السمّ الذي يبثه نتنياهو

حجم الخط

بقلم: بن كسبيت

 



في البداية حاولوا ان يقولوا انه «مدسوس». بعد ذلك حاولوا أن يشرحوا بانه «لا ينتمي». وهو نفسه قال انه ليس جزءاً من التظاهرة. هو جاء فقط عندما يغضبه شيء ما في الشبكات الاجتماعية.
افرايم غرايف، ذاك الذي تمنى أمس لعائلة فركش «واحد آخر كهذا»، هو الذي اعلن بان الابن، النقيب تام فركش، طيار أباتشي قتل في لبنان الثانية، هو في واقع الامر عقوبة من الرب على يسارية العائلة.
قابلته امس في راديو FM103، نظرت اليه في المقابلات التي نثرها بسخاء في قنوات التلفزيون. اسرائيلي مثلكم ومثلي – انسان من الحاضرة. ليس له قرون. وليس مضرجا بالدماء، بل مضرج بالكراهية.
حاول غرايف عن يبعد نفسه أمس عن البيبية. اما الحقيقة فمختلفة. فهو عضو في كثير من المجموعات الواتساب الكفاحية، الفظة والاكثر عنفا لهذه العصبة. المجموعات التي يتدفق فيها نهر المجاري الذي ينشأ من بلفور، يئير نتنياهو.
وهاكم بضعة امثلة عما يكتبه غرايف هناك في تلك المجموعات: في مجموعة «كلنا ضد العليا عمومي واحد» طرحت معلومات عن متظاهري الاعلام السود وقافلة الغواصات المخطط لها في نهاية الاسبوع. أفرام غرايف: «نأمل ان يتسلل مخرب بينهم». في مجموعة اخرى، عن متظاهرة أخرى، كتب يقول: «في تلك اللحظة التي رفعت فيها خرقة سوداء، كان ينبغي أن توضع لها على الفور رصاصة في الرأس». في مجموعة «ران كرمي بوزاغلو مداولات»، الى جانب تفصيل مسار المظاهرات ضد رئيس الوزراء، يكتب غرايف: «على الحكومة أن تصدر تعليماتها للجيش بان يرابط قناصون على طول الطريق».
كان غرايف عضوا دائما ايضا في العصابة التي تظاهرت على مدى اشهر امام بيت المدعية العامة المحامية ليئات بن آري في قرية حيروت الزراعية. في أحد الافلام التي رأيتها من هذه التظاهرات يصرخ بشدة سلسلة طويلة من الشتائم نحو بيت المدعية العامة.
زعيمة هذا المعسكر، وتدعى اورلي ليف، شتامة عليا وناشرة للتلفيقات الهازئة على نحو خاص. خضعت للتحقيق في الماضي على الاشتباه بتهديد المستشار القانوني للحكومة افيحاي مندلبليت. ليف ليست نشيطة سياسية من الهوامش بل هي في المركز جدا، الاقرب الى نتنياهو، الى امير اوحنا، الى كل من تريدون. وهي تُصَور متعانقة ومنكبة على نتنياهو في كل فرصة. وبعد فتح محاكمته في القدس حصلت معه حتى على زمن نوعي على انفراد.
قادت ليف الحبكة التي في اطارها زعم ان ابن بن آري هاجم افراد من الشرطة (كذبة هاذية) وبعد ذلك ادعت بان بن آري لا تحد سبعة أيام على اختها المتوفاة لأن ليس لها اخت وان هذه مناورة لكي تفرق التظاهرات ضدها.
وحتى عندما جئت بالمناجاة الأليمة لابن الأخت اليتيم، لم يهدأ البيبيون. بقوا على حالهم مع حقيقتهم، مع الأكاذيب، الكراهية، التحريض، الشتائم، لغة البيبيين ومكبرات الصوت. هم وجيش «الصحافيين» الذين يخدمونهم في القنوات التلفزيونية والاذاعية الخاصة في كل قنوات المجاري التي يمكن تصورها.
أعلنت ليف قبل يومين بانهم يتركون الدوام في قرية حيروت وينتقلون الى قيساريا. يوجد هدف جديد. عائلة فركش. اهل النقيب تام فركش الراحل الذين يسكنون في حي رئيس الوزراء ويتجرؤون على أن يستضيفوا في بيتهم بين الحين والآخر متظاهرين ضد نتنياهو.
تعالوا ننظم الامر: تظاهرة أمام بيت مواطن خاص لا تتمتع بالحماية الزائدة التي تقدمها الديمقراطية للمظاهرات امام منتخبي الجمهور او رئيس الوزراء. بيت عائلة فركش في قيساريا ليس ممولا، لا جزئيا ولا كليا باموال الجمهور. اما فيللا عائلة نتنياهو في قيساريا فيمولها دافع الضرائب الإسرائيلي بملايين عديدة. لأول مرة منذ قيام الدولة نجحت العائلة الحاكمة في فرض كل نفقاتها الخاصة على الصندوق العام.
رغم كل هذا يمكن التظاهر أيضا حتى ضد عائلة فركش وكل عائلة أخرى. ولكن النصوص هي التي تثير الحفيظة. الوقاحة التي تقترب من الشغب ان يقال لام ثكلى ان ابنها يتقلب في قبره والتمني لها بان تثكل ابنا آخر لأنها تتجرأ على دعم التظاهرات ضد رئيس الوزراء.
وفي ضوء كل هذا، تفضل الليكود بنشر اعتذار هزيل باسم رئيس الوزراء على الاعمال الحقيرة لمؤيديه في قيساريا.
وأضاف نتنياهو بالطبع تذمراته العادية من المظاهرات ضده. فهذا دوما يبدأ وينتهي به. يهددونه، يطاردونه، يشتمونه. ونسي أنه هو رئيس الوزراء وان هذا جزءا من المنصب. فكل اسلافه مروا بهذا (وواحد منهم حتى قتل)، ولكنهم لم ينسوا للحظة مسؤوليتهم العامة وطابعهم الإنساني والقيم الأساسية التي توحدنا هنا كشعب واحد.
رويدا رويدا يتبين انه ليس فقط نسي بل يُنسي هذه القيم عن قسم هام من الجمهور. وهو يمزق النسغ الذي لا يزال يوحدنا فيذيبه لبقعة سامة من الكراهية واشك أنه ممكن اصلاح ما خربه حتى بعد رحيله.

عن «معاريف»