بعد ستة أشهر من احتجاز دولة الاحتلال الإسرائيلي "أموال المقاصة" للسلطة الفلسطينية التي تُشكل حوالي 70% من موازنتها المالية؛ تلوح في الأفق "انفراجه مالية " كما وصفها رئيس الوزراء الفلسطيني د. محمد اشتية، بعد توقعات باستلام أموال المقاصة من "إسرائيل" نهاية أكتوبر الجاري بوساطة دولية.
وبحسب خبراء فإنّ طرفاً ثالثاً دخل على الخط، وهو بمرحلته الأخيرة في الوساطة بين الاحتلال "الإسرائيلي" والسلطة الفلسطينية، للإفراج عن أموال المقاصة مث مصر وتركيا، ويرى البعض الآخر أنّ دولاً عربية وافقت على تفعيل شبكة الأمان العربية مثل قطر، فيما يرى البعض أنّ هناك دولًا أوربية تسعى أيضًا للوساطة.
انفراجة مالية بوساطة دولية
خطر الانهيار المالي للسلطة لا زال قائماً، وذلك بعد رفضها استلام "أموال المقاصة"، والتي تُقدر بأكثر من (2.5) مليار دولار، مُنذ خمسة شهور، التزامًا بقرارات الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي قرر وقف كافة أشكال التنسيق مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
قرار وقف كافة أشكال التنسيق مع "إسرائيل"، بسبب إعلان الأخيرة عن ما يُسمى بـ"خطة الضم"، أوجد أزمة مالية طاحنة للسلطة، مما دفع العديد من دول العالم لحث السلطة على العودة للتنسيق والدخول في مفاوضات وفقًا لما هو مطروح على الطاولة أيّ "صفقة القرن".
وترفض السلطة منذ يونيو/حزيران، عقد جلسات المقاصة الشهرية مع الجانب "الإسرائيلي"، التي تسبق تنفيذ التحويلات المالية.
ويبلغ معدل أموال المقاصة نحو (200) مليون دولار شهرياً، تقتطع منها سلطات الاحتلال حوالي(40) مليون شيقل أثمان خدمات تزودها للفلسطينيين مثل الكهرباء.
وتُشكل عائدات المقاصة حوالي (63%) من إجمالي الإيرادات العامة الفلسطينية، ودونها تعجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين العموميين (133.2 ألف موظف).
وأموال المقاصة، إيرادات ضريبية فلسطينية على السلع الواردة من "إسرائيل" أو عبرها، وتجبيها الأخيرة نيابةً عن السلطة وتُحولها للخزينة الفلسطينية نهاية كل شهر بعد اقتطاع عمولة 3 بالمئة.
أموال مقاصة منقوصة
الخبير الاقتصادي، أنور أبو الرب، قال: "إنّه في حال استلام أموال المقاصة فإنّه سيتم دفع مستحقات الموظفين كاملةً، كما صرح رئيس الوزراء"، مُتسائلاً: "لكنّ هل ستلتزم إسرائيل بتسليم أموال الشعب الفلسطيني؟".
وأوضح أبو الرب في حديثٍ خاص بوكالة "خبر" أنّ الشعب الفلسطيني، أصبح يُعاني بشكلٍ كبير جدًا؛ نتيجة حرمانه من أمواله التي تحتجزها إسرائيل؛ مُردفاً: "هذا الأمر ترك آثاراً اقتصادية سيئة على الاقتصاد الفلسطيني، ما زاد من نسبة معدلات البطالة والفقر؛ الأمر الذي انعكس سلباً على الاستثمار في الاقتصاد الفلسطيني".
وبيّن أنّ "إسرائيل" تُحاول ابتزاز الشعب الفلسطيني سياسيًا، وتُحاول أنّ تحصل على تنازلات أكبر؛ لدفعه على العودة للمفاوضات وفقًا للرؤية الأمريكية "الإسرائيلية" فيما يتعلق بصفقة القرن.
وشكّك في إمكانية أنّ تقوم "إسرائيل" بتسليم السلطة أموالها كاملةً؛ حتى لو كان ذلك بـ"وساطة دولية"، مُرجحاً أنّ تقوم بخصم مبالغ كبيرة من هذه الأموال؛ لأنّها تسعى دومًا لتشويه الاقتصاد الفلسطيني ومحاصرتنا سياسيًا.
لا بدائل مالية للسلطة
وبالحديث عن البدائل المالية للسلطة حال فشل الوساطة الدولية؛ لاسترداد أموال المقاصة، رأى أبو الرب أنّ البدائل المالية للسلطة صعبة، لأنّ البنوك لم تعد تستطيع إقراض السلطة، بسبب حصولها على السقف الأعلى.
وأضاف: "لا يوجد أيّ مصدر مالي للسلطة في ظل الوضع العربي الصعب وعدم دعمها مالياً؛ لدفعها نحو تقديم تنازلات سياسية".
من جهته، اتفق أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزّة، معين رجب، مع سابقه بأنّ السلطة ليس لديها بدائل كافية؛ لأنّ هناك سقفاً مالياً محدداً للاستدانة من البنوك المحلية لا يجوز تجاوزه، مُستدركاً: "الدعم الخارجي ليس كافيًا".
وتابع رجب في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "ليس هناك استدانة خارجية يُعول عليها؛ وبالتالي ستضطر إلى الإبقاء على الوضع الحالي لصرف الرواتب في المستوى الأدنى لها".
وتوقع استلام أموال المقاصة تدريجيًا؛ حال نجحت الوساطة؛ لافتًا إلى أنّ الدين المتأخر في طرح المستحقات، ليس للموظفين فقط وإنّما لأصحاب الديون من موردي المستشفيات والمقاولين وغيرهم.