شوفير تكسي في رام الله. يوئيل حسون نائب رئيس سابق للشاباك الاسرائيلي. شمعون شيفر في «يديعوت». بن كسبيت في «معاريف».
ماذا قال شوفير التاكسي؟ صار لهم في اسرائيل ٤٧ سنة يحكون عن توحيد القدس.
ماذا قال يوئيل حسون؟ «نحن نتحدث عن مدينتين تحملان اسم القدس» تعقيباً على قرارات الكابينت الاسرائيلي (مجلس الوزراء المقلص) في معالجة «بؤر التحريض» في القدس.
ماذا كتب شمعون شيفر في «يديعوت»؟ الانتفاضة تجبر نتنياهو على تقسيم القدس.
ماذا كتب بن كسبيت في «معاريف»؟ بيبي يقسم القدس. هذا هو في واقع الأمر ما يحصل في هذه الأيام، حين يقرر الكابينت فرض حصار على أحياء القدس الشرقية؟
كيف اتفق الشوفير والجنرال والصحافيان؟ كان صحافي إسرائيلي ثالث كتب «القدس عاصمة الإرهاب»، وغيره صرّح وقال وكتب في الانتفاضة الثانية أن «جنين عاصمة الانتحاريين والإرهاب».
كان إسرائيليون وفلسطينيون قد كتبوا أن رام الله عاصمة فلسطين (الإسرائيليون) او عاصمة إدارية للسلطة الفلسطينية (الفلسطينيون).
كان إسرائيليون قد كتبوا، في السبعينيات والثمانينيات ان «الناصرة عاصمة عرب إسرائيل».
.. ويبقى العالم السياسي الدولي والدبلوماسي (والفلسطينيون) يقول: تل أبيب عاصمة إسرائيل. ويبقى الفلسطينيون يصرون على أن القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية.
هناك في إسرائيل من يقول أن تل أبيب عاصمة العلمانيين، وان القدس أضحت عاصمة الأصوليين والعرب.
كم عاصمة لهذه البلاد وفيها؟ هذا السؤال غير مطروح في الولايات المتحدة مثلاً، حيث نيويورك عاصمة عالمية (الأمم المتحدة) وكوزموبوليتية، وتجارية وثقافية أميركية، بينما واشنطن عاصمة اميركا السياسية.
سنعود الى شعار: نتنياهو يقسّم القدس، الذي رفعه نتنياهو في وجه «رابين يقسم القدس» بعد أوسلو، ورفعه اليمين الإسرائيلي في وجه ايهود باراك مقسّم القدس خلال مفاوضات كامب ديفيد ٢٠٠٠، ورفعه الليكود في وجه إيهود أولمرت أيضاً.
كيف تكون لهذه البلاد المقدسة - المكدّسة كل هذه العواصم؟ أو ننتظر مقالة او تصريحاً إسرائيلياً بعد مظاهرة الـ ٢٠ الفاً في سخنين او الـ ٤٠ الفاً (حسب مصادر إسرائيلية وفلسطينية) يصفها بأنها عاصمة الشعب الفلسطيني في إسرائيل؟
نحن نحكي ونعاني عن تقسيم الضفة الى نطاقات (أ.ب.ج)، وهناك من يحكي عن بلاد لشعبين، او بلاد لدولتين.. او «كلها لنا»!
ما الذي يجمع ما جرى في سخنين وما يجري في القدس؟ دولة إسرائيل ذات شعبين: يهود متساوون وفلسطينيون متساوون اقل، وعاصمة إسرائيل الموحدة فيها مواطنون إسرائيليون يهود، وفيها فلسطينيون في القدس الشرقية بصفة درجة ثانية «مقيمون دائمون غير مواطنين».
منذ احتلال و«توحيد القدس» في العام ١٩٦٨ تدّعي إسرائيل ان المقادسة الفلسطينيين مرتاحون لامتيازات «الهوية الزقاء» وبعضهم القليل يسعى لهوية زرقاء كمواطن إسرائيلي.
في الانتفاضة الثانية سقط الادعاء الأول، لأنها اندلعت من الحرم القدسي، وفي الانتفاضة الثانية قالت الصحافية عميرة هس في «هآرتس» أن من يطلب المواطَنة الإسرائيلية بين الفلسطينيين يفعل ذلك، خاصة داخل أسوار القدس العتيقة، حتى لا يتم إبعاده عن القدس، وليس محبة بالامتيازات الإسرائيلية.
هل نعود الى غولدا مائير التي قالت: الحدود حيث يقف الجنود بعد العام ١٩٦٧، او حيث صارت إسرائيل تنصب بوابات إلكترونية؟
حسناً، لا توجد أي عاصمة في العالم فيها هذا العدد من الجنود والكاميرات والبالونات، والآن وضعوا بوابات إلكترونية لكشف السكاكين والمعادن في أحياء القدس العتيقة، وطالبت عضو كنيست بنصب هذه البوابات على أبواب الكنيست ذاتها، وقالت إنها ستحمل مسدساً لحماية نفسها من ماذا؟ من النواب الفلسطينيين.
نعود الى هبّة أكتوبر ٢٠٠٠ في الجليل، حيث قتل الجنود ١٣ شاباً فلسطينياً، فإلى هبّة أكتوبر ٢٠١٥ ومظاهرة الآلاف المؤلفة في سخنين؟
انسحبت قوات الأمن الإسرائيلية من سخنين قبل المظاهرة، فجرت مظاهرة الغضب والأعلام الفلسطينية والخطابات الحماسية دون حادث أمني واحد.
منذ صرخ الجنرال موتي غور بعد احتلال القدس الشرقية: «جبل الهيكل في أيدينا» بدأ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي مساراً آخر.
على «الفيسبوك» بعد الانتفاضة الثالثة، كتب أحد المثقفين العرب: «إسرائيل احتلتنا وتغلغلت فينا (كعرب) وما زالت حائرة في احتلال فلسطين».