خطأ تكتيكي في السلام مع المغرب

حجم الخط

بقلم: إسحق ليفانون


إن الرابح الأكبر من استئناف­ العلاقات الدبلوماسية مع المغرب هو الملك محمد السادس.
كما أن الرابح الأكبر من الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية هو الملك. فالحماسة الظاهرة في البلاد للاستئناف الرسمي للعلاقات مع المغرب مفهومة بسبب حقيقة أن الحديث يدور عن المغرب وعن كل ما تمثله لمئات آلاف الإسرائيليين الذين تعود أصولهم إلى هذه الدولة الخضراء والجميلة. لقد كانت لنا علاقات رسمية مع المغرب في منتصف التسعينيات، وكمن كان مسؤولاً عن تطوير العلاقة المتبادلة، زرت مرات عديدة بل وكنت ضيفا، مع وزير الخارجية في حينه إيهود باراك في قصر الملك الحسن الثاني.
ليس عندي إلا ذكريات لطيفة عن ذاك العهد.
ودون المساس بفرحة العلاقة المتجددة، ينبغي تبريد الحماسة إلى مستوى النظرة السلمية إلى الواقع.
وكما أسلفنا، فإنه رغم العلاقة الخاصة التي تتواصل منذ سنوات عديدة بين الدولتين، وتضمنت التعاون في كل المستويات بما فيها تلك الحساسة يجدر بنا أن نتذكر أنه مع اندلاع الانتفاضة الثانية، لم يتردد الحسن الثاني والد الملك الحالي في قطع العلاقة معنا وإغلاق مكاتب المصالح والممثليات في إسرائيل. في حينه بدا لنا هذا كذريعة.
أما في الجولة الحالية، والتي تختلف جوهرياً عما كان في التسعينيات، بعد اتفاقات أوسلو، فليس واضحاً لي لماذا لا نزال نتحدث عن فتح مكاتب مصالح ونترك فتح السفارات إلى المستقبل. فمقابل استئناف العلاقات الدبلوماسية اعترفت الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
هذه خطوة في غاية الأهمية للمغرب، توجب خطوة موازية من جانبه، علاقات علنية، وبمستوى السفارات، معنا.
أما محاولة استخدام اصطلاحات مختلفة للتملّص من الموافقة الصريحة على فتح السفارات – فتثير العجب.
إن الربط الذي بات علنياً بين الاعتراف بالصحراء وبين استئناف العلاقة مع إسرائيل هو في نظري خطأ تكتيكي واستراتيجي أيضاً.
فالصحراء الغربية تشكل جزءا من نزاع مغربي داخلي ليس لإسرائيل أي صلة به.
وكان من الأفضل أن يُبقينا خارجه. وكان يمكن لقادتنا الذين عالجوا الموضوع أن يطالبوا بأن تتم الأمور بشكل منفصل وعلى دفعتين: الدفعة الأولى تكون استئناف العلاقات وبعد شهر من ذلك الاعتراف بالسيادة المغربية.
وظاهراً على الأقل كان يمكن القول إنه لا توجد صلة بين الأمرين وليست مهمة التفاهمات السرية التي توصلت إليها كل الأطراف.
إن الصحراء الغربية هي في روح المغرب. والنزاع لم يحل بعد. توجد فرصة ويوجد احتمال في أن يستأنف العنف هناك.
فماذا ستفعل إسرائيل إذا ما طلب منها الملك أن تؤيد في الأمم المتحدة موقف المغرب في هذه المسألة؟ سيتعين على لجان وزارة الخارجية عندنا أن يجدوا صيغة إنقاذية تسمح لنا بأن نأكل الكعكة ونبقيها كاملة.
وأنا أثق بهم. لا ثقة في أن تسير دول في العالم في أعقاب القرار الأميركي، والكثير منها بالتأكيد ستفضل أن ترى ما سيكون عليه موقف الرئيس جو بايدن.
والقليل الذي يمكن قوله هو أن مسألة الصحراء هي ليست في رأس اهتمام بايدن.
ما يوجد بالفعل في رأس اهتمامه، مثلما في رأس اهتمام الملك محمد السادس، هو المسألة الفلسطينية.
في الوقت الذي يتبقى للرئيس ترامب في البيت الأبيض على إسرائيل أن تصلح الخطأ وأن تصر على وجود علاقات دبلوماسية على المستوى الأعلى وعلناً.
لقد حصل الملك على ما طلبه في الصحراء ويمكنه أن يثيبنا بالاستجابة لمطلبنا.

عن «معاريف»