"إعلان الاستقلال"...والقرار المرتعش!

حجم الخط

 كتب حسن عصفور

كما اليوم 15 نوفمبر 1988، انطلقت "الصرخة العرفاتية" في قصر الصنوبر بالجزائر لتعلن "باسم الله...باسم الشعب ...قيام دولة فلسطين"...وكانت وثيقة "اعلان الاستقلال" التي فتح الباب لأوسع حركة اعتراف سياسي بفلسطين القضية والدولة المستقبلية.

اعلان أسس لبداية "الكيانية الفلسطينية" الغائبة عن الجغرافيا رغم وجودها خريطة وشعب ومسمى، فكانت الثورة المعاصرة ومنظمة التحرير الأداة التي رسمت إعادة تصويب رسم الخريطة وفق الحقيقة التاريخية...فلسطين اسم وكيان، لمواجهة المشروع الاغتصابي للحركة الصهيونية.

اعلان دولة فلسطين عبر وثيقة الاستقلال، كان منعطفا تاريخيا في مسيرة الشعب الكفاحية، ساهم اندلاع الانتفاضة الوطنية الكبرى ديسمبر1987، دورا رئيسيا في ذلك التغيير، لتبدأ رحلة تأسيس "الكيانية المعاصرة" مع بداية تجسيدها  في قيام "السلطة الوطنية الفلسطينية" عام 1994، كأول سلطة في التاريخ للشعب فوق أرضه.

وأصبح الاعتراف بفلسطين الدولة والسلطة أحد الظواهر العالمية، وصل ما يفوق الاعتراف بدولة الكيان الإسرائيلي، رغم كل السند الإمبريالي لها، ما جسد حقيقية تاريخية للكيانية الوطنية، رغم كل محاولات "التآمر" عليها بأشكال مختلفة وأدوات متعددة، توحدت لوأدها، كل بنقاب، من الصهيوني لبعض العربي لبعض الفلسطيني، لكن المقاومة الذاتية التي حملتها "الكيانية الفلسطينية" كانت أقوى.

وفي عام 2012، قاد الرئيس محمود عباس حركة سياسية توجت بانتصار تاريخي، مع موافقة الأمم المتحدة قبول فلسطين دولة عضو مراقب، بعد أن كانت منظمة التحرير، في قرار هو الأهم من الشرعية الدولية بعد عام 1948، قرار 19/ 67 الذي رسم "خريطة الدولة الجديدة"، لتبدأ رحلة مضافة لتعزيز الكيانية الوطنية فوق أرض فلسطين.

عدم تنفيذ قرار الأمم المتحدة بإعلان دولة فلسطين، كامتداد تاريخي للسلطة الفلسطينية، واستبدال مكانة منظمة التحرير في الواقع القائم، منذ ثمان سنوات لا مبرر له، رغم توفر كل الإمكانيات والمسببات له، خاصة مع خروج دولة الكيان كليا من مسار الاتفاقات، بل وتنكرت لها جميعا عدا الجانب الأمني لا أكثر، ولم تعد "شريكا" في أي عملية سياسية، خاصة أنها تنكرت لاعترافها بمنظمة التحرير كممثل للشعب، والذي أصبح بعد قرار الأمم المتحدة يتجسد ذلك الاعتراف بدولة فلسطين.

دولة الكيان، منذ قبول فلسطين دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة، ذهبت لـ فك الارتباط" النهائي مع كل ما كان متفقا، واستبدلته بتعزيز مشروعها التهويدي بكل أبعاده "التوراتية – الأمنية والسياسية"، ساعدتها خطة ترامب والبدء بتنفيذها، مع الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان، وبأن الضفة هي "يهودا والسامرة" ومنح إسرائيل الحق في فتح باب الضم خاصة منطقة الأغوار، ما أدى لتعليق الاتصالات الرسمية الفلسطينية معها.

وكانت لحظة تاريخية مناسبة لأن يكون الرد الفلسطيني الرسمي، اعلان تجسيد دولة فلسطين امتدادا للسلطة، ولكن ما حدث هروبا من ذلك المسار دون أي مبرر سياسي، رغم الحالة "الشعبية" التي ولدها قرار وقف الاتصالات مع أمريكا، و"تعليق" الاتصالات الأمنية مع إسرائيل.

وبدلا من "الانطلاقة الإيجابية" لخدمة المشروع الكياني الفلسطيني، اختارت الرسمية "حراكا صوتيا" بدلا من "حراك فاعل"، رغم أنه لا خيار لمواجهة مشروع الحركة الصهيونية "الاستبدالي" تكملة للاغتصابي، سوى اعلان فلسطين دولة وفق قرار 19/ 67 لعالم 2012، وغير ذلك سيكون مساهمة لخدمة مشروع "العدو القومي".

في يوم "إعلان الاستقلال" يجب كسر حركة الارتعاش" السائدة خدمة لفلسطين الوطن والكيان...ولا خيار سواها لمن يريد تمثيلا لقضية.

ملاحظة: للأشقاء العرب الذي فتحوا باب التطبيع لدولة العدو القومي، لا تذهبوا كثيرا في "الخطيئة السياسية"...فلو برر التطبيع بأنه قرار "سيادي"، فاستقبال المستوطنين مس كلي بفلسطين وقضيتها العادلة...فحاذروا خلطا لا تبرير له!

تنويه خاص: متى تنتهي "حركة الولدنة" التي يمارسها بعض المصابين بهوس التلذذ بترهيب أهل القطاع... "إطلاق" صاروخ لجلب قصف لم تعد فعل وطني ...بل بضاعة سخيفة...كفاكم تجارة بالمواطن المخطوف قهرا!