التطبيع في نسخته الإسرائيلية: يا محتلي العالم، اتحدوا !

حجم الخط

بقلم: ميخائيل سفارد

 


احتلال. آلاف عديدة من أبناء الشعب المحتل هم لاجئون في دول المنطقة. المنظمة التي تمثل الواقعين تحت الاحتلال هي منظمة خارجة على القانون، والكثير من النشطاء فيها موجودون في السجون. منذ عشرات السنين تقول منظمات حقوق الإنسان الدولية إن حرية التعبير لمعارضي النظام في المناطق المحتلة مقيدة، وأن النشاطات من اجل الاستقلال تعتبر تآمراً. المحتل اقام مستوطنات في المنطقة المحتلة، ونقل الآلاف من مواطنيه اليها. تظاهرات ضد الاحتلال والمستوطنات ومن اجل الاستقلال تواجه بقوة ضخمة، ومنها استخدام الرصاص المطاطي، ومن ينظمونها يتم سجنهم. وحتى نشطاء حقوق الانسان من الشعب الواقع تحت الاحتلال الذين يعملون من اجل المحتلين هم هدف للتحريض ونزع الشرعية. حكومة المحتل تستخدم الوسائل الرقمية التي تطورها شركة السايبر الإسرائيلية «ان.اس.أو» من اجل متابعة منتقديها. في احدى المواجهات العنيفة التي حدثت بين المحتلين والواقعين تحت الاحتلال قام الجيش المحتل بقصف مناطق مدنية بالفوسفور الابيض، ورفع علم وطني للواقعين تحت الاحتلال ممنوع حسب القانون، وهو يوفر ذريعة للاعتقال. وحتى أن المحتل اقام جدار فصل بطول مئات الكيلومترات داخل الاراضي التي يدعي المحتلون بأنها أرضهم.
قولوا مرحبا للصديقة الجديدة لإسرائيل: المغرب.
يصعب أن نتوقع من دولة مثل إسرائيل، التي تحتل شعبا بنفسها وتحرمه من حقوقه الاساسية وتمتص ارضه وتسخرها لحاجاتها، أن تتصرف بتعاطف مع أناس آخرين تم احتلالهم، خاصة أنهم يوجدون غرب الصحراء. من سمع عنهم أصلا، عن القبائل الرحالة (ربما شبه رحالة) هناك في الصحراء؟ كيف أصلا يسمونهم؟ صحراويون؟ لا. الإسرائيليون ينامون جيدا مع احتلالهم، ولهذا ليس هناك أي سبب للافتراض بأن نومهم سيطير من عيونهم لأنهم ساعدوا في ترسيخ احتلال آخر. خاصة احتلال بدو في افريقيا.
اليوم تقف إسرائيل في طليعة جبهة اعادة العالم الى ما قبل الحرب العالمية الثانية. هي تريد محو العبر التي استخلصتها الانسانية من حربين قتل فيهما عشرات ملايين الاشخاص، وهي عبر تم تضمينها (جزئياً أو بشكل كامل بالطبع) في القانون الدولي الحديث. العبرة الرئيسية، أن استخدام القوة في العلاقات الدولية أمر مرفوض (باستثناء الدفاع عن النفس)، والتي تم تضمينها في ميثاق الامم المتحدة وتم تعزيزها بمبدأ أنه لا يتم امتلاك السيادة بالقوة. لهذا، العالم لا يعترف بسيادة روسيا في شبه جزيرة القرم. ولهذا العالم لا يعترف بسيادة إسرائيل في شرقي القدس وهضبة الجولان. ولهذا العالم لا يعترف بسيادة المغرب في الصحراء الغربية.
الآن، في أواخر عهد الرئيس الأميركي الذي يؤمن بالداروينية الاجتماعية من النوع المتوحش جدا، إسرائيل تساعده على المس بهذا الجوهر للقانون الدولي. حدث هذا عندما كانت إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي اعتبرت ديمقراطية وأقامت علاقات تجارية مع نظام الابرتهايد في جنوب افريقيا. بهذا فقد أدى ذلك الى استمرار النضال ضد العنصرية الممأسسة. يحدث هذا أيضا في السنوات الأخيرة، حيث مقابل المس بالنضال الفلسطيني من اجل الحرية نقوم بعقد تحالفات مع انظمة استبدادية في العالم، وبهذا نمنح المزيد من الدعم لأفول الديمقراطية. وهذا حدث ايضا، الاسبوع الماضي، عندما جندنا نفوذنا في واشنطن من اجل تحطيم حاجز عدم الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية مقابل رحلات طيران مباشرة الى الرباط أو الدار البيضاء.
اجل، توجد لإسرائيل مصالح، واحياناً مصالحها يجب أن تتفوق على مصالح الآخرين، لكن ايضا يجب أن تكون لنا خطوط حمر. المشكلة هي أنه عندما نتعمق في الظلم الذي نلحقه بالآخرين ونرفض وقفه، لا يكون أمامنا خيار سوى الانضمام الى تحالف المستبدين الآخرين في العالم. هكذا هو التطبيع بالنسخة الإسرائيلية: يا محتلي العالم، اتحدوا.

 عن «هآرتس»