حماس فرضت حظر تجول في غزة ، والسبب متعلق بمن تسألون

حجم الخط

هآرتس – بقلم تسفي برئيل

المتحدث بلسان وزارة الصفحة في غزة، د. اشرف القدرة، تبنى الصيغة المعروفة بشكل جيد في اسرائيل. “لقد توقعنا مسبقا بأن الكورونا يمكن أن تتفشى في غزة، ونحن مستعدون لكل سيناريو”، صرح في يوم الاثنين الماضي على خلفية فرض حظر التجول في كل القطاع مدة 48 ساعة. حالات الاصابة الاربعة الجديدة لمواطنين غير موجودين في غرف العزل، والرد الحاسم لحكومة حماس طرح تقدير بأن الامر لا يتعلق بخطوات اتخذت من اجل منع تفشي المرض، بل من اجل وقف استمرار نشاطات البالونات من داخل القطاع نحو اسرائيل، كجزء من التفاهمات التي تم التوصل اليها بين حماس واسرائيل بوساطة مصر وقطر.

​“لا يوجد أي سبب لفرض حظر تجول شامل فقط بسبب اربع حالات”، قال للصحيفة مراسل من غزة. “هذا لم يحدث في أي دولة، خاصة بعد أن تفاخرت حماس خلال فترة طويلة بأن غزة خالية من الكورونا”. التقارير من غزة تدلل على أن المواطنين يستجيبون في هذه الاثناء لتعليمات حظر التجول، بالاساس لأن قوات أمن حماس تعمل بصورة متشددة ضد من يخرق حظر التجول. ولكن “اختبار الكورونا” لحظر التجول يمكن أن يوضع على المحك مع قدوم المبعوث القطري الى القطاع، محمد العمادي، رغم تهديد الوباء.

​في ظل غياب بلاغ رسمي عن الزيارة فان محللين في غزة يقدرون بأن مجرد هبوط العمادي أمس يمكن أن يدلل على اختراقة في المواجهة الاخيرة التي جرت بين اسرائيل وحماس في اعقاب اطلاق البالونات الحارقة، ويدلل ايضا على وجود احتمال لاعادة التهدئة التي ميزت العلاقات بين الطرفين منذ اندلاع وباء الكورونا. قبل نحو اسبوع عرضت حماس على الوفد المصري سلسلة من المطالب من اسرائيل والتي اعتبر تنفيذها شرط لوقف المواجهة – منها اعادة فتح معبر كرم أبو سالم وتوسيع منطقة الصيد لعشرين ميل وزيادة حجم المساعدة من قطر واعطاء تصاريح عمل في اسرائيل لمئة ألف عامل غزي وتسهيلات في الاستيراد والتصدير للبضائع، بما في ذلك الوقود.

​هذه المطالب في معظمها تم شملها في التفاهمات السابقة التي تم التوصل اليها بين حماس واسرائيل والتي الغيت بصورة كاملة أو جزئية عند اندلاع المواجهات. وحسب مصادر في السلطة الفلسطينية فان حماس تحاول استغلال الوضع السياسي في اسرائيل من اجل أن تحقق لنفسها المزيد من الافضليات والانجازات من خلال الافتراض أن اسرائيل لا تريد في الوقت الحالي الانزلاق الى مواجهة شاملة. ولكن حتى لو كان هذا التقدير راسخا فان الرد الاسرائيلي الشديد يريد التوضيح لحماس بأنه في اسرائيل يوجد تمييز بين العواصف السياسية وبين الاجماع القائم بالنسبة للرد العسكري الثابت ضد البالونات المتفجرة.

​كما يبدو، هذه جولة اخرى معروفة والتي فيها تندلع مواجهة، ويتم استدعاء مصر للوساطة، وقطر توافق على أن تدفع واسرائيل تضع شروط لتقديم المساعدة، التي اساسها منع اطلاق البالونات. ولكن هذه الحلول المؤقتة لا يمكنها ضمان استمرار الهدوء طالما أن اسرائيل وحماس لم تتوصلا الى اتفاق حول التهدئة ووقف طويل المدى للنار.

​لا يتعلمون من الأخطاء

​هذا الاتفاق سيتطلب من اسرائيل أن تسمح ببناء ميناء بحري في غزة، أو في جزيرة قربها، والسماح بانتقال مواد البناء بحجم اكبر بكثير مما هو مسموح به اليوم من اجل اعادة الاعمار في القطاع والسماح ببناء محطات طاقة توفر الكهرباء بصورة مستمرة ومتزايدة بحيث تمكن المصانع القائمة من استنفاد طاقتها الانتاجية – واقامة مصانع جديدة؛ وكذلك أن يزيدوا بصورة كبيرة تصاريح التصدير من القطاع وعدد تصاريح العمل في اسرائيل.

​ولكن اسرائيل تواصل التعامل مع القطاع كمنطقة تجارب تستخدم فيها اسلوب “العصا والجزرة”، مع جزر مقشر وذابل وعصي سميكة ومتفجرة. اسرائيل تبنت سياسة مشوشة، بدلا من برنامج عمل محدد بجدول زمني، جدول يستند الى رؤيا استراتيجية تقول إن حماس موجودة وستبقى في غزة كقوة حاكمة. وطالما أنه لا يوجد أي تغيير في هيكل الحكم الفلسطيني فمن الافضل أن يكون لاسرائيل شريك، حتى لو كان لا يعترف بها أو أنه غير معترف به من قبلها. ولكنه شريك يرتبط بقاؤه بها.

​من جانب، اسرائيل تقول إن حماس مسؤولة عن كل ما يجري في قطاع غزة، خاصة في المجال الامني. وفي المقابل، هي تعتبر حماس منظمة ارهابية يجب العمل ضدها. هذه سياسة تخلق تناقضات كثيرة في التعامل مع حماس، منها الاستعداد لأن تنقل اليها عشرات ملايين الدولارات، ولكن عدم السماح لها بتطوير اقتصاد القطاع بصورة اساسية بحيث يمنع سكانها مصادر رزق مناسبة.

​النتيجة هي أن اسرائيل تتهم حماس بأنها تحول سكان القطاع الى رهائن لسياستها. ولكنها ايضا هي التي تساهم بشكل كبير في هذه المعادلة – عندما تفرض عقوبات اقتصادية على القطاع، التي تستند الى افتراض يقول بأن المواطنين اليائسين والمحبطين سيخرجون الى الشوارع من اجل ابعاد حكم حماس.

​الحكومة المؤقتة التي تم تشكيلها في اسرائيل يوجد لها صلاحية نفض الغبار عن هذه السياسة القديمة تجاه غزة وتطبيق قواعد جديدة في التعامل مع حماس ومواطني القطاع. ولكن يبدو أن القيادة التي تعد نفسها للانتخابات الجديدة لن تتجرأ على المس بـ “الترتيب” الدائم وستكتفي بالاموال وبغمز التفاهم مع حماس شريطة أن لا تبدو وكأنها تعلمت من أخطائها.