بعد رحيل ترامب يمكن أن نبدأ طريق الإصلاح

حجم الخط

بقلم: مخائيل سفارد


ليهزم. ليهزم ويذهب إلى أحد أبراجه ويتركنا لحالنا ويخلصنا منه. هو وتغريداته، ليهزم، لأن كل يوم يشغل فيه وظيفته يذكرنا كم أن البشر يمكن أن يكونوا سيئين. وأن بإمكانهم أن يكونوا سيئين جداً. ليهزم، لأن وجوده في حياتنا يخرج الشر أيضاً منا - العدوانية، الكراهية، القبلية، والغضب من الصنف الخطير والمسموم. ليخسر لأنه طالما أنه هناك يصعب جداً التصديق بأن الإنسان صالح منذ شبابه. ليخسر ويختفِ من أجل أن نستطيع البدء بتضميد جراح الكراهية التي تركها خلفه.
مرت 4 سنوات منذ الليلة التي لم يفز فيها بالانتخابات بل اتضح أن ملايين، عشرات الملايين، أكثر من 62 مليون شخص انتخبوه. الشخص الذي يستهزئ بالأشخاص ذوي الإعاقة، ويستهين بالنساء، ويمارس العنصرية على السود وعلى ذوي الأصول الإسبانية، والذي يحب فقط نفسه، ويستغل كل من هو حوله.
4 سنوات اضطررنا فيها للعيش معه، وسماع أفكاره الحقيرة، والخوف من أفعاله الخطيرة. 4 سنوات من المعاناة التي تتجاوز انعدام الاتفاق الأيديولوجي أو السياسي لأن وجوده هو ضرر مندمج ضد الأمل، الديمقراطية والرحمة. طوال 4 سنوات وهو ممسك بكلتا يديه بالقصبة الهوائية للاعتقاد بأنه يمكن أن يكون الحال أفضل، ولكنه خنقها دون رحمة. العالم الذي اقترحه والعالم الذي تجول فيه ورسمه لنا جميعاً هو عالم كئيب، شرير، عالم ما قبل العقد الاجتماعي، عالم يعتبر علاقة الإنسان بالإنسان كعلاقة الذئاب ببعضها. لقد أعطى دعماً للفاشية العنصرية البيضاء، وأعطى احتراماً للدكتاتوريين السيئين جداً، واستهان بضحاياهم. لقد أيد التنمر كوجهة نظر، لأنه في داروينيته الاجتماعية القوي هو المحق بسبب قوته والضعيف هو قمامة معدة للاستغلال والرمي. يصعب التصديق، ولكن الرجل الأقوى في العالم هو نسخة غريبة، تقريباً هي محاكاة ساخرة، ولكنها مخيفة لدارت فيدر، الخادم المخلص للجانب المظلم من القوة.
كانت فترة ولايته عملية تخريبية كثيرة المصابين. المتضررون المباشرون هم عشرات الملايين وربما مئات الملايين، في الولايات المتحدة وخارجها. أقليات عرقية ومجموعات نسائية، طبقات متدنية ومعسكرات سياسية. عالم اليوم مرقط بجثث آمالهم، خانق من دخان الازدراء. كانت فترة ولايته أيضاً عملية إرهابية متواصلة، تستهدف تخريب قدرتنا على إجراء حوار. لقد أشعل ساحة مدينتنا بآلاف بؤر الكذب وبمئات نظريات المؤامرة التي لا أساس لها من الصحة، وبقوته الهائلة كرئيس أقوى دولة في العالم قام بطي الأرضية التي نقف عليها بهجماته الوحشية على العلم والصحافة. قصفه الممنهج للقدرة على إجراء حوارات ونقاشات حرقت خطوط الاتصالات، وخلقت انقطاعات تحتاج لسنوات من أجل إصلاحها.
ليهزم، ليهزم ويذهب لضيعاته، التي زيّنها وطلاها بجالونات من الذهب (حيث إن الجمال أيضاً ليس هو الجانب القوي له) فقط في غيابه نستطيع ربما أن نبدأ الطريق الطويل والصعب من إعادة الإصلاح. خطوات محسوبة من إعادة الأسس التي من دونها لا يكون لدينا مجتمع إنساني بل مجموعة من التفاصيل ذات الأهمية: كرامة إنسانية، تضامن اجتماعي، إنصاف أساسي.
عن «هآرتس»