بقلم: يوسي فيرتر
في الجلسة الأسبوعية لحزب الليكود يشترك عادة وبشكل دائم ضيف مقبول، يهودا غليك. الجنجي الأكثر شهرة في الدولة، ورمز حركة تطالب بالسماح لليهود بالصلاة في الحرم واقامة «الهيكل» من جديد. غليك بعيد خطوتين عن مقاعد الكنيست.
بالنسبة للاسرائيلي العادي فان غليك حبيب ولا يضر. بالنسبة للفلسطينيين هو من المبشرين بالفوضى والسيطرة على الحرم وتغيير الوضع القائم. وهذا ما دفع إلى محاولة قتله عشية الانتخابات الأخيرة.
يستطيع غليك أن يحسن من فرصه بأن يكون عضو كنيست «القانون النرويجي الصغير»؛ تشويه وخداع اسرائيلي لطريقة الحكم في النرويج المتحضرة. كل ما هو مطلوب هو أن يستقيل وزير من «الليكود» من الكنيست من أجل دخول امير اوحانا الى الكنيست لأنه موجود على القائمة. يبدو ان هذا لن يحدث، حيث إن بنيامين نتنياهو قلق من امكانية دخول عضو كنيست آخر ليتحول موضوع الدخول الى الحرم الى جزء من حزب سلطة. وبعد ان تخلص من موشيه فايغلين يأتي نبي آخر لبناء «الهيكل» بسرعة في ايامنا، حيث سيحصل على غليك. الا تكفيه ميري ريغف وتسيبي حوتوبيلي؟ هذا هو سبب عدم تلهف نتنياهو منذ البداية الى تعديل القانون. لقد اضطر الى الخنوع لمطلب «البيت اليهودي». طالما أن الامر مرتبط به، فقط قوة عليا مثل زيارة مزدوجة لملاك الموت في الحزب تسمح لغليك بالدخول الى الكنيست. غليك مثال واحد لظاهرة تتسع في السياسة الاسرائيلية بالذات في العامين الاخيرين وبشكل اخف في المرحلة الحالية للكنيست: اصبح الهامش هو المركز. وتحول المتطرفون الى وزراء. في فترة من الفترات كان هذا فقط غرشون سلمون رئيس حركة «امناء جبل الهيكل» ومجموعة من المؤيدين، واليوم سيطر «امناء جبل الهيكل» على أجزاء كبيرة من الكنيست والحكومة، وعلى «الليكود».
كان أولهم فايغلين الذي انتخب للكنيست في قائمة «الليكود» في العام 2013. وتحول الحرم الى اجندة يومية. رئيس لجنة الداخلية في حينه، عضو الكنيست ميري ريغف، لم تكف عن ازعاج الشرطة بموضوع الحرم، حيث اعتبر فايغلين غريبا، واعتبرت ريغف دائمة الصراخ. في هذه الحقبة تفجر السد: عينت ريغف وزيرة. آييلت شكيد من «البيت اليهودي»، التي تحدثت قبل عام عن حق اليهود في الصلاة في الحرم، أصبحت وزيرة العدل. واوري ارئيل من حزبها المسيحاني هو زائر دائم للحرم. الوزير زئيف الكين من «الليكود» شوهد وهو يتجول في الحرم مع زوجته وعربة طفل. بالنسبة للفلسطينيين هؤلاء هم رموز السلطة والاصوات الرسمية لحكومة اسرائيل.
اكتشفنا، هذا الاسبوع، ان حوتوبيلي لها حلم مثل مارتين لوثر كينغ ولكن بشكل عكسي. في مقابلة مع نحاما دويك في قناة الكنيست اعترفت ان حلمها هو رفع علم اسرائيل في الحرم. وهو حلم الكابوس لدولة اسرائيل والشرق الاوسط ككل. لم تمر ساعة حتى غضب نتنياهو. وطلب من نائبة الوزير ان تغلق فمها وعدم اشراك شعب اسرائيل بما يدور في مخيلتها. وقد انصاعت حوتوبيلي. ونشرت بيانا توضح فيه انها خضعت لطلب رئيس الحكومة بعدم احداث اي تغيير في الوضع القائم في الحرم. وقالت إنها لن تتنازل عن حلمها. ان هذا أمر شرعي مثلما ان حلم الفلسطينيين بان تكون القدس عاصمتهم هو أمر شرعي.
طالما اننا نتحدث عن الاحلام، شاهدنا، هذا الاسبوع، أن لدى عضو الكنيست يانون مجيل من «البيت اليهودي» احلاما كهذه. في خطابه في الكنيست تحدث عن هدفين خاصين له: ان يستطيع اليهود الصلاة في الحرم قريبا، وان يتم بناء «الهيكل» هناك، وبالسرعة الممكنة. لقد أحضر مجيل الى الحزب من قبل نفتالي بينيت ووضع في مكان مضمون لانتخابات الكنيست، كوجه علماني معتدل. وتحول هو فجأة الى مبشر، وهو ايضا يريد أن يرى «الهيكل» منتصبا بدلا من المسجد الاقصى. ونحن بسذاجتنا اعتقدنا انه يطمح في أمور مختلفة.
في الانتخابات القادمة سيكون مجيل على رأس القائمة. سيكون عليه الذهاب في الايام والليالي والتجول بين مستوطنات الضفة والمعاهد الدينية ليضمن مرحلة اخرى. وعليه ان يغير صورته. واذا تطلب الامر ان يتبنى موضوع «الهيكل» فليكن.
بعد أن اقنعنا انفسنا ان موضوع الحرم هو تحريض كاذب وانه لا اساس له من الصحة من الاجدر أن ننظر الى المرآة للحظة. الغضب والتشكك والعنف الفلسطيني هو الى حد كبير بسببنا. لا يوجد فلسطيني واحد يصدق ان ارئيل او حوتوبيلي يتعرضون للضرب من قبل نتنياهو بسبب الحرم. وعندما يسمع الفلسطينيون صباح مساء اعضاء الكنيست والوزراء ونواب الوزراء واعضاء في الائتلاف يتحدثون عن الحرم، الحرم، الحرم، فانهم يعتقدون انهم يتحدثون من حنجرة نتنياهو وان الوضع القائم سيتغير باي لحظة.
إرخاء الرسن
وجد قدماء الكنيست وزوارها الدائمون صعوبة في تذكر خطاب سياسي وفظ وغير رسمي الى هذا الحد ألقاه رئيس المعارضة من اليسار، في الجلسة السنوية لذكرى اسحق رابين. يتسحاق هرتسوغ لم ينزع القفازات فقط بل تهجم مرة وراء الاخرى على نتنياهو. وكأنه ترك الرسن لأنه لا يوجد ما يخسره. وربط بشكل مباشر بين التحريض الذي قام به نتنياهو واصدقاؤه في حينه وبين القتل.
«انتم قلتم عنه خائن، وكأنكم لم تسمعوا عندما قالوا عنه خائن»، «انتم الذين وقفتم على الشرفة في كيكار تسيون في القدس في ذروة التحريض ضد اتفاقيات اوسلو وضد رابين في تشرين الأول 1995 قبل عملية القتل بشهر، نتنياهو هو السياسي الوحيد الذي جلس، هذا الاسبوع، في القاعة.
كان رابين يتحمل المسؤولية، قال هرتسوغ. «انت يا نتنياهو كل أعمالك وكل خطاباتك وقراراتك مليئة بالخوف العميق. مقارنة بمن تحمل المسؤولية. حاول اسحق رابين اخراج المناطق من اسرائيل... حاول رابين وانتم كنتم على الشرفة، سمعتموهم يقولون عنه خائن، وعندها جاءت الرصاصات الثلاث وقتل اسحق رابين».
سألت هرتسوغ ما الذي مر عليه. قال: «قبل عام تحدث بيبي في جبل هرتسل عن ايران. ولم يتحدث كثيرا عن رابين. وقلت لنفسي ان هذا لا يمكن ان يستمر، وآن الاوان لقول الحقيقة. ونزع الاقنعة. ولم أعرف ان نتنياهو سيقول في لجنة الخارجة والامن اننا سنعيش الى الابد على حد السيف. في الايام الصعبة ما كان بن غوريون وليفي اشكول ليقولا لهذا الشعب ان عليه العيش على حد السيف الى الابد. اردتُ تقديم بديل. بيبي يأخذنا الى متسادا. هذا هو طريقه وقد مللت التجول منذ عشرين عاما والاعتذار لأن رابين حاول فصلنا عن الفلسطينيين».
عن «هآرتس»