شهدت الجزائر حالة من الجدل في الأوساط السياسية والشعبية، بسبب الفراغ الدستوري الناتج عن غياب الرئيس عبد المجيد تيبون عن البلاد، حيث يُعالج في ألمانيا جراء إصابته بفيروس كورونا، دون تفويض بديل لإدارة شؤون البلاد.وعلى الرغم من مرور 12 يوماً على الإعلان المذكور، لم يعود تبون "75 عاماً" إلى البلاد، كما أنّ السلطات الجزائرية لم تصدر أيّ بيانات تفيد بعودته، أو تُحدد موعداً رسمياً لها.
وقال أستاذ القانون الدستوري في "جامعة الجزائر" رضا دغبار: "إنّ الرئيس لم يتمكن من ممارسة مهام منصبه منذ أكثر من 45 يوماً، بسبب مرضه الذي يجمع الكل على خطورته، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية".
وبيّن دغبار في حديثه لقناة "الشرق" أنّ المادة 102 من الدستور توجب على المجلس الدستوري أنّ يعقد اجتماعاً بمجرد علمه أنّ رئيس الجمهورية لم يعد بإمكانه ممارسة المهام، لكن المجلس لم يجتمع حتى اليوم.
وتابع: "المادة 102 من الدستور الجزائري تنص على أنّه إذا استحال على رئيس الجمهوريّة أنّ يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوباً، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع، ويُعلِن البرلمان، المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معاً، ثبوت المانع لرئيس الجمهوريّة بأغلبيّة ثلثي أعضائه، ويكلّف بتولّي رئاسة الدّولة بالنّيابة مدّة أقصاها 45 يوماً رئيس مجلس الأمّة، وفي حالة استمرار المانع بعد انقضاء 45 يوماً، يُعلَن شّغور المنصب بالاستقالة وجوباً".
وأضاف دغبار: "هناك خرق واضح لأحكام الدستور، والمؤسف أنّه صدر من أكبر هيئة موكلة بحمايته بحسب نص المادة 182 منه"، مُشيراً إلى أنّه يتوجب على المجلس الدستوري أنّ ينعقد في ظل إشكالية مختلفة عن التي كان يجب عليه التصدي لها لو انعقد قبل 45 يوماً.
واستكمل: "سينعقد الآن بالضرورة لكنّ ستُطرح عليه إشكالية حول ما إذا كان سينعقد من أجل أنّ يقترح على البرلمان بغرفتيه التصريح بثبوت المانع للرئيس، أم ينعقد من أجل أنّ يقترح على البرلمان التصريح بشغور منصب الرئيس باستقالة تبون على اعتبار أنّ المانع قد حصل منذ أكثر من 45 يوماً؟".
وأردف: "نحن لا نملك خياراً آخر من الناحية الدستورية، يتوجب على المجلس الدستوري أنّ يعلن الآن، أو يقترح على البرلمان إعلان شغور منصب رئيس الجمهورية واستقالة تبون وجوباً".
من جهته، أكّد البرلماني والناطق الرسمي باسم "حزب التجمع الوطني الديمقراطي" الصافي لعرابي، على أنّ هيئة الحزب تحترم النصوص التي تسيّر البلاد وعلى رأسها الدستور.
ولفت إلى أنّه بالرجوع إلى بيانات رئاسة الجمهورية المطمئنة، فإنّ الرئيس تبون يتماثل للشفاء وسيعود إلى أرض الوطن قريباً، كما أنّ الرئيس لن يخرق الدستور في ظل غياب ملف طبي يثبت عجزه.
واستطرد: "تمر الجزائر بظرف دولي وإقليمي وداخلي حساس، وإذا ثبت مرض الرئيس تبون فإن الديمومة للمؤسسات".
من جانبه، رأى النائب ورئيس حزب صوت الشعب أمين عصماني، أنّ المادة 102 من الدستور فاقدة للأهلية لأنّ الجزائر بصدد تطبيق دستور جديد أقره المجلس الدستوري.
وقال عصماني لـ"الشرق": "نحن في انتظار عودة الرئيس شفاه الله، كما أنّ مدة غيابه لم تكمل بعد 45 يوماً، قياساً على بيان الرئاسة الصادر في 3 نوفمبر، الذي أعلن صراحة إصابته بكورونا"، مُنوّهاً إلى أنّ الطبقة السياسية الجزائرية، حريصة على تطبيق القانون واحترامه، وتبقى البلاد واقفة بمؤسساتها، وقادرة على تجاوز أيّ أزمة.
بدوره، أشار الخبير الدستوري علاوة العايب، إلى أنّ الحديث عن تطبيق المادة 102 من الدستور سابق لأوانه، لأنّ الرئيس يتماثل للشفاء.
وختم العايب حديثه، بالقول: "لا يمكننا إصدار أحكام قطعية، نظراً لعدم ثبوت عجز الرئيس، علماً أنّ الدستور يعتمد على وقائع وليس فرضيات، كما أنّ الملف الطبي للرئيس لم يصدر بعد، ولم يقر بعدم قدرته على استئناف مهامه".
يُذكر أنّ الرئاسة الجزائرية، أعلنت إصابة تبون بفيروس كورونا في الثالث من شهر نوفمبر الماضي، وتم نقله إلى ألمانيا للعلاج في أحد المستشفيات المتخصصة، وفي اليوم الـ30 من الشهر ذاته غادر المستشفى بعد تلقيه العلاج.