إدارة للملف وشراء للوقت بين المتفاوضين في ملف "صفقة تبادل الأسرى" بين الاحتلال وحركة حماس؟ أم مفاوضات في العمق تُمهد لإنجاز الصفقة خلال الشهور القادمة؟.
تساؤلات يتبادلها الشارع الفلسطيني؛ خاصةً مع الفشل الذي يُصاحب كل عملية تفاوض، الأمر الذي يجعل باب التساؤل مشروعًا عن إمكانية بقاء التفاوض بملف التبادل لسنوات قادمة حال إدارته بذات الطريقة؟ أم أنّ المقاومة على الأرض ستقول كلمتها؛ خاصة مع تعنت الاحتلال في اضراب الأسير ماهر الأخرس المتواصل منذ 93 يومًا.
إدارة للملف
مدير مركز القدس المتخصص في دراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني، عماد أبو عواد، توقع عدم إنجاز تقدم في ملف صفقة "تبادل الأسرى" بين الاحتلال وحركة حماس، مُوضحاً أنّ سبب ذلك هو أنّ الاحتلال غير مضغوط فيما تملك المقاومة، ويُقنع الرأي العام بأنّ ما لدى حركة حماس جثث جنود، وأنّه لا داعي لاستبدالها بـ"شخصيات أياديها ملطخة بالدماء".
ورأى أبو عواد في حديثٍ خاص بوكالة "خبر" أنّ القناعة المترسخة لدى الاحتلال في الداخل المحتل؛ تدفعه بشكلٍ أو بآخر إلى عدم الضغط في إطار هذا الملف؛ مُستدركًا: "بل على العكس؛ الاحتلال مرتاح ومسرور لإدارة الملف بهذه الطريقة".
ولفت إلى أنّ "إسرائيل" تُدير الملف وتشترى الوقت وتسعى لأنّ تُبقى ملف تبادل الأسرى "طي الكتمان"؛ لأنّ الأمر يخدمها بشكلٍ كبير.
وبيّن أبو عواد أنّ الواقع الداخلي "الإسرائيلي"، لديه أولويات في هذه المرحلة يعتبرها أكبر وأهم؛ خاصةً مسألة الخلافات الداخلية العميقة، وكذلك انتخابات داخلية في الأفق، بالإضافة للأزمات التي أنتجها تفشي فيروس كورونا؛ وبالتالي ليس سهلاً تحريك الملف في هذه الفترة.
الكشف عن مصير الجنود "الإسرائيليين"
وبالحديث عن كيفية تفعيل حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية للملف، رأى أبو عواد أنّ على حماس أنّ تذهب إنّ كان لديها جنود للاحتلال على قيد الحياة، للكشف عن مصير أحدهم، مُردفاً: "بذلك تضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعلى الشارع الإسرائيلي أيضاً".
وأضاف: "إسرائيل مُرتاحة من إدارة الملف بهذه الطريقة"، مُحذّراً في ذات الوقت من استمرار إدارته بهذا الشكل، الذي قد يحتاج إلى أعوام أخرى قادمة، إذا استمرت إدارته بذات الآلية.
أما الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو، فرأى أنّ عودة المفاوضات بشأن "صفقة تبادل أسرى" بين حركة حماس والاحتلال، إلى القاهرة بعد عودة العلاقات بين مصر وحماس؛ بهذه القوة وبملفات حساسة، أمر بالغ الأهمية.
وقال عبدو في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنّ التقدم في ملف انجاز صفقة التبادل مرهون بالمرونة التي سيبديها الاحتلال الإسرائيلي"، مُستدركاً: "لا يمكن الحديث حتى الآن عن تقدم في الملف، ما لم تنضج صفقة واضحة؛ بمعنى أنّ يكون هناك عدد واضح، ومفاوضات حول الأسرى داخل سجون الاحتلال؛ وليس وضع شروط منذ البداية".
وتابع: "حركة حماس، تضع شروط لبدء التفاوض وهو الإفراج عن المعتقلين في الصفة الأولي أيّ صفقة وفاء الأحراء، وهم عشرات تم اعتقالهم في الضفة الغربية؛ لكنّ الاحتلال يرفض ذلك؛ وفي ذات الوقت يقبل ما يسميه بعض التنازلات فيما يتعلق بالأسيرات والأسرى المرضى"، مُعتبراً أنّ ما يجري الآن عبارة عن فرض شروط للدخول الجّدي في مفاوضات حول "صفقة تبادل".
الوسيط المصري... مثالي
وبشأن استعداد الاحتلال في هذه المرحلة لإنجاز "صفقة تبادل"، قال عبدو: "إنّ الأمر مرهون بالأيام القادمة والمفاوضات التي تجري في القاهرة"، مُعتقدًا أنّه لا ينبغي رفع سقف التفاؤل كثيرًا، في ظل الكثير من القوانين التي صدرت وتم وضعها من قبل اليمين "الإسرائيلي" خاصةً بنيامين نتنياهو.
واستدرك: "لكنّ إذا اقتضت مصلحته وهو بحاجة لذلك، لا أستبعد مرونة تؤدي للدخول في عمق المفاوضات لإنجاز صفقة خلال الأشهر القادمة".
وأكّد على جدية الوسيط المصري في سعيه لإبرام "صفقة تبادل" جديدة، مُستطرداً: "مصر مؤهلة للقيام بالدور؛ خاصةً أنها طرف مرغوب لدى كافة الفصائل ومتدخلة بشكلٍ قوي سواء على صعيد التهدئة أو تخفيف الحصار أو فتح معبر رفح؛ لذلك نأمل أنّ ينجح الراعي في إتمام هذه الصفقة".