لماذا تؤخر الشرطة العسكرية فتح بوابات الجدار أمام المزارعين الفلسطينيين؟!

حجم الخط

بقلم: عميره هاس


من اعتقد أن وضع شرطة عسكرية بدلاً من جنود عاديين هو انجاز؟ بالنسبة للمزارعين في القرى الثلاث التي تقع غرب سلفيت، فان هذا لا يهمهم. الأمر المهم هو أن البوابة في جدار الفصل الرهيب، الذي يفصلهم عن حقولهم، سيتم فتحها في وقتها. الاسم العسكري للبوابة هو «درع دان»، على اسم حي في مستوطنة الكنا. هذه البوابة تفتح وتغلق ثلاث مرات في اليوم لمدة حوالى نصف ساعة في كل مرة. طوال سنوات قام الجنود بتأخير فتحها: نصف ساعة، 25 دقيقة، ساعة وأكثر. آلاف الساعات الثمينة للمزارعين في قرى الزاوية، مسحة ورفات، ذهبت هباء وهم ينتظرون الجنود: تحت الامطار، تحت اشعة الشمس، وفي ايام رمضان.
إن الاستهانة بوقت الفلسطينيين هي أمر يوجد في «دي.ان.ايه» الحكم الإسرائيلي. لم تخلق بعد البوابة التي التزم فيها الجنود بمواعيد فتحها. ولكن في «درع دان» التأخير تحول مرضا مزمنا. الجنود جاؤوا وذهبوا والتأخير على حاله.
تابعت الوضع في 2015 عندما واصل زوجان في سن الستين من قرية الزاوية الذهاب الى الحقل المحبوس في مستوطنة الكنا، وبددا العديد من الساعات كل اسبوع في انتظار فتح البوابة. في 2017 زادت الشكاوى حول التأخيرات التي وصلت الى جمعية «موكيد» للدفاع عن الفرد. العاملات في «موكيد» قمن بفحص ما يحدث في الوقت الحقيقي لدى الجيش ولماذا. لقد سمعنا تفسيرات («مشاكل انضباط في اللواء»)، تبريرات («احداث في القطاع»)، وسمعنا اكاذيب («التأخير هو فقط لعشر دقائق»)، حتى أنه طلب منهن «عدم النبش».
احيانا لم يرد أحد على الهاتف. وقد صممن وواصلن السعي الى أن سمعن من المزارعين بأن البوابة فتحت. ذات مرة في شباط 2018 جاء الجنود لفتح البوابة بتأخير اربع ساعات، في الساعة الثامنة والربع مساء. المحتجزون في البرد والظلام كانوا زوجين من مسحة وأولادهما الستة. في صباح ذاك اليوم فتح الجنود البوابة بتأخير نصف ساعة.
عندما وصلت شكاوى المزارعين، قامت العاملات في «موكيد» بالاتصال مع وحدة التنسيق والارتباط وغرفة العمليات وقائد اللواء وضابط العمليات. وقد كتبن للادارة المدنية وقيادة المنطقة الوسطى. احيانا كان هناك تحسين معين استمر بضعة اشهر، وبعد ذلك عاد تقليد التأخير، والجنود في قيادة المنطقة الوسطى وفي الادارة المدنية اجابوا بأنه يجب التوجه الى المستشار القانوني.
ملفات منتفخة في مكتب «موكيد» تجمع بدقة تليق بالمحامين تسجيلات لتقارير عن مئات التأخيرات في الاعوام 2017 – 2019: الاتصال اليائس للمزارع، المكالمات الهاتفية مع القيادات، ابلاغ المزارع بأن البوابة قد فتحت.
وهناك مسجلة اسماء الجنود والمجندات الذين اجابوا على الاتصال: أون، ليئور، شادي، عميت، عيدان، ايال، ليئا، ياعيل، ميراف، تانا، حن، يئير وشولي. أحيانا تحدثت العاملات في «موكيد» مع ثلاثة جنود في اليوم ذاته.
الجنود المتأخرون بقوا مجهولين، واستمرت التأخيرات، الى أن قررت موكيد للدفاع عن الفرد» تقديم التماس للمحكمة العليا، حيث إنه عندما تمت مناقشة الالتماسات ضد جدار الفصل أمرت المحكمة العليا الدولة بضمان أن يكون الضرر على المزارعين «متناسبا»، وأن تقوم السلطات باحترام حقهم في الوصول الى اراضيهم.
قبل مناقشة الالتماس، في منتصف ايلول الماضي، ابلغت النيابة العامة أن الشرطة العسكرية هي التي ستفتح وتغلق البوابة من الآن فصاعدا، ثلاث مرات في اليوم وفي كل ايام الاسبوع. واستنادا الى هذا الوعد تم الغاء الالتماس وحكم القضاة بأن الحق محفوظ لـ «موكيد» في اعادة الالتماس.
وصباح أول من أمس أكد المزارعون للصحيفة بأن البوابة فتحت بصورة سليمة، لكن ليس في يومي الجمعة والسبت، خلافا لتعليمات المحكمة العليا.
السطو على الوقت هو احد مظاهر التفوق وهو وسيلة للسيطرة. هو سلاح آخر طورته إسرائيل للدفاع قدما واستكمال عمليات السطو على اراضي الفلسطينيين.
يجففون الفلسطينيين على البوابة ويتركونهم تحت اشعة الشمس لساعات وايام وشهور من اجل أن ييأسوا من الوصول الى اراضيهم، بعد أن اجتازوا مسار العذابات البيروقراطي الإسرائيلي من اجل الحصول على تصريح الدخول عبر البوابة.
وعندها، اراضيهم التي منعوا من الوصول اليها يتم اعتبارها متنزها ورئة خضراء للمستوطنين اليهود، كم هذا ذكي! وعندما يكون الامر غير الخطي للجنود هو التأخير، تُلف عباءة من المصادفة حول عملية ضم محسوبة جدا.

عن «هآرتس»