-خبر-كتب:حسن البطل
22 تشرين الأول 2015
لولا أن نير حسون نقلها في «هآرتس» 19 الجاري على لسان اسحق بن دروس، عضو مجلس بلدية القدس، عن «يهودوت هاتوراه» .. لما كنت أعتمدها:
جميع السائقين، ونصف الأطباء، و 80% من سائقي القطار الخفيف هم من فلسطينيي القدس الشرقية.
هل الليكود أكثر يهودية من «يهودوت هاتوراه»، التي عارض بعض أعضاء المجلس، مثل تمير نير، أي فصل بين القدسين «لأن دور المقادسة الفلسطينيين كبير في الاقتصاد والتنوُّع الثقافي»!
الآن، يتحدّثون عن قدس مُقسّمة، فكيف جرى توحيدها بعد حرب حزيران؟ موشي دايان شكّل لجنة لترسيم حدود القدس، مشكّلة من ثلاثة ألوية في الجيش، ورسموا «خطة مجنونة» ضمُّوا فيها ليس القدس داخل الأسوار، بل و»القدس الأردنية» خارجها (6 آلاف دونم) وحتى 64 ألف دونم أخرى في الضفة، لم تكن في التاريخ جزءاً من القدس، كما ذكر نحمايا شترسلر في «هآرتس» 16 الجاري.
الآن، خارج ما يُعرف بـ «القدس الأردنية» هناك 300 ألف يحملون هُويّة القدس الزرقاء، بصفة مقيمين دائمين غير مواطنين.
هل ستدفع «انتفاضة القدس» الحكومة الأكثر يمينية إلى تطبيق سياسة: أكبر قدر من المساحة بأقل مقدار من السكان الفلسطينيين في القدس، حتى تعود نسبة المقادسة الفلسطينيين إلى نسبتها المحتملة في إسرائيل، أي 20% من السكان، بدلاً من 38ـ40%؟
بدلاً من السجال: انتفاضة ثالثة أم هبّة أخرى، لعلّنا نلتفت إلى جديدها، أو سلاح الفلسطينيين فيها، إضافة إلى الحجر، أي السكين والدهس ومستجدها: بؤرة الأحداث الجارية.
منذ بدأ نموذج بلعين يُقتدى في المناطق الريفية التي على تماس مع المستوطنة والجدار، بشكل احتجاج شعبي سلمي، يأخذ درساً من عسكرة الانتفاضة الثانية.
.. إلى أن صار مركز البلاد: القدس بؤرة الصدام، ثم تراجع السجال بين دولتين أو دولة إسرائيل من البحر إلى النهر، وتقدم حول توحيد القدس قسراً، ومحاولة متصاعدة للاستفزاز اليهودي في مركز ـ المركز، أي القدس العتيقة داخل الأسوار، وحتى بالذات الحرم القدسي، منذ جولة شارون التي كانت شرارة الانتفاضة الثانية.
في الانتفاضتين الأولى والثانية لم تشارك القدس بصفتها بؤرة نشيطة، بل شاركت في الانتفاضة الثانية بانطلاق الشرارة.
الآن، يقول الإسرائيليون إن معظم عمليات الطعن والدهس، ومعظم منفذيها، هم إمّا من القدس أو من أحيائها التي ضُمَّت إليها، بحيث صارت مساحة «القدس الموحدة» أكبر من مساحة باريس.
كانت عقيدة الجيش الإسرائيلي في حروبه العربية هي: يخسر من يفرقع أولاً، وكانت عقيدة إسرائيل في صراعها مع الفلسطينيين: يخسر من يتعب أولاً (حسب اسحق رابين) في الانتفاضة الأولى.
في غياب أي تناسب في موازين القوى، هل نلتفت إلى موازين أخرى، مثل: الحالة المعنوية لطرفي الصراع: الجنود والمستوطنين والشبان الفلسطينيين.
أخصائي فلسطيني في الطب النفسي، هو فاضل عاشور ـ غزة، لاحظ أن في إسرائيل 3000 طبيب نفسي، وفي البلاد العربية قاطبة 800 طبيب نفسي.
الآن، حصلت زيادة في طلب الإسرائيليين الحصول على سلاح بنسبة 5000%، وزيادة في مراجعة العيادات النفسية بنسبة 100%، لأن الطعن والدهس، في القدس ثم خارجها، أمر لم يعرفه الإسرائيليون، كسلاح رئيسي فلسطيني، في ما سبق من الانتفاضتين، رغم أن القتلى من الجنود والمستوطنين والمدنيين الإسرائيليين، حتى الآن، يقلّ كثيراً جداً عن عددهم في الانتفاضتين، لكن الأثر النفسي أكبر.
ما الذي يقلق أجهزة الأمن الإسرائيلية؟ كيف تواجه «موجة ارهاب» من أفراد «ذئاب منفردة» غير منظمين أو مؤطّرين «يذهبون للنوم كمواطنين عاديين، وينهضون في الصباح كمخرّبين».
قبل هذه الانتفاضة الهبّة، شاعت نكتة في إسرائيل: إذا حلم فلسطيني بعملية في الليل، يعتقله الجيش في الصباح.
«كما لو أننا في حالة حرب حقيقية» تقول أخصائية نفسية إسرائيلية، ويقول صحافيون إسرائيليون: يجب أن ننتصر أولاً، ثم نرى ماذا سنفعل!
ماذا تفعل إسرائيل لتنتصر؟ شددت العقوبة على استخدام الحجر سلاحاً، ووضعت مكعّبات اسمنت وجدراناً بين أحياء القدس، وصارت تعليمات فتح النار للجنود مرخيّة جدّا، بما فيها القتل لمجرد الاشتباه بنيّات الشبّان، أو لأنهم إسرائيليون يبدون كفلسطينيين!
لا جديد في أسلحة الحجر والسكين والدهس، لكن المستجد أن الثالثة غير الثانية غير الأولى، وأن البؤرة هي القدس.