العراق المنهك بالحروب منذ بدء الحرب العراقية الايرانية والتي سُميت بحرب الخليج الاولى والتي استمرت 8 اعوام من 22 /9/1980الى 20/8/1988م خلفت ورائها مليون قتيل وخسائر تقدر 400 مليار دولار ، هو العراق حامي الامن القومي العربي من بوابته الشرقية امام طموح ايراني بالتوسع اعقاب ثورة الخميني عام 1979م ولكن قد فشلت الحرب في تحقيق اي من اهداف المتصارعين والمتحاربين فالعراق لم تستطيع السيطرة وضم المنطقة الشرقية من شط العرب او اعادة خوزستان لاصولها العربية ولكن ايران فشلت ايضا في تحقيق حلمها باسقاط صدام حسين والدولة العراقية وتدمير قوة الجيش العراقي الذي تفوق على ايران تقؤريبا في كل المواجهات ، ولكن حلم ايران تحقق وما تريده من اهداف وتصورات استراتيجية لمن يحكم العراق وكيفية باء مؤسساته واسقاط النظام بقيادة صدام وبدون معركة مواجهة بين نظام صدام والنظام العراقي انها معركة الخليج الثانية والتي بدأت في 7/8/1990 وانتهت بتدمير العراق وبنيته التحتية وانتهت بتاريخ 17/1/1991 بحصار دولي هي تلك المعركة التي بُنيت عل الاخلال بالتفاهمات المالية بين العراق ودول الخليج على تمويل حرب الخليج الاولى والذي اخطأ فيها صدام استراتيجيا بغزو العراق واعتباره جزء من اراضيه والذي دفع بامريكا برئاسة جورج بوش بارسال قوات امريكية الى السعودية في عملية عسكرية سُميت درع الصحراء وباشتراك 8 دول عربية واجنبية بقيادة امريكا _ اضطر العراق للانسحاب مع فرض عقوبات اقتصادية مؤلمة عليه وتدمير البنية التحتية ووضع اراضيه تحت التفتيش الدولى عن الاسلحة النووية والاسستراتيجية كلفت تلك الحرب 61 مليار دولار دفعت غالبيتها السعودية ودول الخليج_ اشتركت دول التحالف بما يقدر من مليون جندي لامريكا فيها نصف مليون جندي .
غزو العراق في عهد دبليو بوش والتي بدأت من 20/3/2003 الى 1/5/2003م وهو غزو كامل للعراق اشتركت فيه 34 دولة من دول العالم بما فيها دول عربية اصبحت الان تبحث عن الامن القومي العربي امام غزو ايراني لمناطث مختلفة في الوطن العربي في مقدمتها العراق . انهارت النظام العراقي والدولة العراقية تماما وسيطرت امريكا على مؤسسات النفط وثاني اكبر احتياطي بترولي في العالم مما دعم الدولار الامريكي بعد قرار صدام باستخدام اليورو في تعاملاته الاقتصادية والنفطية وقامت القوات الامريكية بحمايتها ، ولكن تعرضت المؤسسات العراقية بما فيها البنوك للسلب والنهب بدون تدخل القوات الامريكية او قوات التحالف وحطمو تماثيل صدام حسين وتم تدمير ونهب المتحف العراقي حيث سرقت منه 170 الف قطعة اثرية عن طريق تسهيلات من القوات الامريكية ، المتحف العراقي الذي بكى عليه كل المواطنيين العرب بما يحمل من رصيد تاريخي وحضارات على هذه الارض ، وقد تم سرقت 100 طن من اليورانيوم والاسلحة المكدسة في المعسكرات والتي استخدم جانب منها في مقاومة قوات التحالف وقسم اخر استخدمته الجماعات الاسلامية كدولة الزرقاوي وفيما بعد داعش اما مدينة بابل ذات الحضارة القديمة فقد تم العبث فيها . تكبدت القوات الامريكية في تلك الحرب ما يقارب 61 الف قتيل وجريح اما خسائر العراق فكانت تقدر 150 الف قتيل .
امريكا التي تتباكى على العرب وامنهم القومي والخطر الايراني على انظمتهم واراضيهم وثرواتهم حيث جعلت امريكا من ايران العدو الاول للعرب ، هي تلك امريكا التي ادارت بشكل مباشر وغير مباشر بانهيار الدول الوطنية وفي مقدمتها العراق وليبيا وسوريا واليمن وهي التي اغرت منظمة التحرير بسيناريو الاجتياح عام 1682 لترك الساحة اللبنانية تحت وهم الحل السلمي واتاحت الفرصة لملء الفراغ لحركة امل وحزب الله في الجنوب وهم تمويل ايراني وهي نفسها من سعت لتدمير النظام السوري لخلق فتنة مذهبية تسللت من خلالها لايران وهو نفس السلوك في اليمن الذي افرز قوات الحوثيين التابعة لايران .
امريكا هي من صنعت التطرف الشيعي والتطرف السني .، وامريكا هي من سعت لان تصبح ايران قوة اقليمية تهدد الخليج بعد انهيار نظام صدام حسين وكانت تعلم امريكا ان نسبة الشيعة في العراق تساوي 62% من تعداد السكان وكثير منهم تم تغذيته مذهبيا ضد الدولة الوطنية وضد من سموهم حكم السنة .
اتهم جورج بوش صدام بمحاولة اغتيال والده في الكويت عام 1993م وكان القرار بالغزو اقتصادي امني ثأري بغزو العراق تغيرت الخريطة السياسية في المنطقة وكانت امريكا تعرف ذلك ومراكز الدراسات الاستراتيجية اقرت بذلك ، وصعود ايران كان من اهم نتائج غزو العراق ، وفي عهد اوباما اقرت امريكا بان هناك خطأ استراتيجي ارتكبته امريكا بقرار غزوها للعراق ففي اي عملية ديموقراطية بالمحاصصة سيحكم الشيعة العراق .
ولكن ساشير هنا الى مقابلة الحاكم العسكري للعراق بعد الغزو بول برايمر مع قناة الجزيرة :-
في لقاء مُسجّل بتاريخ 21.05.2019 أجراه مراسل الجزيرة مع السيد ’’بول بريمر’’ الحاكم العسكري للعراق، إبان الغزو الأمريكي و إسقاط نظام الرئيس الأسبق ’’صدام حسين’’ عام 2003، و في الدقيقة 13:12من الفيديو و في إطار إجابته عن سؤال حول تفكك النسيج الاجتماعي في العراق، و تسليم الحكم للطائفة الشيعية، و المساهمة في خلق مُضطهد جديد، و هم أهل السنة، أجاب السيد ’’بريمر’’:
’’ طبعاً كان الامر صعباً لكل من الشيعة والسُّنة إضافة للأكراد، وعندما أطحنا بصدام أطحنا معه أيضاً بألف سنة من (التسلط السّني) في بلاد ما بين النهرين، بداية من الخلافة العباسية، ثم الأتراك، ثم البريطانيين مع الهاشميين، ثم المملكة الهاشمية، لذلك كانت الأقلية السنية متسلطةعلى البلد لألف عام.
وأضاف: باعتقادي أن هذا الوضع كان أيضاً غير سليم، لذا فمجرد الإدانة أمرٌ غير كافٍ.
وحين سأله المراسل:
ولماذا لم تفعلوها في البحرين أو سورية مثلاً؟
أجاب السيد ’’بريمر’’: أعتقد أنه كان يتوجب علينا فعل شيءٍ حيال الشأن السوري، و كنت مُحبطاً من سياسة ’’أوباما’’ باتجاه سورية، لأنه قال: أنه سيتدخل و يحاول فعل شيءٍ، ولكنه لم يفعل، و رفعنا أيدينا من الأمر، و السيد ’’ترامب’’ مستمرٌ في هذا، و هذا خطأ، و لا ينبغي أن نأخذ على عاتقنا ’’إسقاط العلويين’’، و سورية غير متزنة، و هي أسوأ حالاً من العراق.
و يُشار إلى أن الرئيس الأمريكي الأسبق ’’جورج بوش’’ الإبن قد عيّن السيد ’’بول بريمر’’ حاكماً عسكرياً للعراق، و وضع ’’بريمر’’ دستوراً للعراقيين وُصِف بأنه حقل ألغام سيفجر العراق لسنوات طويلة، وحلَّ حزب البعث والجيش والمؤسسات العراقية، وتسببت قراراته في دخول العراق دوامة حروب لا تنتهي و رئيساً للإدارة المدنية للإشراف على إعادة إعمار العراق، و قبل ذلك كان يرأس شركة إستشارية للأزمات في الولايات المتحدة الأمريكية.
اذا امريكا هي من صنعت النفوذ الايراني وهي من صنعت التشتت السني والصاقه بالارهاب من خلال داعش والقاعدة .
طبعا بالاجتياح وضعت امريكا نفوذها على كامل النفط العراقي و على التصدير بموجب قرار مجلس الامن و عندما اعلنت امريكا انسحابها من العراق عام 2011 كان انسحابا شكليا و بقيت العراق تحت النفوذ العسكري الامريكي الا ان المنظومة السياسية العراقية التي تحكم العراق بموجب الوصاية المذهبية لرجال الدين اتاحت الفرصة لانتشار النفوذ الايراني في الاوساط المختلفة سواءا في البرلمان او رئاسة الوزراء اما رئاسة الدولة الشكلية فكانت لصالح الاكراد .
استمرت امام عجز الموازنة العراقية و التي تقدر بأكثر من 6 مليار دولار و هي مديونية تتلقى المساعدات الامريكية السنوية حيث بلغت المساعادات الامريكية للعراق عام 2020 حوالي مليار و 200 الف دولار و بقي الاشراف الامني و التدريب على امريكا و 12 دولة اخرى تقوم بتدريب القوات الامنية و دعم محاربة داعش حيث كانت الموازنة للقوات الامريكية و قوات التحالف 2.4 مليار دولار ، مازالت امريكا تقوم بدعم المؤسسات المدنية و البنية التحتية 2.4 مليون دولار .
شعرت امريكا بخطورة النفوذ الايراني مع تصاعد فكرة ان ايران تهدد الامن القومي العربي في الخليج و الشرق لقطف ثمار رؤية استراتيجية لشرق اوسط جديد تكون فيه اسرائيل قوة امنية واقتصادية في المنطقة مقابل بعبع سمي بايران وهذا ما دفع للتطبيع بين الدول العربية و اسرائيل مخلفين القضية الفلسطينية بدون حل و للمنظور الاسرائيلي لحل القضية الفلسطينية و لتبقى اسرائيل هي القوة الاقليمية التي تحافظ على استقرار الخليج امام تهديد ايران فأمريكا و بالمنظور المستقبلي للمنطقة و خلال الخمس سنوات القادمة و لتغير الموازين الاقتصادية في العالم و النفوذ قد لا تكون امريكا موجودة في المنطقة و تبقى اسرائيل هي الحارس الامين .
شعرت امريكا بأن النظام السياسي في العراق وبعد تشكيل قوات الحشد الشعبي التي تتجاوز المليون ومدربة و مسلحة بأعلى تسليح و مشاركتها الفاعلة في القضاء على داعش و خارج السيطرة العراقية بأنه يجب تغيير وجوه النظام السياسي لا تغيير من حيث المذهب و بالتالي غذت امريكا موجات الغضب و المظاهرات التي قام بها العراقيون في البصرة وبغداد و مناطق اخرى مستغلة حالة الفساد للنظام السياسي العراقي المذهبي و الذي طالب فيه المتظاهرون اقصاء الموالين لايران و بالتالي اتت امريكا برئيس وزراء يدعى مصطفى الكاظمي وهو له نظره خاصة بالنسبة لايران و محاصرة نفوذها في العراق و بالتالي ادار حوارا استراتيجيا مع امريكا في زيارته الاخيرة للبيت الابيض ولقائه مع ترامب و اتى بعدة قرارات لتحريك الجيش العراقي و قوى الامن العراقية لما سماه محاربة الفلتان الامني و المقصود هنا سلطة رجال الدين المذهبية وقوات الحشد الشعبي ولكن كان متوقعا بعد مقتل قائد الحرس الثوري الايراني من قبل القوات الخاصة الامريكية ان تكون العراق هي ساحة المواجهة بين ايران و امريكا و هنا الكاظمي اتاح الفرصة لقراراته الاخيرة لحصار قوات الحشد الشعبي لكي تتحرك لتضرب مصالح النظام و علاقتها مع امريكا فبين اليوم و اليوم الاخر نجد عدة هجمات على القوات الامريكية و على السفارة الامريكية في المنطقة الخضراء بما يسمى المقاومة العراقية للاحتلال و خروج اخر جندي امريكي وقفل السفارة الامريكية علما بأن لامريكا 5 جندي فقط الان وبتاريخ هذا المقال تعرضت ارتال من القوات الامريكية في شرق و جنوب بغداد لضربات صاروخية كما تعرضت السفارة الامريكية لهجمات ايضا مما دفع وزارة الخارجية الامريكية لان تتهم نظام الكاظمي بعدم مقدرته لحماية البعثات الدبلوماسية و مناشدته ملاحقة الخارجين عن القانون مما دفع حكومة الكاظمي لأن ترسل لايران رسائل تنديد بأنها لن تسمح لان تكون العراق ارض للمواجهة بين ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لايران و امريكا و دول التحالف .
امريكا هددت باغلاق سفارتها و دبلوماسي عراقي افاد بأن قرار الاغلاق قد اتخذ و في هذه الحالة ستنقطع المعونات العسكرية والانسانية عن الحكومة العراقية مما يضعف و مزيدا من الاضعاف لحكومة مصطفى الكاظمي و تبقى قصة الانتاج البترولي العراقي الذي يتجاوز 3 مليون برميل يوميا و امام الفساد قد يضع حكومة الكاظمي مرة اخرى في حضن ايران و الحشد الشعبي .
نبذة عن السفارة الامريكية في العراق
افتتحت السفارة الامريكية عام 2009 و هي تقام على 104 فدان تسمى المنطقة الخضراء و هي اكبر سفارة في العالم و تساوي في مساحتها 6 اضعاف مقر الامم المتحدة كلفت في بناؤها 592 مليون دولار و هي كالمدينة الذكية ولها منظومة دفاع جوي و محطة طاقة و محطة لمعالجة المياه و يعمل فيها 1000 موظف بالاضافة ال قوات المارينز التي تحيط بالسفارة .