يرى مراقبون أنّ نجاح جو بايدن في الانتخابات الأمريكية في ظل انخفاض فرص فوز غريمه الرئيس الحالي دونالد ترامب بولاية ثانية، سيؤدي إلى العودة لإدارة ملف القضية الفلسطينية بشكله التقليدي، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل "صفقة القرن" التي صنعها ترامب؟، وهل ستكون القضية الفلسطينية على سلم أولويات إدارة بايدن؟، وأخيرًا هل سيكتفي رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامن نتنياهو بتنفيذ خطة الضم على الأرض؛ كي لا يعادي الإدارة الأمريكية الجديدة التي تدعم مبدأ حل الدولتين.
"صفقة القرن" لن تكون على الطاولة
رئيس المركز الفلسطيني للحوار الديمقراطي والتنمية السياسية وجيه أبو ظريفة، رأى أنّ مستقبل "صفقة القرن" مرتبطة بوجود الرئيس الأمريكي دونالد ترمب؛ لكنّ فوز المرشح للانتخابات الأمريكية جو بايدن، يعني عدم وجودها على طاولة البحث؛ كونها تُناقص التوجه السياسي للحزب الديمقراطي.
وأوضح أبو ظريفة في حديثٍ خاص بوكالة "خبر" أنّ بعض خطوات الصفقة نفذها ترامب، مثل "الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ونقل السفارة الأمريكية للقدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل"؛ لافتاً في ذات الوقت إلى أنّ الخطوات السابقة الذكر من الصعب على "إدارة بايدن" حال فوزه تغييرها.
وأضاف: "لكنّ ربّما تبحث الإدارة الأمريكية الجديدة عن خطة بديلة، خاصة أنّ نائبة بايدن تتحدث عن رؤيته لإعادة المفاوضات على قاعدة الرئيس كلينتون أو أوباما، أيّ بفتح مسار جديد للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
مسار جديد للمفاوضات
وبالحديث عن وجود فروق جوهرية بين إدارة بايدن وترامب في إدارة الملف الفلسطيني، قال أبو ظريفة: "يوجد فروقات بين ترامب وبايدن؛ خاصة أنّه لا يوجد أسوأ من ترامب في العلاقة مع الفلسطينيين، مُشيراً إلى أنّ الفروقات قد تكون واضحة بوقف بعض الإجراءات.
وتابع: "الفروقات قد تتمثل في وقف إغلاق ممثلية منظمة التحرير، وقرار وقف المساعدات المقدمة للشعب الفلسطيني ووقف تمويل الأونروا، بالإضافة لنقل القنصلية الأمريكية للقدس الشرقية"، مُشدّداً في الوقت ذاته على أنّ العامل الحاسم الذي يتفق عليه جميع الأطراف في الولايات المتحدة، هو الحفاظ على علاقة إستراتيجية مع "إسرائيل" وتفوقها العسكري في المنطقة.
وبشأن العودة لمسار المفاوضات، بيّن أبو ظريفة أنّ مفاوضات السلام تحتاج لطرفين؛ لأنّه ليس بمقدور طرف واحد إتمام ذلك، وسيكون من الصعب إمكانية التوصل لأيّ اتفاقات.
وأردف: "قد تعود الاتصالات من جديد بين الطرفين والإدارة الأمريكية، وقد يطرح بايدن عبر مندوب خاص للسلام في الشرق الأوسط، بعض الأفكار لمسار تفاوضي جديد"؛ مُستدركاً: "لكنّ في ظل وجود اليمين الذي يحكم "إسرائيل" من الصعب التوصل إلى مفاوضات حقيقية تؤدي إلى نتائج ملموسة".
الفترة الانتقالية لإدارة ترامب
أما عن قدرة نتنياهو على المضي قدماً في خطة الضم مع تضاؤل فرص ترامب، رأى أبو ظريفة أنّ نتنياهو سيحاول استغلال الفترة الانتقالية؛ لتنصيب الرئيس الجديد للإدارة القادمة، مُعتقداً أنّه من الصعب الإعلان عن قرار الضم بسبب فتح مسار التطبيع؛ من أجل عدم إثارة الرأي العام الدولي، وربما يكتفي بالتنفيذ على الأرض.
بدوره، نوّه الكاتب والمحل السياسي طلال عوكل، إلى أنّ الضم يُنفذ على الأرض بدون إعلان رسمي، مُبيّناً أنّ نتنياهو مضطر للتباطؤ؛ خاصةً أنّ الصحافة تتحدث عن مصلحة "إسرائيل" بفوز ترامب.
واستدرك عوكل في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "الصحافة الإسرائيلية تقول أيضاً إنّه على إسرائيل أنّ تتجهز لسياسة مختلفة في حال فوز بايدن، وبالتالي لا تُريد الاصطدام بإدارة أمريكية جديدة طالما أنّ بايدن يرفض الضم، كما أنّ طرح بايدن لرؤية الدولتين سيؤدي إلى عدم إقدام نتنياهو على الإعلان عن الضم؛ لأنه ليس بحاجة لعداء أمريكي وهو مأزوم".
وبالحديث عن عودة مسار المفاوضات والاتصالات مع السلطة الفلسطينة، قال عوكل: "إنّ ما طرحه بايدن خلال حملته الانتخابية بشأن الملف الإسرائيلي - الفلسطيني هو عودة العلاقات"، مُوضحاً أنّ السلطة الفلسطينية لديها الاستعداد لذلك، لكنّ الأمر مرهون بالخطوات التي ستتخذها إدارة بايدن.
ولفت عوكل إلى أنّ ما تُسمى بـ"صفقة القرن" لم تنته بعد، حيث إنّ بايدن وافق على بعض ما ورد من مفردات في الصفقة، مثل التطبيع والجولان، لكنّه لم يؤيد ما جاء فيها بشان ملف القدس؛ لأنّه لا يُريد أنّ يضع نفسه في مواجهة مباشرة مع "إسرائيل".
واستدرك: "ترامب نقل السفارة إلى القدس؛ لكنّ بايدن لن يستغل الماكنة الأمريكية لتحريض الدول على نقل سفاراتها إليها، ويُريد إعادة فتح القنصلية الأمريكية، وذلك مؤشرعلى أنّ موضوع القدس، لايزال معلق بتسوية على أساس رؤية الدولتين".
وختم عوكل حديثه، متسائلاً: "لا نعلم إنّ كان بايدن سيعيد فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن أم لا، وهل ستكون تصريحاته عبارة عن وعود انتخابية أم قابلة للتنفيذ؟".