القيادة الوطنية الموحدة.."فنكوش" سياسي!

حجم الخط

كتب حسن عصفور

 في 13 سبتمبر 2020، تم توزيع بيان باسم "القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية"، باعتباره أحد "مخرجات" لقاء بيروت / مقاطعة رام الله الكونفرنسي، وسارعت بعض المسميات الحزبية للترحيب والتهليل بهذا "البيان"، واعتبرته بداية تغيير نوعي في المشهد الفلسطيني.

ولكن، لأن الأمر لم يكن نتاج قناعة سياسية حقيقية، وليس وفق واقع حزبي صحيح جاء الأمر وكأنه "إعلان" لأحد المنتجات التي يراد ترويجها، كما فعل فيلم "الفنكوش" المصري الشهير.

 وبعد مضي أسابيع على بيان "الانطلاقة" الأول اختفى تماما ما يمكن أن يمثل دلالة وجود لهذا المسمى، وان من أصدره نسي تماما أنه وعد بالتواصل الفعلي لتطوير قواعد "المواجهة الشعبية" في المرحلة القادمة.

بالتأكيد، قد لا نقرأ البيان الثاني خلال المرحلة المتبقية من عام 2020، وربما لن نقرأه ثانية وسيبقى "هدفا" مأمولا، وسيكون "البيان الأول" بهذا الاسم هو البيان الأخير في نادرة من نوادر "المشهد الاستغبائي" القائم، الذي تقوم بترويجه فصائل النكبة الانقسامية، لتمرير مكذبتها السياسية متعددة الأطراف.

يبدو أن مقاومة مشروع الضم والتهويد، ومنها صفقة ترامب" لم تعد هي القضية المركزية لفصائل "الانقسام الوطني"، بل ذهبت للتفكير في كيفية صياغة تدوير انتاج المرحلة الانتقالية وإطالة عمرها، وتحديث سلطة الحكم الذاتي لتصبح حماس المكون الرئيسي فيها، بما يقطع الطريق كليا على اعلان دولة فلسطين وفقا لقرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012، وما يتوافق مع جوهر البيان الأمريكي القطري، الذي أكد أن أي حل تفاوضي قادم سيكون أساسه الخطة الأميركية للسلام (صفقة ترامب).

لم يكن من باب الجهل السياسي أبدا، قيام إعلام "الثنائي الانقسامي" بحرف جوهر المعركة المباشرة من مواجهة المشروع الأمريكي للضم والتهويد، الى مسألة التطبيع، رغم ما بها من طعن لحركة المواجهة العامة لدولة الكيان، لكن الخطر الحقيقي المباشر على القضية الوطنية الفلسطينية يتجسد في الخطة الأميركية، ولذا فمحاولة نقل البندقية من كتف مقاومة التهويد الى مواجهة التطبيع ليس حبا في فلسطين بل تساوقا مع قطر ودورها المناط لها أمريكيا.

وليس صدفة أن تتناسى تلك "القيادة الانقسامية" أن مهمتا المركزية تنفيذ ما جاء في بيان "القيادة الوطنية الموحدة" الأول، من حيث ضرورة تشكيلها وتحديد مهامها، وأن تصبح حقيقة كفاحية في الضفة والقدس والقطاع، كما كان في ظل الانتفاضة الوطنية الكبرى 1987 – 1993 ( لا صوت فوق صوت الانتفاضة)، من خلال الفعل المقاوم شعبيا، ليعيد بريق القضية التي تآكلت جدا مع "العهد الانقسامي" من 2006 حتى تاريخه.

هل جاء البيان الأول محاولة هروبية من كشف عجز من أصدره على تقديم رؤية جادة للشعب الفلسطيني، بعد اللقاء الاستعراضي جدا، لفتح الطريق لخلق جبهات عداء أخرى لصالح أطراف تبحث كيفية انهاء المشروع الوطني الفلسطينية وحالته الكيانية، وتكمل دورها الذي بدأ عام 2005 وحقق كثيرا من أهدافه في كسر العامود الفقري للثورة والمنظمة، وتشويه دورها بل والسماح بتسويد تاريخها وتزويره، لتبدأ رحلة تخريب المشروع الكياني العام لصالح مشروع ترامب الكياني في بعض الضفة وقطاع غزة.

كان الأجدر أن تركز "الثنائية الانقسامية" على بلورة "قيادة المقاومة الشعبية"، وتحديد مسارها لتصبح حقيقة في كل مدن الضفة والقدس والقطاع، وتبدأ تطوير أدوات الفعل وفقا لظروفها، لتمثل قاطرة الحركة الوطنية الفلسطينية في مواجهة قاطرة الضم والتهويد.

استبدال تشكيل القيادة الموحدة بلقاءات ثنائية وقد تصبح مستدامة، ليس سوى فعل هروبي، ويبدو أنه سيصبح القاعدة الرئيسية الناظمة للمشهد القادم، خاصة وأنها لقاءت تجري تحت مسمى مغر "بلورة رؤية للمصالحة وانهاء الانقسام"، وكأن وحدة أدوات المواجهة الكفاحية الميدانية ليست هي القاعدة الأهم لبناء "وحدة حقيقية" ضد العدو المحدد.

عدم تشكيل القيادة الوطنية الموحدة، وتغييبها عن جدول الأعمال، هي الرسالة الأولى لكيفية التماهي العملي لتنفيذ "الخطة الأمريكية للسلام"، ولا زالت حركة تدوير المكذبة السياسية مستمرة.

ويبدو أننا سنعيش مرحلة الهتاف المدوي في الفيلم الشهير" يا ناس يا عسل الفنكوش وصل"!

ملاحظة: بلا تردد بدأ إسماعيل هنية يمارس دور "الرئيس الموازي"...فتح حركة الاتصالات بالرؤساء والحكام مباشرة مظهر جديد لم يكن سابقا...التوريث يسير على قدم وساق وبشراكة مع بعض من فتح وكله بأجره!

تنويه خاص: صمت الرئاسة الفلسطينية وحكومتها على حملة "البطش" بمجدلاني حول قضية موظفي قطاع غزة.غريب..معقول بدها تقدمه ضحية ليبدو أن الغضب حقق هدفه ويتناسى الغلابة حقوقهم..ممكن فالخبث سائد!