الانتخابات في ظل الانقسام قفزة في المجهول

حجم الخط

بقلم هاني المصري

أقولها بالفم الملآن، وبكل ثقة: إن الدعوة إلى الانتخابات في الوضع الفلسطيني الحالي إذا لم يسبقها إنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات، لن تحدث، وإذا حدثت ستكون مغامرة غير محسوبة العواقب وقفزة في المجهول، وستكرس المحاصصة وإدارة الانقسام، أو مجرد مناورة لكسب الوقت، وصولًا إلى معرفة من سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وعندها لكل حادثة حديث .وهي تهدف إلى تحقيق أهداف تكتيكية، مثل الحصول على شرعية الإجماع، والتهديد بأوراق يمكن للفلسطينيين جمعها واستخدامها إذا استمرت عملية تصفية القضية، في حين أن المطلوب استخدام هذه الأوراق ضمن إستراتيجية موحدة ونضال طويل الأمد وليس مجرد تكتيك .

ما يدفع إلى قول ما سبق التجارب الفاشلة السابقة التي اعتمدت على الحوار الانتقائي والاتفاق الثنائي، والتعامل مع الفصائل الأخرى كشاهد زور، ومن دون اعتبار لرأي الشعب وإرادته ومصالحه ومشاركته، وتجاهل قضايا الخلاف الأساسية، وأسباب الانقسام وجذوره، والتركيز على الجوانب الشكلية الإجرائية، مثل تشكيل حكومة وحدة أو وفاق، أو تمكين الحكومة، أو إجراء الانتخابات، أو عقد اجتماع الأمناء العامين، أو تشكيل لجنة تحضيرية لعقد المجلس الوطني، بمعزل عن المضمون والاتفاق على الهدف الوطني المركزي الإستراتيجي، وعلى كيفية تحقيقه، وأشكال النضال المناسبة والمثمرة في هذه المرحلة .

فعلى سبيل المثال، لا يمكن التقدم إلى الأمام من دون حسم والاتفاق على انتهاء وسقوط ما سمي عملية السلام التي انطلقت منذ مؤتمر مدريد وحتى الآن، والاتفاق على استحالة التوصل إلى عقد مؤتمر دولي على أساس الشرعية الدولية ينجز تسوية تفاوضية تحقق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، من دون الكفاح المستمر لتغيير الحقائق على الأرض وموازين القوى، بما يسمح بإنهاء الاحتلال، وتجسيد الدولة المستقلة ذات السيادة، وبقية الحقوق المكرسة في البرنامج الوطني، وعلى رأسها حق العودة والتعويض.

ولا يمكن التقدم إلى الأمام من دون حسم مسألة أشكال المقاومة، فلا يكفي الحديث عن المقاومة الشعبية وغيرها، فكل طرف يريدها بشكل مختلف جدًا، بين من يطالب بالمقاومة المسلحة، وبين من لا يرى سوى المقاومة السلمية، وبين من يجمع لفظيًا أو عمليًا بينهما.