع «حماس» و»الجزيرة».
عن «معاريف»
حــرب «يــوم القـيـامـــة» من دون ضمانات أكيدة
03 أكتوبر 2024